يحتفل العالم اليوم الجمعة باليوم العالمى لذكرى الاتجار بالرقيق الأسود وإلغائه حيث أعلنت منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) الاحتفال به عام 1994. ويسلط هذا الموضوع الضوء على مركزية التراث الثقافى الدولى وانتقاله من جيل إلى جيل كوسيط للتعبير عن الهوية ورعايتها خلال أيام العبودية، وللاحتفال فى نهاية المطاف بالعتق من العبودية بعد 400 سنة من الكفاح المستمر من أجل التحرر، وتأتى الذكرى بتجارة الرقيق وإلغائه تتويجا للثورة التى اندلعت فى 23 أغسطس عام 1791، عندما قام العبيد فى جزيرة "سانت دومينغو" فى الكاريبى بعصيان مسلح أدى إلى الثورة فى هاييتى وتسبب فى إثارة قضايا حقوق الإنسان، وارتبطت تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسى، والمعروفة فى كثير من الأحيان بالتجارة الثلاثية باقتصادات ثلاث قارات. وتشير التقديرات إلى أنه تم ترحيل بين 15 و20 مليون شخص من الرجال والنساء والأطفال من منازلهم وبيعهم كرقيق فى منظومات تجارة الرقيق المختلفة. وتعتبر الاحتفالية التذكارية فرصة للتفكير فيمن عانوا وماتوا تحت وطأة العبودية، وهى أيضا مناسبة لرفع مستوى الوعى لدى الشباب فى العالم حول مخاطر العنصرية والتحيز. وأشارت إيرينا بوكوفا المديرة العامة لليونسكوفى رسالتها بهذه المناسبة إلى إن نقل هذا التاريخ جيلا بعد جيل، إنما يندرج فى صميم جهود اليونسكومن أجل بناء السلام والحوار بين الثقافات والتفاهم . فقد أنزل الاتجار بالرقيق الأسود الملايين من البشر إلى مرتبة السلع التجارية، وتتخذ هذه الجريمة طابعاً عالمياً يقوض أركان الحضارات ذاتها . ومن ثم ينبغى أن يعرف الجميع مغزى هذا التاريخ والتداعيات الناجمة عنه؛ كما يجب تدريسه فى المدارس وفى ما وراء حدود المدارس، أى أن ينشر فى وسائل الإعلام وفى الأماكن العامة. وتشارك اليونسكوفى هذه الجهود من خلال إعداد المعلمين ودعم البحوث وصون التراث الثقافى والوثائقى . وذكرت بوكوفا أنه من خلال مشروع طريق الرقيق، تسعى اليونسكو إلى إبراز ضخامة هذه المأساة الإنسانية والآثار الناجمة عنها، وكذلك ثراء التقاليد الثقافية التى أرستها الشعوب الأفريقية بالرغم من كل الشدائد، وذلك فى مجالات الفنون والموسيقى والرقص والثقافة بمعناها الواسع . وفى مستهل الذكرى السنوية 20 لإنشاء مشروع طريق الرقيق هذا العام، قمت بتعيين ماركوس ميلر الموسيقى الشهير كفنان اليونسكو للسلام، وستتمثل مهمته فى الترويج لهذا المشروع ونقل رسالة الاحترام التى ينطوى عليها وذلك باستخدام الموسيقى، كما سيساهم هذا العمل فى التحضير لعقد المنحدرين من أصل أفريقى ( 2013 – 2022 ) الذى أعلنته الأممالمتحدة فى عام 2012. وأكدت بوكوفا أن الاتجار بالرقيق الأسود لا ينتمى إلى الماضى فقط بل إنه رسم ملامح العديد من المجتمعات الحديثة، وهو ما أسفر عن إقامة صلات لا تنفصم بين الشعوب والقارات وغير مصير الأمم واقتصاداتها وثقافاتها تغييراً لا رجعة عنه . كما أن دراسة هذا التاريخ إنما تمثل تكريماً للمناضلين من أجل الحرية ولمساهمتهم الفريدة فى تأكيد حقوق الإنسان العالمية. ومن شأن النموذج الذى يمثلونه أن يساعدنا فى مواصلة الكفاح من أجل الحرية وضد الأفكار المسبقة العنصرية الموروثة من الماضى، وضد أشكال الاستعباد الجديدة التى ما زالت قائمة حتى اليوم وما زال ضحيتها ما يقرب من 21 مليون شخص . ودعت بوكوفا جميع الحكومات ومنظمات المجتمع المدنى والشركاء فى هذا اليوم من القطاعين العام والخاص إلى مضاعفة الجهود من أجل نقل هذا التاريخ، وعسى أن يكون هذا التاريخ مصدراً للاحترام ونداء عالمياً من أجل الحرية لأجيال المستقبل. وأشار تقرير صادر عن منظمة الأممالمتحدة إلى أن تجارة الرقيق مستمرة فى مناطق عديدة من العالم، وأن نحو700 ألف شخص يتم الاتجار بهم سنويا من الرجال والنساء والفتيات والصبية عبر الحدود بعيدا عن بلدانهم وأسرهم، وذكر التقرير أن هناك نحو7.5 مليون طفل فى العالم ضحايا العمل القسرى والرق، فيما يتم استغلال 300 ألف طفل كمجندين فى أكثر من منطقة من مناطق الصراع بالعالم. كما أشار التقرير إلى أن نحو191 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 و14 عاما يقومون بأعمال حقيقية بمختلف مناطق العالم باعتبارهم عناصر اقتصادية فعالة. وذكر التقرير أن عدد الرقيق فى مختلف أنحاء العالم يصل إلى 30 مليون إنسان تقريبا ينتشرون فى مختلف الدول ويتخذ رقهم أشكالا مختلفة ويستخدمون فى أداء مهام عديدة. ويأتى الاستغلال الجنسى للعبيد على رأس صور الاستغلال المنتشرة فى الولاياتالمتحدة وإسرائيل وهونج كونج، فى حين توجد أشكال أخرى لاستغلالهم فى الدول الفقيرة وبخاصة الدول الأفريقية وتشمل التشغيل بدون أجر أوالبيع للغير، ووفقا لخبراء الأممالمتحدة فإن عصابات تجارة الرقيق الأبيض تحقق دخلا شهريا قدره 7000 دولار أمريكى عن كل سيدة أو رجل يتم تشغيله فى الدعارة.