ما زالت بعض الأحزاب الإسرائيلية تسعى لتحويل فشل حرب غزة إلى قصة نجاح زائفة. أثار إعلان وزير الدفاع (الإسرائيلي) عن تحديد ولاية رئيس هيئة أركان الجيش "جابي أشكنازي" بأربع سنوات فقط، غير قابلة للتجديد، زوبعة إعلامية كبرى، وقد استند بعض معارضي القرار، في بعض نقاشاتهم، إلى أن رئيس الأركان قام بعمل عظيم في ترميم الجيش الإسرائيلي، ونجح في إدارة حملة الرصاص المصبوب، إلا أن هذه الحجة لا تساوي الورق الذي كُتِبَت عليه. ومع ذلك، فإن الخداع الذي وجّه الرأي العام منذ عملية الرصاص المصبوب كان يهدف دومًا لإقناعنا بأن الجيش قضى على أغلب مواطن القصور التي اكتُشِفَت في حرب لبنان الثانية، وأظهر تحسنًا كبيرًا في أدائه العسكري داخل غزة، إلا أن هذا التقدير (أيضًا) لا أساس له. لقد كرّرت الحملة في غزة نفس أنماط حرب لبنان تقريبًا. فكلا الحملتين استُهِلتا بقصف جوي مكثف، فاجأ منافسينا، ودفع العالم المستنير إلى المطالبة بوقف إطلاق النار وفق شروط إسرائيل. وفي كلا الحملتين، تجاهلت القيادة السياسية الإنجازات الأولية، ولم تُكمِل العملية العسكرية، ونشرت قواتٍ بشريةً في مناطق لم يكن من ورائها فائدة، في كلا الحملتين، زحف الجيش بضعة كيلو مترات داخل أرض العدو قبل أن يتوقف في مساراته، في كلا الحربين شاهدنا تعادلًا طويلًا وغير ذي جدوى أو هدف. حتى الطريقة التي انتهت بها الحملتان كانت متشابهة: في الحالتين توقف القتال باتفاقٍ أُحادِيّ الجانب لم يُوَقِّع عليه نِدَّانا –حزب الله وحماس- حتى يومنا هذا. أين التحسن إذن؟ ومع ذلك، أتت قوة أممية بعد حرب لبنان الثانية، وملأت الفراغ الذي بقي في الجنوب، وتم الاحتفاظ بحالة من الهدوء الصارم على الحدود الشمالية منذ ذلك الحين، في الجانب الآخر ما زلنا نرى الصواريخ وقذائف الهاون تُطلَق من قطاع غزة، والعبوات الناسفة تُزرَع على جانب السياج الحدودي، والهجمات تستهدف بانتظام قوات الجيش الإسرائيلي، كما لو كنا لم نشهد وقف إطلاق نار. إذا كان هذا هو وقف إطلاق النار، فأي تَحسُّنٍ صنعه الجيش الإسرائيلي إذن؟ أهو تحسُّنٌ في قدرات التخطيط العملياتية؟ مهارات الهجوم؟ القدرة على كسب الحرب؟ الإجابة: لا، مَا تحسَّن بالفعل كان أمريْن آخرَيْن: أداء قيادة الجبهة الداخلية، ما يستحق الكثير من الثناء، والقدرة على تزويد الجنود المنتشرين على بعد 3 أو 4 أميال خارج الحدود بالماء والغذاء، يا له من تحسن عظيم! حملة غزة، على كل إخفاقاتها وإحباطاتها، أُدِيرَت من قِبَل وزير الدفاع وقائد الجيش، الذي هو الآن في عين العاصفة. نحن المواطنون لا بد وأن نسمح الآن للأحزاب المعنية أن تخدعنا، وتُحَوِّل الفشل في غزة إلى قصة نجاح وهمية. * "شمويل جوردون"، عقيد سابق في سلاح الجو الإسرائيلي، ويحمل شهادة دكتوراة في البحوث الاستراتيجية والعلاقات الدولية. المصدر (الإسلام اليوم) بالإنجليزية في صحيفة يديعوت أحرونوت