اتفق محللون وسياسيون على أن تمديد قانون الطوارئ ، الذي قامت الحكومة بتمريره أمس من مجلس الشعب ، كان قضية حياة أو موت بالنسبة للنظام الحاكم وأجهزته الأمنية ، وذلك لكونه الوحيد القادر على تمرير عدد من الملفات في مقدمتها ملف التوريث ، حيث يعتمد النظام على القانون لكبح جماح جميع القوى المعارضة للتوريث . وأوضح المحللون أن ملف التوريث وإعداد الساحة لتولي جمال مبارك للسلطة كان حاضرا وبشدة في ذهن من تقدموا بطلب تمديد القانون ، محذرين من أن ضرب النظام عرض الحائط بالقوى المعارضة لهذا التمديد وإصراره على الهيمنة على الساحة السياسية عبر ضرب المعارضة والاستخفاف بالقضاة يضع البلاد على مفترق طرق وعلى مرمى حجر من حريق سياسي كبير يشبه ما حدث في مصر في يوليو 52 وأحداث سبتمبر 1981. ورأى المحللون في إقرار تمديد القانون رغم المعارضة الشديدة له برلمانيا وشعبيا تأكيدا على تغليب النظام للتعاطي الأمني مع مختلف التحديات التي تواجه ، وأنه ليس واردا تبني النظام لمعالجة سياسية لأي من هذه التحديات ، وأن تمديد العمل بالقانون يشكل وسيلة ضغط وإرهاب للقوى المطالبة بالإصلاح وفي مقدمتها القضاة ، حيث يرجح استغلال هذا القانون للعصف بهم. ولفت هؤلاء المحللون إلى أن جناح الصقور داخل المؤسسة الرئاسية قد فرض وجهة نظره حول مد العمل بالطوارئ رغم وجود جناح داخل السلطة كان يرغب في الدخول في حوار مع قوى المعارضة باعتبار هذا التمديد هو الأخير. وأكد الدكتور السيد عوض عثمان المحلل السياسي أن الدلالة الأولي لتمديد العمل بقانون الطوارئ تؤشر بداية إلى سيادة المقاربة الأمنية لا السياسية والاجتماعية لدى النظام في التعامل مع حالة الاحتقان السياسي المتصاعدة في مصر والتي من الممكن أن تزداد وتتسع في الفترة القادمة خاصة أن النظام لم يفصح عن قراره الحتمي لعملية التوريث ونقل السلطة لنجل الرئيس أو التداول السلمي لها بين الحزب الوطني الواحد أو الأسر الواحدة ، حيث سيتم هذا السيناريو من خلال مسرحية هزيلة لن يشاهدها أحد . ويري د. عثمان أن اتخاذ خطوة جادة في اتجاه تداول سلمي للسلطة في الأسرة الواحدة لن يتم في ظل غياب قانون الطوارئ الذي يقول النظام إنه يطبقه لمواجهة وإجهاض حالات الإرهاب أو الأمور المتعقلة بتهريب المخدرات فكل هذه القضايا متصاعدة وفشل قانون الطوارئ في التصدي لها ، مشيرا إلى أهمية تغليب المقاربة السيسواجتماعية والاقتصادية على المقاربة الأمنية ووضع الشعب وضع المشارك في صنع القرار والرقابة عليه وعدم احتكار السلطة بين النخبة والسياسية. ورجح عثمان أن النظام لن يقدم على أي تصعيد كبير مع القوي السياسية الأخرى لا يعرف مداه ولا إلى أين ينتهي ، وكذلك القوى السياسية الأخرى لن تقدم على تصادم من شأنه الإجهاز على هذه القوى . من جهته ، شدد الدكتور أحمد ثابت أستاذ العلوم السياسية على أن هذا النظام لا يستطيع الاستمرار في الحكم إلا في ظل حالة الطوارئ التي تعيشها البلاد وأنه سيقاتل من أجل تنفيذ مخطط نقل السلطة من مبارك الاب لمبارك الابن وسيعصف بأي قوي وطنية تعارض هذا الملف ، وهناك ما يشبه الزواج الكاثوليكي بين النظام وحالة الطوارئ التي يستخدمها لقمع أي قوي وطنية وسياسية تعارض نقل السلطة لنجل الرئيس . وأضاف د. ثابت أن هناك عقيدة راسخة لدي هذا النظام وهي أنه لا استقرار بدون هذا القانون. من جانبه ، أكد الدكتور جمال زهران أستاذ العلوم السياسية أن ملف التوريث حاضر بقوة في قرار تمديد الطوارئ ، معتبرا أنه لا أمل في الإصلاح السياسي الحقيقي في ظل وجود هذا النظام الذي يقيد أي شرعية ويعتدي عليها فالاعتداء على القضاة وإحالتهم للتحقيق بسبب إبداء أرائهم في العملية الانتخابية ما زال قائما. وأشار د. زهران إلى أن أي قرار سياسي يتخذه هذا النظام هو يهدف في الأساس إلى تهيئة المناخ لتنفيذ هذا المخطط مذكرا بقرار تأجيل انتخابات المجالس الشعبية المحلية لمدة عامين حتى لا تحصل جماعة الإخوان المسلمين على النصاب القانوني لعدد الأعضاء اللازمين للترشيح في انتخابات الرئاسة.