تجلى التعصب الديني الطائفي لسلامة موسى في قوله " أن نابليون عندما فتح مصر وحكمها ، وهو حاكم مسيحي أحس الأقباط بشئ من الراحة و الحرية" وكان حاقدا كارها لكل ما ينتمي إلى الحضارة العربية و الإسلامية بشئ فهو يقول:" إن من مصلحتنا و مصلحة العالم كله أن تغرس في أذهان جميع العرب في مصر والعراق و سوريا و شمال أفريقيا .. أنهم أوروبيون سلالة وثقافة و حضارة .. نحن لسنا شرقيين . إن إطلاق اسم الشرق على مصر خطأ فاحش .. الرابطة الشرقية سخافة ، فما لنا و لهذه الرابطة الشرقية ؟ و أية مصلحة تربطنا بأهل جاوة (أندونسيا) و ماذا ننتفع بهم و ماذا ينتفعون بنا ؟ أننا في حاجة إلى رابطة غربية ، كأن نؤلف جمعية مصرية يكون أعضاؤها من السويسريين و الإنجليز و النرويجيين و غيرهم .. و لكن ما الفائدة من تأليف رابطة من الهندي أو من الجاوي " ولعل هذه الكراهية كانت أكثر وضوحا في موقفه من اللغة العربية :" هذه اللغة لا ترضي رجلا مثقفا في العصر الحاضر .. لغتنا شاذة تحتاج إلى إجراء شاذ .. إن اللغة العربية تبعثر وطنيتنا المصرية و تجعلها شائعة في القومية العربية ، فالمتعمق في اللغة الفصحى يشرب روح العرب و يعجب بابطال بغداد بدلا من ان يشرب الروح المصرية و يدرس تاريخ مصر ، فنظره متجه أبدا نحو الشرق ، و ثقافته كلها عربية شرقية مع اننا في كثير من الاحيان نحتاج إلى الاتجاه نحو الغرب ، والثقافة تقرر الذوق و النزعة و ليس من مصلحة الامة المصرية أن ينزع شبابها نحو الشرق .. اللغة العربية التي لا تزال للآن نرطنها رطنا و لم تشربها بعد نفوسنا ، ولا أمل في أن تشربها لأنها غريبة عن مزاجنا " ومواقفه من قضايا الأمة الوطنية تضع العديد من علامات استفهام كبيرة أمام غايات وأهداف و دور هذا الرجل : ففي عام 1912 عندما كانت فرنسا تغزو مراكش وإيطاليا تغزو ليبيا و مصر تدخل مرحلة الكفاح المسلح ضد الإنجليز " في عام المنشورات و القنابل" ، كان سلامة موسى يترجم كتابا عن "نشؤ فكرة الله" ، ما جعل البعض يتساءل : ما أهمية إلحاد المصريين في تلك الفترة ؟ ألم تكن العقيدة الدينية تلعب دورا في رفض الاستعمار و الاستشهاد في الحرب ضده ؟ ولم يكن يهتم بمحاربة الاستعمار ، على سبيل المثال ، كتابه "مقدمة السوبرمان"، لم ترد فيه كلمة استعمار ، .. وعندما سمع بمذبحة دنشواي كان كل تأثيرها عليه أنها أفقدته شهيته للعشاء ، و بدلا من أن يفكر في الانضمام للحركة الوطنية ، قرر مغادرة مصر وكان من الأمور اللافتة أن سلامة موسى ظل يكتب نصف قرن ضد الدين والعروبة والتقاليد والطبقات كتب خلالها 45 كتابا لم يصادر منها إلا كتابا واحدا وهو " أشهر قصص حب في التاريخ " زعم المدافعون عن سلامة موسى أنه صودر لأن به تعريضا بحياة الملك فاروق ..!! مع أن الكتاب صدر عام 1925 .. و كان الملك فاروق وقتها عمره خمس سنوات ، و ما كان يمكن رغم أنه ملك و ابن ملك أن تكون له قصص غرام في هذا السن المبكر جدا .. و الحقيقة أن الكتاب صودر لأن إحدى الطبعات تضمنت تعريضا ببعض الأنبياء ، فضلا عن أن الرجل و هو ما يثير الريبة حتى الآن كان المصري الوحيد ذو الصفة العامة الذي لم يعتقل ولا سجن و لا نفي و لا اتخذ ضده أي إجراء خلال ثورة 1919، هو والسلطان فؤاد !! و أستطاع ان يتجنب أي إجراء من جانب السلطة ضده من 1910 حين بدا التأليف إلى عام 1945 .. على رأي الراحل محمد جلال كشك رحمه الله تعالى. وللحديث بقية السبت المقبل بإذن الله. [email protected]