إدارة دولة في حجم مصر بملايينها الثمانين يختلف بكل تأكيد عن إدارة مدرسة ابتدائية فيها خمسمائة طالب وطالبة مثلا ، هذا ما يدركه أي مواطن عادي بدون حاجة إلى تفاصيل أو اجتهادات أو خبرات ، الوحيدة التي لا تعرف هذا الأمر أو بالأحرى لا تعترف به هي حكومة الدكتور أحمد نظيف "الذكية" ، كان هناك جدل لا ينتهي حول جدوى تقسيم الزمن في بر مصر إلى توقيت شتوي وتوقيت صيفي ، ولم يقدم أي مسؤول تبريرا عقلانيا للأمر سوى الاعتماد على أنه القرار أو القانون رقم كذا الصادر بتاريخ كذا ، وكأنه أصبح جزءا من دستور ثورة 23 يوليو ، وحتى الدساتير تتغير وتتعدل ، ولكن هذه التقليعة لا يقبلون المساس بها ، حسنا ، قبل عدة أسابيع قالوا أنهم سوف يعيدون العمل بالتوقيت الشتوي ابتداء من أول يوم في رمضان تخفيفا على الناس فيما يبدو ، وإذا كانت حكومة السعد تعرف أن العمل بالتوقيت الشتوي الدائم فيه تخفيف على الناس فلماذا لا تعمل به بقية السنة دون فذلكات فارغة ، ولماذا يستثنون الشهر الفضيل من القانون كذا بتاريخ كذا!! ، وهل هناك نص أو ملحق بهذا القانون يقول أنه إذا صادف شهر رمضان جاز العودة إلى التوقيت الشتوي ، المهم أن الملهاة لا تنتهي عند هذا الحد ، وإنما استكمالا للتهريج تقرر العودة إلى التوقيت الصيفي بنهاية شهر رمضان ، وعلى الناس أن تعيد ضبط ساعاتها البيولوجية ونظام حياتها بعد ذلك ، رغم أن ما يتبقى على الزمن الطبيعي لعودة التوقيت الشتوي الجديد بعد رمضان هو شهر واحد أو أقل من شهر ، فهل هناك معضلة كبيرة أو أزمة كبيرة ستقع في البلد إذا تم تكملة التوقيت الشتوي من بعد رمضان لمدة الشهر الباقي حتى ينتظم الناس في حركتهم ، بدلا من التوجيهات السامية كل عدة أسابيع بضرورة تأخير الساعة ثم التوجيهات السامية الجديدة بتقديم الساعة ، أربع مرات في عام واحد ، وكأننا نلهو أو نجرب في مؤسسات الدولة وحياة الناس ، ومسألة تعديل التوقيت تتسبب في ربكة لا يمكن إنكار وقوعها في حياة الأفراد ومواعيدهم تمتد أحيانا لمدة أسبوع على الأقل وتتسبب في مشكلات وضياع مواعيد واهتزاز في بعض الأعمال حتى تستقر الأمور ويستوعب الناس التغير الجديد وينضبطون على أساسه ، وهذا يعني أن هناك شهرا كاملا في هذه السنة يتم فيه إهدار جهود كبيرة في الدولة وإرباك حياة مواطنيها بسبب هذا التلاعب في التوقيت بدون أي مبرر علمي أو منطقي يصر على قانون أو عادة تجاوزتها دول أخرى من سنوات بعيدة بعد اكتشاف عدم جدواها ، فهل إضاعة جهد شهر كامل أو نسبة كبيرة من الجهد فيه لا قيمة لها عند "الحكومة الذكية" ، ويا ترى هل تنعكس هذه النسبة الضائعة على الأرقام العاطفية التي يتم إعلانها في صحف الحكومة كل عدة أشهر عن معدلات النمو المتزايدة ، أم أن حكومة السعد تدرك أنه "مش فارقة" ضياع شهر أو حتى شهرين ، لأن المواطن المحبط والمهمش والمغبون في الغالب لا يعمل بأكثر من جهد يوم واحد في الأسبوع ، لماذا لا تفكر الحكومة في طرح فكرة التوقيت الشتوي والصيفي في استفتاء عام لاستطلاع رأي المواطنين فيه ، أو على الأقل عمل استبيانات علمية جادة لمعرفة رأي الناس في هذا الموضوع ، ولماذا لا تنعقد مؤتمرات علمية متخصصة لمعرفة رأي الخبراء في موضوع كهذا يمس ملايين المواطنين وخاصة الطلاب والموظفين وأصحاب المصالح الرسمية ، على الأقل اهتموا به مثل الاهتمام بختان الإناث وسن الزواج للفتيات ، أم أنه من الضروري أن نتوجه بهذا الرجاء إلى السيدة حرم الرئيس لكي نجد في الدولة أذنا تصغى له . [email protected]