في مقاله المنشور في يوم الأربعاء 12 مايو قال "فرانسيس ماتيو" المسئول التحريري في صحيفة "جولف نيوز" الإماراتية الناطقة باللغة الإنجليزية :- إن السعودية لا تشعر بأي تهديد عسكري من ( قوة إيران النووية والعسكرية وإنما من مشروعها السياسي الطائفي ) . وأضاف بقوله في مقال نشرته الصحيفة " إن الرؤية السعودية تقوم على أن التهديد القادم من إيران سياسي بصورة أكبر، من خلال نفوذ إيران على الأرض ، ودعمها للجماعات , وأضاف بقوله إن أصحاب هذا الرأي – في المملكة - يرون أن إيران لن تصبح أكثر من مجرد تهديد حتى ولو امتلكت السلاح النووي ). هذا المقال يكتسب أهمية بالغة وان كان ليس هو الأول في إشارات الرياض العديدة على تحفظها وامتناعها عن الاندفاع الذي تسعى واشنطن لتوريط دول الخليج فيه من خلال رفع السقف الإعلامي والسياسي والعزف على منظومة السلاح النووي الإيراني في استثمار ضخم ترغب واشنطن أن ينتهي بتحويل الخليج العربي وأقطاره إلى قاعدة تصعيدية لحرب العقوبات لتحقيق اكبر قدر من التنازلات الإيرانية لمصالح الولاياتالمتحدة وليس لمصالح الخليج العربي وأقطاره , فيما توجد ملفات خطرة للغاية مع إيران تهدد امن الخليج لكن كل برامج الممانعة في مواجهتها هو خارج الاهتمام الأمريكي بل على العكس قد تكون إحدى مهددات الأمن الخليجي في الأدوات الإيرانية يمارس على المنطقة بتناغم مشترك بين واشنطن وطهران وسنعود له مستقبلاً لتوضيح هذا الملف الذي يخص الأمن الخليجي واهمية مواجهة المشروع الايراني بخلفية الامن القومي للخليج العربي. أهمية المقال تأتي في مستوى الصحيفة وتلقي الغرب لطرحها من جهة اثر حركة الاهتمام بهذا المسار والتفكير داخل أروقة القرار الخليجي والجانب الثاني المهم للغاية هو أن مقال فرانسيس ماتيوا جاء رداً على استفسارات الإعلام وأروقة السياسة الغربية عن دوافع المملكة حين ردّت الخارجية السعودية على تصريح روبرت غيتس وزير الدفاع الأمريكي أن السعودية والإمارات قد وافقت على الانخراط والمشاركة في حرب العقوبات والحصار على الجمهورية الإيرانية فجاء الرد في حينه نافيا أي موافقة سعودية على ذلك ومذكراً بان المملكة من حيث المبدأ ترفض المشاركة في هذا النوع من الحصار , ومن ثم جرت أحاديث إعلامية أمريكية وصلت إلى هذه النقطة التي تؤكد أن الخلاف الأمريكي السعودي حول هذه القضية حقيقي , وهذا الاهتمام تزامن مع دعوة لبرمان وزير خارجية الكيان الصهيوني بتنفيذ حملة دولية ضد المملكة بناء على الاتهامات المعتادة من دوائر أمريكية وتل أبيب , وهو ما أكّد أهمية هذه القضية للمصلحة الأمريكية الإسرائيلية المشتركة في دفع الخليج نحو هذا المنحدر الذي قد يؤدي إلى انفراط العقد في بعض الدول الخليجية وتوريطها في حقل من الألغام داخلياً وخارجياً فلا تستطيع أن تحافظ فيه على الحد الأدنى من الاستقرار في حرب الخليج الباردة ببعدها الطائفي والإقليمي والدولي . ودعونا نؤكد كمراقبين استراتيجيين للمنطقة صحة هذا التوجه السعودي وضرورة الالتزام به وتطويره في اتجاه فصل المواجهة الخليجية الدبلوماسية والإستراتجية السرية للمشروع الإيراني ووضعها في استقلال اكبر عن الولاياتالمتحدةالأمريكية ومنظومة الخطة الأمريكية المشتركة مع تل أبيب في إعادة صياغة سيناريو الصراع مع إيران لمصالحهما التي أول ما يُسدد عبرها هو منظومة الأمن الخليجي والاستقرار الاجتماعي فيه , مؤكدين على حقيقة مهمة بان عودة التوافق بين واشنطن وطهران مع بقاء إستراتيجية تامين حصيلة الاحتلال السياسي للعراق قائمة بينهما لم تتغير بغض النظر عن نجاح الوساطة التركية من عدمها , إضافة إلى التوجه للقطبين نحو إخضاع منظومة البشتون الديمغرافية في أفغانستان وباكستان ذاتها لإعادة تشكيل وتقسيم ستقوى بها إيران ولن تتضرر واشنطن وترى أنها تكسب عندما تشعل حرب إقليمية مذهبية تعطيها فرصة إعادة توزيع الخريطة لإعادة تشكّل القوات الأمريكية بعد هزيمتها في العراق وفي أفغانستان , وفي الحسابات الإستراتيجية لهذا السيناريو لاشك بان الخليج العربي سيكون من أوائل ضحاياه . ولذلك تسعى واشنطن بالمقابل إلى استنزاف الخليج لتحقيق توازن الرعب على حساب أمنه واستقراره الأهلي وذلك من خلال تسخير أرضه وقراره لتعديل التوازن مع إيران لمصالحها الخاصة , وليس الأمر عديم الفائدة للخليج العربي وحسب بل انه مهيأ لتشظيات تنقل إلى داخل دوله ومواقعه الإستراتيجية , ستجد إيران مبرراً لها في ذلك التحرك وتسخين الأجواء , التي أشار لها الجنرال صفوي قائد الحرس الثوري السابق , ولسنا هنا نعرض لأي خضوع للتهديدات الإيرانية لكننا نؤكد على أن المشروع الأمريكي يدفع في هذا الاتجاه لمصالحه فيما هناك مبادئ وصراع بين مصالح الخليج العربي وأمنه مع إيران منفصلة تماما عن المسار والمصالح الأمريكية الإسرائيلية , ولا يزال الخليج العربي يمتلك القدرة على إدراة هذه الإمكانيات داخل وخارج أرضه بسياسة ذكية وبأقل الخسائر وبتوافق مبدئي مع المصالح العربية العليا وان كان الأمر بضرورة التحرك في هذا الاتجاه الآن لم يعد رهن مبادئ انتماء وحسب ولكنه رهن مصالح إستراتيجية بل وجودية لأمن الخليج العربي . [email protected]