قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إن معارضة الحكومة المصرية الشديدة للهجمات العسكرية الأمريكية المحتملة ضد نظام بشار الأسد في سوريا تعكس خوف حكام مصر الجدد من الثوار السوريين الذين يشكل الإسلاميون أغلبيتهم. وأضافت أن الحكومة التي جاء بها الفريق عبد الفتاح السيسي للسلطة هي الأكثر معارضة للتدخل العسكري في سوريا من أي حليف آخر للولايات المتحدة في المنطقة. وأشارت إلى أن السلطة الجديدة في مصر كسرت بذلك نمط التعاون الوثيق مع واشنطن الذي أظهره الرئيس المخلوع، محمد مرسي، وخلفه المعزول، محمد مرسي. وترى الصحيفة أن الضربة العسكرية الغربية لسوريا والتي تلوح في الأفق تضيف متغيراً جديداً لاضطرابات الشارع التي تشهدها مصر، فالتدخل العسكري الغربي في سوريا لا يحظى بأي شعبية وترفضه كافة الأطراف السياسية في مصر وخاصة القوى السياسية التي دعمت الإطاحة بمرسي، وهو ما يعني أن في حالة حدوث الضربات العسكرية فإن أعداد المتظاهرين في الشوارع المصرية قد تتفاقم ولن تقتصر على مؤيدي مرسي فقط ولكنها قد تمتد لتشمل "الجانب الآخر". وبحسب الصحيفة، فإن درجة المشاركة والعنف المحتمل في المظاهرات التي تشهدها مصر اليوم الجمعة ستشكل اختباراً مصيرياً لفعالية حملة القمع التي قادتها الحكومة الجديدة ضد مؤيدي الرئيس المعزول، محمد مرسي، خاصة ضد حلفائه من جماعة الإخوان المسلمين. وأوضحت أن قطع رأس جماعة الإخوان المسلمين كقوة تنظيمية جعل من الأصعب التنبؤ بحركة الاحتجاج في الشارع والسيطرة عليها مما يزيد من فرص وقوع عنف. وأشارت إلى أن الحكومة المصرية التي تعارض التدخل العسكري الغربي ضد نظام الأسد هي نفسها وقعت على بيان لجامعة الدول العربية يحمل نظام الأسد مسؤولية الهجوم الكيماوي على ريف دمشق. ولفتت الصحيفة إلى أن موقف مصر من التدخل الغربي في سوريا ليس سوى واحد من مؤشرات عديدة على تدهور العلاقات مع واشنطن، فمع انتهاء عمل السفيرة الأمريكية في القاهرة، آن باترسون، هذا الأسبوع أفردت صحيفة الأهرام الحكومية عموداً في الصفحة الرئيسية يتهم باترسون بالتآمر مع الإخوان المسلمين وإدخال المسلحين لمصر والتخطيط لقسم البلاد إلى دولتين على أن تكون محافظة المنيا عاصمة الدولة الجنوبية. وعلى الرغم من التزامها الصمت حيال افتراءات الإعلام الرسمي لسنوات، بعثت باترسون برسالة لصحيفة الأهرام وصفت فيها المقال بأنه "شائن" و "غير مهني تماماً" و "مضلل" و"مناف للعقل تماما وخطير". وقالت باترسون في رسالتها إن "هذا المقال ليس صحافة سيئة، هذه ليست صحافة من الأساس. إنه خيال يهدف للتضليل المتعمد للشعب المصري". من جانب آخر، تستمر حملة القمع التي تقودها الحكومة الجديدة حيث أعلن الجيش والشرطة أنهم سيستخدمون "القوة المميتة" ضد أي مظاهرات تهدد النظام العام. وتعهدت وزارة الداخلية في بيان رسمي باستخدام الذخيرة الحية "وفقاً لقوانين الدفاع المشروع عن النفس" حتى تتصدي لمحاولات تقويض استقرار الأمن العام. بدورها، أصدرت الحكومة بياناً أعلنت فيه أن قناة الجزيرة مباشر مصر تشكل "خطراً قومياً" وتعمل خارج إطار القانون، بعدما أغلق الجيش القنوات الإسلامية المعارضة للإطاحة بالرئيس مرسي، لتبقى القنوات الحكومية والخاصة المؤيدة للانقلاب العسكري وحدها المسيطرة على البث التلفزيوني. وأشارت إلى أن قناة "الجزيرة" هي الوحيدة التي تقدم تغطية مكثفة للمظاهرات التي تشهدها الشوارع المصرية في مختلف أنحاء البلاد. فيما استمرت حملة الاعتقالات ضد قيادات جماعة الإخوان المسلمين، حيث ألقت قوات الأمن القبض على القيادي محمد البلتاجي أحد آخر قادة الجماعة الهاربين، والذي وصفته الصحيفة بأنه من "المعتدلين" داخل الجماعة. وأكد مسؤولو جماعة الإخوان الذين لا يزالون طلقاء أن الاتصالات الداخلية بين أعضاء الجماعة انقطعت تماما بشكل يحد من قدرة الجماعة على التنظيم، خاصة أن معظمهم يتجنب استخدام الهاتف خوفاً من المراقبة ويتحركون بشكل مستمر لتجنب الاعتقال.