أشياء أحبها ولم أعد أجد لها وقتا ومسئوليات ثقيلة هي التي صارت تملأ يومي , والنتيجة ليست مرضية ولا أحد ممن أبذل و أضحي لأجلهم يقدر ذلك أو يفهمه , علي العكس كلما زاد عطائي زاد تمردهم , إنهم يسرقون عمري . هل هذا هو قدر الأم ؟ وهل يمكن لإنسان أن يعطي ويعطي دون مقابل ودون راحة ودون احترام لاحتياجاته واهتماماته الخاصة؟ أحيانا يراودني خاطر جنوني أن أنسحب من حياتهم وأتركهم يصرفوا أمورهم كما يشتهون وليكن ما يكون , لكن تبا لقلبي فإنه بالفعل لا يطاوعني , وعندما يهدأ غضبي أعاود الدوران في دوائرهم , لأنظم المواعيد وأراقب انتظام المذاكرة وأفض الاشتباكات وأدير المنزل بالشكل الذي يحقق أقصي قدر من الراحة والهدوء للجميع سواي , لا أعرف كيف أخرج من هذا الشرك ؟ ينصحك الخبراء أولا أن تكوني قوية متمسكة بحقوقك لأن الاعتقاد بأن إنكار الذات هو قدر الأم اعتقاد خاطئ كما أنك تعطينهم مثالا سلبيا يضعف بناء شخصياتهم ويعلمهم أن الإنسان يكون جيدا حين يفرط في حقوقه . لاتبالغي في الاحساس بمسئوليتك تجاه الجميع , حتي لايبالغون في إلقاء التبعة عليك , صممي علي تحملهم لمسئولية شئونهم الخاصة والمشاركة المعقولة في أعباء البيت ,كل هذا يصقلهم و يعودهم المشاركة ويخفف أعبائك . تعلمي من أمهاتنا وجداتنا فلم يكن لديهن وهم السيطرة علي الأحداث والاعتقاد بأنهن من يصنعن الأبناء , بل كانت الأم أكثر توكلا علي الله و أشد يقينا في أن الأقدار تجري علينا بما سبق في علم الله , وبالتالي لم تكن تقع فريسة للمرض لأن ابنها لم يدخل كلية معينة بل كانت تبذل جهدها وترضي بالمقسوم , وتعلم أن الإنسان الناجح هو من يجيد أداء عمله في أي مجال وأن المهم هو التوفيق. خصصي لنفسك وقتا لأداء الأشياء التي تحبينها , ولا تهملي علاقاتك الاجتماعية , ومارسي الرياضة علي الأقل المشي كل ذلك سيجدد طاقاتك ويمتص مشاعرك السلبية ويعينك علي القيام بواجباتك . حافظي علي روح البراءة والمرح بداخلك ولا تبحثي عن خبايا الناس ولا تنشغلي بما استقر في نفوس الآخرين فليست هذه مهمتك وقد تقودك إلي اكتشافات مريرة تملأ نفسك كآبة وتطفئ بهجتك ولن تستفيدي شيئا من تتبع عورات الناس والتفاخر بأنك تعلمين الخفايا وأنك لم تعودي تلك الفتاة الغريرة , هذا الحديث يؤهلك لتصدر مجالس العجائز البائسات بجدارة ولا يحقق لك نفعا أو جدوي . ما تملكين فعلا هو السعي دائما لما فيه الخير والدعاء لأحبائك بالتوفيق , احتفظي بتفاؤلك دائما ولاتفقدي الأمل وليس معني الإخفاق في تحقيق أحد الأهداف أن تتوقفي , بل أعيدي الكرة مرة بعد مرة , وتذكري أم المؤمنين هاجر حين سعت بين الصفا والمروة بحثا عن الماء لابنها إسماعيل عليه السلام لم تجده في الشوط الأول أو الثاني وإنما بعد سبعة أشواط تفجر الماء تحت قدمي الابن الحبيب . الحياة ليست نزهة بل هي مكابدة وعناء يتخلله متعة ومعرفة واكتشافات مثيرة للتأمل وباعثة علي البهجة , كل شئ يأخذ وقته حتي ينضج وتتضح معالمه وقريبا سوف تفخرين بأبنائك وبما بذلته من جهد معهم ولكن لا تتعجلي الحصاد وعندما يحدث ذلك ستتأكدين أن عمرك لم يضع هدرا بل استثمرته أفضل استثمار .