«لم تتصدر مصر العناوين الرئيسية فى العالم خلال السنوات الماضية لسببين، الأول أن النظام فى القاهرة لم يعد يلعب الدور القائد فى المنطقة، كما أن البلاد لم تتأثر بقوة نتيجة الركود الاقتصادى العالمى، فالأمور هادئة تماما هنا»، بهذا بدأ إيان برومبر مقاله عن الأوضاع فى مصر بمجلة فورن بوليسى الأمريكية وفق الشروق . وبالتزامن مع خطاب الرئيس حسنى مبارك فى عيد العمال الذى شدد فيه على استمراره فى السلطة قائلا «سوف تجدوننى دائما إلى جانبكم، ومقبلون على المرحلة المقبلة بثقة وعزم كامل» ترى المجلة الأمريكية أن مصر تشهد بالفعل «الاستعداد لعصر ما بعد مبارك»، حيث يستعد جمال مبارك نجل الرئيس ليصبح رئيس مصر القادم، بمساعدة والده وقيادة مؤسسات الحكم الأساسية فى البلاد، بحسب المجلة. فخلال العامين الماضيين ومنذ تعديل الدستور المصرى عام 2007 يحاول جمال مبارك، حسب الكاتب الأمريكى، طمأنة هذه «المؤسسات المسيطرة على مفاصل السلطة فى مصر» بأن خططه للإصلاح الاقتصادى لن تؤثر على مصالحها الاقتصادى ونفوذها السياسى لضمان قبولها بسيناريو التوريث. غير أن الكاتب الأمريكى يعود ويقول إن تطورات الشهور القليلة الماضية فى مصر بددت الكثير من جهود جمال مبارك ورجاله لتأمين سيناريو التوريث الأمر الذى يلقى بظلال كثيفة من الغموض على مستقبل مصر. فمن وجهة نظر برومبر كان التطور الأول هو مرض الرئيس مبارك (82 عاما) الذى استدعى خضوعه لعملية جراحية فى ألمانيا شهر مارس الماضى، وهو ما فتح الباب أمام إمكانية حدوث تغيير فى قيادة البلاد قبل استكمال مخطط التوريث.أما التطور الثانى، فهو ظهور محمد البرادعى، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، كلاعب سياسى مستقل، على الساحة المصرية. ومما زاد الأمور تعقيدا، هو مواجهة الرئيس مبارك ضغوطا غير مسبوقة، لإرسال إشارات واضحة عما ينوى فعله فى المرحلة المقبلة. وأكثر الطرق أمنا هى تسمية نائب للرئيس، بحسب المجلة. وأوضح برومبر أنه يمكن أن يستجيب الرئيس لمطالب داخلية ودولية بتعديل الدستور، والسماح بانتخابات أكثر انفتاحا ومنافسة أكثر شفافية، لكن ما يمنع الحكومة عن مثل هذه الخطوة بحسب كاتب المقال، هو الشعبية الواسعة لمحمد البرادعى، التى من الممكن أن تضمن له الفوز فى أى انتخابات حرة ونزيهة. «كل ذلك يضع جمال مبارك فى موقف صعب»، فصعود البرادعى أشاع جوا فى مؤسسات بأن «مبارك الابن ليس أقوى الخيارات ولا أوحدها» كما يرى الكاتب الأمريكى. ورغم أن البرادعى لم يحسم موقفه من الانتخابات الرئاسية المقبلة، فإنه مصمم هو وأنصاره على لعب دور رئيسى على الساحة السياسية المصرية، عبر الاحتجاجات المدنية فى الشارع، تقول المجلة، مستدركة أنه من غير المحتمل أن تؤثر هذه الاحتجاجات على النظام فى مصر، «إلا فى حالة وجود رئيس ضعيف ومعارضة قوية وهو السيناريو المنتظر لمرحلة ما بعد مبارك».