الطريقة التي تعاملت بها الحكومة في انتخابات مجلس الشوري الأخيرة .. وثيقة الشبه بالطريقة التي تعاملت بها إسرائيل مع اسطول الحرية ، فقد غرفت كل حكومة منهما من نفس القاموس في تعاملهما مع الواقعتين اللتين حدثتا في الأسبوع نفسه .. فوجدنا لدي الحكومتين المفردات نفسها : الاقتحام . الترويع . الاستيلاء . الاجبار . الافتراء كذبا وادعاء..! إذا كانت الانتخابات تمثل "سفينة الحرية" التي تبحر نحو مرفأ الحرية ويعتلي متنها الراغبون في تحرير شعب محاصر بالديكتاتورية والاستبداد والعنت .. فقد كان طبيعيا ان تتعامل معها الحكومة بنفس الطريقة التي تعاملت بها اسرائيل مع سفن الحرية المبحرة الي غزة لفك الحصار عن اهلها . ولعل التشابه هنا يتجاوز الحدث الي اللذين قاموا به . ودبروا له . مم يؤكد ان الحكومة المصرية لا تختلف عن شقيقتها الاسرائيلية في الاعتماد علي القوة والصلف في التعامل مع كل امر يهدد سلامتها او يثير القلق في نفوس القائمين عليها وكأنهما قد خرجتا من رحم واحد .. اللاشرعية .. ورضعتا من نفس الثدي : الاستقواء ، والغرور ! اذا كانت اسرائيل قد قامت بعملية سطو مسلح علي ظهور سفن الحرية . واجبار ركابها علي التوجه نحو احد الموانيء في "مياهها الاقليمية" بحجة الدفاع عن النفس ضد ارهابيين يضمرون لها النوايا السيئة .. فإن ذلك لم يختلف عما قامت به الحكومة المصرية حين سطت علي اصوات الناخبين . وصناديق الاقتراع والتلاعب فيها ، اوبها بنفس الذرائع او الحجج التي ساقتها اسرائيل لتبرير عملية السطو التي قامت بها علي سفن الحرية ، دفاعا عن النفس ضد الارهابيين من الاخوان المسلمين واخرين من قوي وتيارات المعارضة . الذين قاموا بمهاجمة المقار الانتخابية - كما زعمت الحكومة - وأظهروا القوة في مواجهة السلطات ، وقاموا بالتعدي علي قوات حفظ الأمن مما اضطرت معه تلك القوات بالرد علي هؤلاء "الخارجين علي القانون" الذين حاولوا تكدير السلم العام! اذا كان الرئيس الأمريكي قد برر لاسرائيل ما قامت به ضد اسطول الحرية حين قال بانها قامت بما ينبغي عليها القيام به نتيجة لمخاوف شرعية أو دفاعا عن النفس فإن أوباما يمكن أن يسوق نفس المبرارات لما قامت به الحكومة المصرية في انتخابات الشوري نتيجة "لمخاوف مشروعة " من سيطرة الارهابيين والراديكاليين علي تشكيل البرلمان المصري وتوجيهه نحو سياسات ومواقف تمثل تهديدا للمصالح الأمريكية والاسرائيلية . بنفس القدر الذي تمثله حركة حماس في غزة . ربما لهذا السبب لم تكن الحكومتان الاسرائيلية والمصرية ، في خوف مما يعتزمان القيام به من سطو بالقوة المفرطة وهما علي يقين من تفهم الادارة الأمريكية للمبررات والذرائع التي سيقدمها كل منهما لتفسير ما حدث . لا شك في ان دولة أو حكومة تفتقر الي الشرعية لن تتورع عن استخدام أساليب غير شرعية في الابقاء علي نفسها أو الحفاظ علي استمرارها . معتمدة علي "شرعية منتحلة" او مبررات "مستعارة" مثل مقاومة الارهاب - بالنسبة لاسرائيل - أو الحفاظ علي الاستقرار - بالنسبة لمصر التي يتهدد النظام فيها تيارات طموحة للاستيلاء علي السلطة وتسخيرها في خدمة نزعات ارهابية ومخططات فوضوية تنشر الصراعت في منطقة كادت ان تصل بالخزينة الأمريكية إلي حد الافلاس دفاعا عن مصالح حيوية بها واذا كانت اسرائيل قد أحكمت الحصار حول نفسها شعبيا واعلاميا ، ووضعت نفسها في عزلة دولية . فإن المصير نفسه كان من نصيب النظام في مصر رغم تعهدات الرئيس مبارك بإجراء انتخابات نزيهه أو دعوته المواطنين للمشاركة .. فلم تفلح تلك الوعود في فك الحصار عنه بل ربما زادت تلك التصريحات والادعاءات من احكامه وتشديده فقد ساهمت في اظهار التناقض الصارخ بين القول والفعل . والخلاصة .. ان الحكومتين - الاسرائيلية والمصرية - توأمان لأب امريكي أفرط في تدليلهما . فافرط التوءم في احراجه ..أو بالاحري في فضحه !!