بمجرد تجولك بشارع وازقة حي منطقة بين السرايات تطالعك للوهلة الأولى ملامح المحال التجارية التى غلفتها الاتربة العالقة على ارففها وسط حاله من الكساد الكبير. وعلى بعد خطوات من شارع جامعة القاهرة المكتظ بالسيارات وخلف شريط المكتبات مدينة كاملة تكتظ بالسكان، وصورا لشهداء راحوا ضحايا لقضية لا ناقة لهم فيها أو جملا، فكل ما كان يعنيهم العيش بامان وسلام وضمان الرزق الحلال. البعض علق صورا للفريق اول عبدالفتاح السيسى على باب منزله وواجهة محله، وكأنهم يحتمون بها من أي محاولة للهجوم عليهم، بينما لا تزال اجواء الحزن تخيم على اهالى المنطقة ، التي شهدت أحداثا دامية، سواء فى الاشتباكات التى حدثت بينهم وبين مؤيدى جماعة الاخوان المسلمين، أو أحداث فض اعتصام ميدان النهضة. فعلى الرغم من مرور اكثر من شهر من فض الاعتصام، إلا ان سكان المنطقة لم يبدءوا بعد فى متابعة حياتهم بشكل طبيعى. إيهاب حسن صاحب إحدى المكتبات روى ل"المصريون" كيف تم اقتحام مكتبته وتكسير آلات الطباعة، خلال حادثة فض الاعتصام، مشيرا الى آثار طلقات الرصاص على جدران المكتبة. وقال إن أسرته لم تتعاف بعد من آثار الرعب التى عاشتها خاصة وأنهم يسكنون فى نفس المبنى الذى توجد به المكتبة . وأشار حسن إلى أضرارهم الاقتصادية الكبيرة على ما تكبدوه من خسائر فادحة، حيث لا يوال نزيفهم المادى مستمر، مضيفا أن أغلب الاهالى لم يتمكنوا بعد من فتح محالهم التجارية، فضلا عن ان اغلب زبائنهم لم يعودوا للتعامل معهم. الأمر ذاته، أكده احمد محمد عبدالعزيز صاحب إحدى "ورش الألوميتال" والذى يعمل فى تصنيع لوحات الدعاية والإعلانات، مشيراً إلى أن الأحداث أثرت عليه بشكل كبير نظرا لتخوف كافة زبائنه من زيارة المنطقة خوفا من تكرار ما حدث من اشتباكات. وأشار عبد العزيز أيضا إلى فاجعته فى أصدقائه الذين توفوا أو أصيبوا بعاهات مستديمة، فضلا عما لاقاه فى رحلته للبحث عن المفقودين بالمستشفيات وداخل إعتصام النهضة، مما أثر عليه وجعله غير قادرا على الإستمرار فى ممارسة الحياة بشكل طبيعى. واضاف عبدالعزيز ان كثيرا من اهالى منطقة "بين السرايات " لا زالوا يشعرون بالخوف الشديد من تكرار ما حدث خاصة مع بداية العام الدراسى الجديد وبدء الدراسة بجامعة القاهرة. بينما أكد عادل محمد صاحب احدى المقاهى بالمنطقة على انهم طوال فترة اعتصام النهضة كانوا ك"المخطوفين" ، موضحا انهم لم يعيشوا كغيرهم من المواطنين الاجواء الرمضانية الروحانية ولم يحتفلوا بالعيد نظرا لحالة الحزن التى خيمت عليهم نتيجة فقدانهم لابنائهم. اما شريف احد الناجين من مجزرة بين السرايات بعد ان اصيب بركبته ما ادى لإصابته بعاهة مستديمة افقدته القدرة على الحركة فقد جلس امام منزله صامتا. وحاولت "المصريون" وبعض اصدقائه إقناعه بالحديث إلا انه اعتذر فى خجل، موضحا انه يحاول نسيان ما حدث له .