حتى الآن لا نعرف سببا "مقنعا" جعل لجنة ال"10"، تقرر أن إجراء الانتخابات البرلمانية على النظام الفردي..هو "الأنسب" لمصر! اللجنة لم تفصح عن تفاصيل تقنعنا، لم هو النظام الأنسب؟!.. واكتفت بقولها إن قرارها اتخذ بناء على "رغبات" القوى السياسية.وهو كلام مدهش، لأن عبارة "القوى السياسية" كلمة فضفاضة، ولا نعرف ما إذا كانت أحزابا أم جماعات سياسية غير منظمة. ويبدو لي أن عبارة "القوى السياسية"، استخدمت بعناية، وذلك للمناورة وللتحايل على الأسئلة التي ستطرح بالتأكيد بشأن هذا المقترح المثير والمريب في آن واحد.الأكثر دهشة، أن التيار المتطرف داخل جبهة الإنقاذ ممثلا في اليسار الناصري، هو الذي يدافع باستماتة عن هذا المقترح، ليس فقط من خلال الشخصيات الناصرية التنظيمية "الحزبية" سواء في العربي الناصري "سامح عاشور" والكرامة "حمدين صباحي".. وإنما أيضا حركة "تمرد" التي وفرت الغطاء الشعبي يوم 30 يونيو، لتدخل الجيش ضد الرئيس الإخواني "المنتخب".. وهي حركة "ناصرية" تحتفظ بعلاقات لا زالت محل جدل، مع أجهزة متنفذة بالدولة. عندما نسمع من قوة سياسية معينة، تبنيها للنظام الفردي، فإن ذلك يعني أنها تملك الظهير الجماهير والشعبية التي تستند إليها في الفوز بمقاعد في البرلمان بدون الحاجة إلى نظام القائمة الذي يسمح للأحزاب الصغيرة بدخول مجلس الشعب، على أكتاف أحزاب جماهيرية أكبر.. وهذه هي المفارقة التي تثير الكثير من الشكوك بشأن هذه المادة على وجه التحديد، لأن التيار الناصري الذي يقف وراءها بقوة لا يستطيع الفوز بمقعد واحد بمفرده، وبدون "تسريبه" عبر قائمة تضم مرشحين ينتمون إلى قوى تملك قواعد اجتماعية كبيرة، وقادرة على الحشد المنظم خلف مرشحيها. فعلام يراهن الناصريون؟! من المعروف أنه ليس في مصر قوة قادة على دخول البرلمان وفق النظام الفردي سوى القوى المالية الطفيلية التي كونت إمبراطوريات مالية وإعلامية متوحشة، بالتحالف مع الفساد الإداري والدعم الأمني في عصر الرئيس الأسبق حسني مبارك.. وهي القوة التي تمثل رأس حربة "الثورة المضادة" وشاركت بقوة في إزاحة الرئيس المعزول محمد مرسي، وحاملة البصمة الوراثية لدولة مبارك الأمنية، وهي الآن باتت جزءا من النظام الجديد الذي ورث الإخوان في الحكم. ما يعني أن البرلمان القادم، حال اعتمد النظام الفردي، سيفضى حتما إلى عودة برلمان مبارك وفتحي سرور، وهي عودة "خطرة" ستواصل سن التشريعات والقوانين التي تخدم على رجال أعمال مبارك، وقد تمضى نحو توظيف سلطتها لوضع منظومة تشريعية قمعية تؤمن مستقبلها السياسي ومصالحها الاقتصادية من أية احتجاجات مستقبلا تشبه ثورة 25 يناير. لا يمكن بحال تفسير هذا الإصرار الناصري على إجراء الانتخابات وفق هذا المبدأ، إلا من خلال البحث عن علاقة "ما" أو قل "صفقة" غير مفهومة تم الاتفاق عليها بين "الناصريين" و"الفلول" بموافقة مؤسسات القوة بطبيعة الحال من خلال قسمة أو ترضية تعيد هندسة النظام السياسي القادم، على النحو الذي يعيد الدولة إلى النموذج الذي بنيت عليه وفق رؤية جنرالات يوليو 52 واستمرت إلى نهاية حكم مبارك في 11 فبراير عام ..2012 ومع ذلك يظل البحث عن كيفية استفادة الناصريين من هذه الصفقة، وكيف سيتغلبون على عقبة "الفردي" التي يدافعون عنه.. وهو السؤال الذي قد يحتاج إلى مقال لاحق. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.