أفتت لجنة الإفتاء بالأزهر الشريف ببطلان ما أقدم عليه محافظ السويس اللواء محمد سيف جلال ببيع مسجد "الرحمة" بمدينة السويس الذي يعود تاريخ إنشائه إلى حوالي ستين عامًا لأحد المستثمرين من أجل هدمه واستغلاله في إقامة مشروع استثماري بدلاً منه- وهي الواقعة التي انفردت "المصريون" بنشر تفاصيلها- مؤكدة أنه لا سلطان له على المسجد، وأنه لا يحق له تحويله من مكان يعبد فيه الله، للانتفاع به لأي غرض آخر بخلاف ما خصص له، وإلى أن تقام الساعة. الفتوى التي حصلت "المصريون" على نسخة منها تحمل توقيعات أعضاء لجنة الفتوى، وهم: الشيخ شوقي عطية، الشيخ ناصف عبد الحفيظ، الشيخ صلاح السيد محمد، الشيخ سليمان الصياد، تستند إلى العديد من الأدلة الواردة بالقرآن والسنة في التدليل على حرمة التصرف في بيوت الله بالبيع، ولأن الملكية للفرد للمسجد تزول باستغلاله كمكان للعبادة، وهو ما لا يجوز معه التصرف فيه بأي وجه من الأوجه. وحملت الفتوى الدعوة إلى محافظ السويس من أجل التوقف فورًا عن إتمام البيع، لما يشوبه من بطلان، محذرة إياه من مغبة تحدي شرع الله بقراره، الذي يعد تخريبًا لبيت الله، وتعديًا على حرمته، عبر تحويل المسجد عن الهدف الأساسي من إقامته وهو ذكر اسم الله، وشددت على ضرورة إزالة أي تعديات أو عبث من قبل المحافظ أو المستثمر، وحثت المتورط في ذلك على أن يتقي الله ويتوقف عن صنيعه. وفيما يلي نص الفتوى: بسم الله الرحمن الرحيم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون [النحل : 43] ورد إلى لجنة الفتوى السؤال التالي من الحاج / حافظ سلامة ، من ناحية السويس ت : 0623224055 يسأل ويقول : قامت محافظ السويس ببيع أرض مقام عليها مسجد وهو مسجد الرحمن بشارع أحمد شوقي بالسويس . والمسجد مساحته 220 متر ، وتقام فيه الصلوات الخمس والجمع وبعض النشاطات ، منذ ستين سنة تقريبا ، والمشتري يريد اغتصاب أرض المسجد لضمها إلى البرج الذي سوف يقيمه ، ما حكم الشرع في الأرض المقام عليها المسجد ، هل هي ملك للمحافظة تتصرف فيها بما تشاء ، أم هي ملك لله ؟ الإجابة: الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن ولاه وبعد فتفيد اللجنة بأن المسجد : اسم المكان السجود ، وهو المكان الذي أعد للصلاة ، والمساجد بيوت الله في أرضه ، قال تعالى : {في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال} [النور : 36] ، وقال تعالى : {وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا} [الجن : 18] . فإذا بني المسجد وأقيمت فيه الصلاة فإن الملكية للأفراد زالت بمجرد ثبوت المسجدية ، فلا يجوز ولا التصرف فيه ، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال أبو بدر وهو شجاع بن الوليد أراه قد رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم [إن الحصاة لتناشد الله الذي يخرجها من المسجد ليدعها] أخرجه أبو داود . وفي هذا إشارة إلى منع الاستيلاء على شيء من موجودات المسجد ، وكذلك أرضيتها ، وقد اتفقت كلمة الفقهاء على أن المسجد لا تزول عنه صفة المسجدية ما دام أقيم ليكون مسجدا ، فيبقى أبدا إلى قيام الساعة ولا يعود بالاستغناء عنه إلى ملك واقفه ولا إلى ورثته ، لأنه أصبح في ملك الله ، فانتقل من ملكية العباد إلى حكم ملكية رب العباد ، لأنه بمجرد الإذن بالصلاة في المسجد يكون وقفا خارجا عن ملك بانيه ، فالمسجد القائم والمعمور بالمصلين لا يجوز العدول به إلى ما يخالف المقصود من إقامته بل يظل مسجدا من الأرض إلى السماء إلى قيام الساعة ، ومن ثم لا يجوز استغلال المسجد بالبناء عليه للأشخاص ومن فعل ذلك يعد عملا باطلا شرعا ، ويجب إزالته وعلى صاحب البناء أن يتوقف فورا عن ذلك ويتقي الله ويخشاه . وفي الفقه الحنفي : أن المسجد إذا خرب ولم يكن من يعمر به وقد استغنى الناس عنه لبناء مسجد آخر ، أو خرب ما حوله واستغني عنه يبقى مسجدا كما هو إلى قيام الساعة ، وعليه فيجب بقاء المسجد كما هو لقوله تعالى : {وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا} [الجن : 18] . ولا يجوز البناء عليه للسكنى لأن الأرض منذ البداية خصصت للمسجد فقط . هذا إذا كان الحال كما ورد بالسؤال والله أعلم .. أعضاء اللجنة : 1 الشيخ / شوقي عطية 2 الشيخ / ناصف عبد الحفيظ 3 الشيخ / صلاح السيد محمد 4 الشيخ / سليمان الصياد