تالله ، إنها لإحدى الكبر ، أن يرفع المناضل الفلسطيني السلاح في وجه مواطنيه ، وأن يعادي حليف قضيته ، وأخيه .. فما يحدث بين فتح وحماس ، على عين الصهيوني ، الوسواس ، الخناس ، قد أصبح لشناعته حديث كل الناس ، وصدم بخطورته كل ضمير ، وكل إحساس . لقد انتصر الصهاينة وحلفاؤهم ، من حيث كان ينتظر إنكسارهم ، وهو الاتحاد ، وانهزم الفلسطينيون ، حين خانوا مبادئ شهدائهم من "أبي عمارهم" إلى "ياسينهم" حين استسلموا للفرقة والعناد . غاب عن إخواننا في فلسطين أن بطش التاريخ لشديد ، وأن التعصب الصهيوني وتكتل قوى الشر حوله سلاح شديد لا يفله إلا عزم الاتحاد وسلاح الحديد . اتحد أعداء القضية الفلسطينية على إحباط وحدة أنصارها ، فنجحوا ، وعلى تشويه صورة قادتها فأفلحوا ، وتفرق المقاومون الفلسطينيون ، وما وعوا أن في تفرقهم ضعف يقوي صفوف عدوهم كما غاب عنهم أن قوتهم تكمن في رص الصفوف ، وتوحيد السيوف والإقبال على المنايا والحتوف ؛ فبذلك يتوحد الصف ، ويتحد نبل الهدف. كنا نظن وبعض الظن خطأ أن انتصار حركة حماس ، هو فتح لفلسطين كلها ، وهو تعزيز لحركة فتح في مطلبها ومقصدها ، ولكن ما راعنا إلا وقد تغيرت الأهداف ، وتبدلت الأحلاف ، وتنكر الأسلاف للأخلاف . أما كفى القادة الفلسطينيين درسا تكتل القوى الصهيونية ، لقتلهم وختلهم ، وترويعهم وتجويعهم ؟ ألم يوقظ شعورهم تنادي الغرب ، على اختلاف ملله ونحله ، للوقوف في وجه الديمقراطية الفلسطينية التي أخرجت للناس حماس ، فجففت كل المنابع في وجهها ، واستعدت عليها كل حاقد ، وكل دساس ...؟ فأن يقف زراع الشر ضد المقاوم الفلسطيني ، فذلك هو النتاج الطبيعي لحصاد الشوك والجراح ممن جبلوا على الختل والقتل ، ضد أنصار الفجر والصباح ولكن أن ينضم إلى هذا الحلف غير المقدس إخوة حماس من حركة فتح ، فيصفونها بأشبع النعوت ، فذلك ما لا يقبله عقل ولا يمكن عنه السكون... وإن ما زاد الطين بلة ، والمرض علة ، أن يؤخذ على حركة حماس ، حملها للسلاح بيد دفاعا عن شعبها في الحياة ضد محاولات نسف الديار وترويع الآمنين الصغار ، واغتيال المدنيين الأخيار ، وحمل غصن الزيتون باليد الأخرى ، دفاعا عن السلام المهدد والأمن المتبدد. قبح الله الحزبية في فلسطين الأبية ، فقد أفرغت عن شحنة الوطنية ، وتلونت بلون العصبية النفعية وطغت عليها الحسابات المصلحية وعلت فيها مصلحة النفس على مصلحة القضية. إن رأس الحكمة في أعمالكم أيها الفلسطينيون هي مصلحة فلسطين العليا ، قبل أية مصلحة سياسية ، وأن معيار النضال عند كل أريب ، لهو المقاوم الذي يأخذ من تل أبيب بالتلابيب. ويا شعبنا في فلسطين ! إن أحزابك إنما تستمد قوة وجودها منك ، وتسند كل اعتمادها عليك لأنك بالنسبة إليها الزاد والمدد ، والعدة والعدد ، فاحملها على التعاون الذي فيه حياتك وعلى التآخي في النضال ، الذي به . وهما وبقية المناضلين ، الإخلاء الذين لا يمكن تحولهم إلى أعداء... وتعالوا أيها الفلسطينيون أتل عليكم ما خاطب به عالم الجزائر محمد البشير الإبراهيمي ، بني قومه العرب المتشاكسين ، ذات يوم وكأن التاريخ يعيد نفسه ، حين قال لهم : " أيها الأعارب ، هل فيكم بقايا من حرب أو من محارب ، تكدرت المشارب ، وقوضت المضارب ؟ وكهمت المضارب ، وغاب المسدد في الرأي والمقارب ، ولم تغن النذر ، والمثلات ، والتجارب . إنه لما يسوء تاريخ القضية الفلسطينية وقد أصبحت قاب قوسين أو أدني من النصر أن يتقاتل ورائها على تراثها وإنه لما يفرح الأعداء ، أن يتفرق الأخلاء ويتشاكس الأشقاء ، فيدخلون البهجة يومئذ على كل الأعداء . إلا وقد نجح الصهاينة ، بمكرهم وغدرهم ، في ضم الصف الأمريكي والأوروبي إلى ظلمهم فكيف يفشل الفلسطيني بعدل قضيته ، ودماء ضحيته ، في تعبئة الأخيار لنصرته ونجدته وهو الحق الذي لا مراء فيه ... والعدل الذي لا أحد يجادل فيه.. فيا إخوتنا في فتح ؟ ويا إخواننا في حماس ! ويا أشقاءنا في كل فلسطين .. إن صمام الأمان في قضيتكم هو الوحدة فصونوها ، وأن مقدمة انتصاركم في جميع أسلحتكم وتنظيم مقاومتكم فاحموها وعززوها. أما التشاكس ، والتنابز ، فإنه والله لنذير الشؤم ، وعرض من أعراض العلة واللؤم فداووا أعراض مرضكم وتحرروا من داء شؤمكم وسقمكم ، تنجحوا وتفلحوا .... تتحقق حياتك ، وتتعزز قناتك ولا عليك أيها الفلسطيني إذا ما تآمر الأعداء وخذلوك ، وتخلى عنك الرفاق فخدعوك .. فالحرة تموت ولا تعيش بثديها ، والأبية هي التي تلد لنا الاستشهادي العتيد ، والمقاوم الشديد ، الذي لا يخشى التهديد أو الوعيد . إن الحكومة التي تحكم اليوم هي حكومة فلسطين ، لا حكومة حماس ، إنها حكومة القضية لا الحكومة الحزبية ، فحاربوا في صفوفكم أدعياء الوطنية ، وعملاء الأعداء والإمبريالية ، فهم قد زرعوا في صفوفكم أذلة ، وهم فيكم أصل البلاء والعلة . إن في وطننا الفلسطيني اليوم صراع بين الحق وأنصاره ، وبين الباطل وأوزاره .. ولئن تكالب الباطل وأوزاره ، على الحق وأنصاره فإن لذلك جولة وصولة ، ستعقبها ثورة ودولة.. فليحذر إخواننا في فتح وحماس الوقوع في فخاخ الصيد ، والكيد ففيها كل العناء والقيد ، إن أعداء القضية ، قد تحزبوا وتألبوا بعد انتصار البندقية المقاومة ، على غصن الزيتون المستسلم ، فلطالما جرب الفلسطينيون غصن الزيتون فلم ينبت ، ولم يثبت وقد مل الفلسطيني الشعارات والخطابات ، وهو اليوم يريد الحسابات والإنجازات ، فلا تغرنكم الشعارات المرفوعة والأبواق المسموعة ، فتلك في فلسطين اليوم من الخطب الممنوعة .. أخاك أخاك إن من لا أخا له كساع إلى الهيجا بدون سلاح إن من أبجديات القضية الفلسطينية أن مناضل فتح ، ومناضل حماس ، هما درعا المقاومة ، أن العدو لكم بالمرصاد ..