من أهم سمات الحكم فى مصر وحزبه وحكومته هو التضليل والاستخفاف بعقول الناس، ولم يدركوا أن مصداقيتهم فى الحضيض، ولذلك أشعر بالعجب عندما تقول قيادة الحزب أنها تدقق فى اختيار المرشحين عن الحزب إلى البرلمان فمن يا ترى هذا المرشح الموثوق الذى لابد أن يسير على نهج الحزب وهديه، وقد أصبحت مصر فى عهده أثراً بعد عين وكان آخرها مأساة المياه التى لاشك أنها نتيجة للسياسة "العبقرية " فى الداخل والخارج. ويزداد العجب عندما ألحظ الزج بالوزراء إلى الدوائر الانتخابية إلا أن يكون الهدف هو زيادة عدد الأنصار حتى يمررون ما يشاءون "وبالطريق الديمقراطى". والأعجب أن يظن الحزب أنه يحسن صنعاً وأن الشعب هو الذى يجب أن يدرك ذلك، ولذلك ركزت قيادته فى مختلف اللقاءات على أن انجازاتهم هائلة لكن ينقصها العرض الجديد والتسويق العبقرى فيظن المتلقى أنه لا يفهم أو يسئ الظن -لا سمح الله- فى أن سلوك الحكم والحزب يسئ بشكل يبدو متعمداً للكثيرين لهذا الشعب، وخاصة الاستخفاف بفهمه. وكانت أحدث هذه الآثام فى ثلاثة مشاهد: الأول، العجز وقلة الحيلة وانقطاع الحجة عندما صدمت مصر بأزمة نهر النيل وربما فسروها بأنها بسبب زيادة السكان أيضاً أو إسراف الناس فى استخدام الماء أو هى نقمة على الشعب الذى لا يرى الخير العميم والرخاء الوفير الذى ترفل فيه مصر فى عهد حكمها "الوطنى الرشيد" وحكومتها "النظيفة". المشهد الثانى، هو إصرار وزير الدولة ووزير البترول على أن تصدير الغاز لإسرائيل فى مصلحة الاقتصاد والمواطن المصرى رغم كل ما قررته محكمة القضاء الإدارى والمحكمة الإدارية العليا التى أمرت الحكومة أن تراجع أسعار البيع لإسرائيل وتصححه إن هى أصرت على تصديره لها، ولم تناقش المحكمة أسباب هذا الإصرار وخباياه، كما أمرت المحكمة الحكومة بأن توفى أولاً باحتياجات المجتمع المصرى من الغاز فلماذا يصر الوزير على تصدير الغاز رغم تصريحه السابق وعلمه بأن الغاز ينضب وبأننا نشترى من الشريك الأجنبى بما يعادل 12 مليون دولار يومياً فرق الأسعار حتى ننضبط فى التصدير. بل الأدهى أن الوزير يستخف بعقول القراء والشعب عندما استشعر بضعف حجته المكشوفة بشأن معاهدة السلام التى لم تعرف الغاز أصلاً، فقال أن مصر استبدلت الزيت بالغاز ولصالح الاقتصاد المصرى أيضاً وهو يعلم قطعاً أن التزام المعاهدة بشأن الزيت انتهى منذ عام 1994، وأن تصدير الغاز بكل هذه الملابسات قرار سياسى يدخل فى إطار العلاقات "الحميمة" بين الحكم وإسرائيل والتى سمحت لوزير البنية التحتية- قاتل الأسرى المصريين فى سيناء وصاحب صفقة الغاز أيضاً-أن يصرح فى صحيفة معاريف الصادرة يوم 12/5/2010 وفى القناة العاشرة للتليفزيون الإسرائيلى عقب لقائه مع نتانياهو بالرئيس مبارك فى شرم الشيخ بأن" مبارك كنز إسرائيل الاستراتيجى"، ولذلك فإن إسرائيل شديدة القلق على صحته. فهل بقى قسط من المصداقية عند الشعب لهذه الحكومة وبم يشعر الوزراء عندما يجتهدون فى تضليل الناس. إنني أطالبهم بالمناظرة أمام هذا الشعب الذى يجب أن يدرك أن مصيره لن يقرره إلا وعيه وكشف الأحابيل والزيف الذى يظنون أنهم يسوقونه به إلى حتفه. أما المشهد الثالث، فهو إصرار الحكومة على مد قانون الطوارئ، ولكنها أبت إلا أن تضلل وعى هذا الشعب، فأكدت أننا لسنا بدعاً فى استمرار الطوارئ، وإنما هى مطبقة عند دول أخرى من بينها إسرائيل، أى أننا مثل إسرائيل ولكن فى السلبيات فقط، وليتنا مثل إسرائيل المتقدمة علمياً ووطنياً وتكنولوجياً وديمقراطياً، بحيث صار متوسط دخل الفرد أكثر من 20 ألف دولار. والمغالطة هى أن طوارئ إسرائيل هى طوارئ سلطات الانتداب البريطانية التى فرضتها أثناء الحرب العالمية الثانية، وصارت تطبق على الفلسطينيين وحدهم فى إطار برنامج إبادتهم فياله من تشبيه بليغ بين طوارئ الحزب الوطنى ضد الشعب المصرى وطوارئ إسرائيل ضد "المعتدين الفلسطينيين"؟. أضاء الله بصائركم وأبصاركم على ما فعلتموه فى وطنكم وشعبكم يا قيادات الحزب، وعلى حجم التضليل والانكشاف وانعدام المصداقية.