عندما قررت الإخوان المشاركة في الانتخابات الرئاسية عام 2012 والتي فاز فيها مرشحهم د.محمد مرسي.. طُرح عدد من الأسئلة المحيرة، بشأن علاقة مؤسسة الرئاسة "الإخوانية" بمؤسسات القوة مثل الجيش والشرطة. السؤال طرح في سياق استدعاء "مرارات" الماضي.. خاصة أن علاقة الجماعة بالمؤسستين العسكرية والأمنية.. هي "علاقة ثأر".. بدأت بعبد الناصر "الجيش" وانتهت بمبارك "الداخلية". تجاهلت الجماعة الإجابة عن هذا السؤال، لأسباب لا نعرفها حتى الآن، ربما كانت في حينها مشغولة برد فعلها إزاء الدفع باللواء عمر سليمان والفريق أحمد شفيق لخوض الانتخابات الرئاسية.. إذ اعتبرت الإخوان فوز أحدهما، عودة لإعادة بناء أجهزة أمن مبارك، وإعادة الجماعة إلى مربع الملاحقات الأمنية والقضائية مجددًا. الإخوان في هذه اللحظة لم تكن مشغولة ب"الدولة".. بقدر انشغالها ب"الجماعة".. ومستقبلها حال فاز أحد مساعدي مبارك بالانتخابات.. فقررت حماية نفسها أولاً وقبل كل شيء، بالتخلي عن تحفظها ورفضها خوض السباق الرئاسي، لتدفع بمرشحين في آن واحد: مرشح أساسي (خيرت الشاطر).. وآخر احتياطي (محمد مرسي). في تقديري أن قراءة هذا التحول في موقف الجماعة، بالغ الأهمية، لأنه يعيد إلى دائرة الضوء "ترتيب الأولويات" داخل الضمير الإخواني.. وأيهما الأسبق في الأهمية: الدولة أم الجماعة. قبل الثورة كانت التصريحات التي تفلتت من قياداتها، تشي بمثل هذا الترتيب، كان أشهرها تصريحات مسجلة للمرشد السابق مهدي عاكف مع الصحافي سعيد شعيب والتي قال فيها "طز في مصر"! التوظيف الدعائي الصاخب آنذاك لتصريحات "عاكف"، حرمت الرأي العام، من تحليل مضمونها على النحو الذي يكشف حقائق "الترتيب الولائي" للجماعة.. فالمرشد السابق لم يكن يقصد "إهانة" مصر.. صحيح أنه استخدم كلمة "طز" التي توظف عادة، في التقليل من شأن ووزن ما يقصده منها.. إلا أنها في مضمونها الحقيقي، تشير إلى أن "الجماعة" ومشروعها التوسعي "التنظيم الدولي".. هو الأهم وله الأولوية.. بل يعتبر مناط "الولاء والبراء".. وليس الوطن أو الدولة. في تقديري أن هذه المقاربة، هي الأكثر إفصاحًا للأسباب التي دعت الإخوان إلى الاستيلاء على أرفع منصب سياسي بعد الثورة "رئاسة الجمهورية".. إذ استهدف نقل الجماعة من مرحلة "الاستضعاف" إلى مرحلة "التمكين"، وذلك بقطع الطريق عن جنرالات مبارك من الفوز بالرئاسة سليمان وشفيق ثم تحصين المنصب من خلال ضمان تداوله داخل النسق الإخواني بغض النظر عن أية اعتبارات أخرى، تتعلق بتاريخ الجماعة وعلاقاتها بأدوات الدولة المفصلية، مثل الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية السيادية والقضاء وغيره.. فخسرت كل شيء: السلطة في الداخل.. وحلم التوسع بالخارج. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.