ما زلنا مع الجزء الثانى من الكتاب التسجيلى : " من أعلام أسيوط " الذى أعده الدكتور محمد رجائى الطحلاوى المحافظ السابق لأسيوط والرئيس الأسبق لجامعتها ، وقد انطوى هذا الجزء كما أشرنا من قبل على مائة شخصية من أبناء أسيوط ممن ولدوا فيها أو الذين ينتمون بجذورهم إليها ، وفيما يأتى نواصل تقديم بعض النماذج المختارة من الأعلام . *أ حمد نبيل الهلالى ( قديس اليسار المصرى) : هو نجل أحمد نجيب الهلالى باشا ، رئيس وزراء مصر قبيل ثورة يوليو 1952، وكلاهما: الأب والإبن من أعلام أسيوط بل ومن معالمها أيضا حيث ما زال يحمل اسمهما واحد من أهم شوارع أسيوط وهو شارع الهلالى. ورغم أن أحمد نبيل كان ابن باشا إلا أنه اختار أن ينحاز إلى المعدمين ، وأن يدافع عن حقوق العمال والفلاحين ، فانضم إلى الحركة الديموقراطية للتحرر الوطنى " حدتو " عام 1948أى قبل عام واحد من تخرجه من كلية الحقوق جامعة فؤاد الأول ( القاهرة حاليا )، وقد اعتقل بعد تخرجه أكثر من مرة وقضى سنوات طويلة فى المعتقل ثم اشتغل بالمحاماة بعد الإفراج عنه وحقق شهرة كبيرة فى الدفاع عن المتهمين فى القضايا السياسية أيا ما كان انتماؤهم الفكرى أو العقيدى ، ومن أشهر مرافعاته دفاعه عن المتهمين فى قضية رفعت المحجوب، ومرافعته عن الدكتور عمر عبدالرحمن ، وكذلك مرافعته فى قضية المستشارين: هشام البسطاويسى وأحمد مكى ، وقد توفى المناضل الهلالى فى يونيو 2006 * توفيق دوس باشا ، ولد عام 1875 فى أسيوط وتلقى تعليمه الأولى بها ، ثم انخرط فى السياسة بعد تخرجه من مدرسة الحقوق العليا بالقاهرة حيث اختير وزيرا للزراعة ثم وزيرا للمواصلات، وقد وقف موقفا وطنيا مشرفا فى المؤتمر القبطى الذى انعقد عام 1911 والذى ارتفعت فيه الدعوة إلى التمثيل النسبى للأقباط فى الوظائف العامة حيث تصدى لها توفيق دوس قائلا : إن الوظائف العامة ليست تركة عند الحكومة تقسمها تبعا للنسبة العددية ، كما أنها ليست أرضا سائبة يملكها أول من يضع يده عليها ، وإن من المضر بمصالح الأقباط أن يطلبوا نسبة من تلك الوظائف موازية لعددهم ولا بد من حصر شروط التوظف فى الجنسية المصرية والكفاءة الشخصية. * سيد جلال ( شيخ البرلمانيين )، ولد سيد جلال فى بنى عدى عام 1901 من أسرة فقيرة، وعمل فى مطلع حياته أجيرا بالحقول وعندما ضاقت به الحياة اتجه إلى القاهرة، سافر إليها ماشيا على قدميه لأنه لم يكن يملك ثمن تذكرة القطار، وفى القاهرة عمل شيالا فى باب الشعرية ثم اتجه من القاهرة إلى بورسعيد ، وهناك عمل ساعيا فى شركة أجنبية لتجارة الغلال وبدأ يسعى إلى التعليم ، فتعلم القراءة والكتابة وحفظ القرآن كاملا، وبدأ يتعلم اللغات الأجنبية فتعلم الإنجليزية والفرنسية واليونانية والإيطالية والأرمنية ، وقد علا موقعه فى الشركة بفضل ما حصله من العلم والثقافة فارتقى من ساع إلى وكيل للشركه ، ثم عاد إلى باب الشعرية لكى يدعو أبناءها للإلتفاف حول عمل واحد مشترك ، وقد التف حوله أبناء باب الشعرية بالفعل حيث رأوا فيها نموذجا للعصامى المثابر، وطالبه الكثيرون منهم بأن يكون نائبا عنهم فى البرلمان ، وهنا أستأذن القارىء لكى أضيف إلى كتاب الدكتور الطحلاوى معلومة عن سيد جلال سمعتها من والدى رحمه الله الذى كان زميلا له فى البرلمان وشديد الإعجاب بشخصيته ، تلك هى أن سيد جلال لم يكن يملك قيمة التأمين المطلوب للترشيح والذى كان يبلغ عشرين جنيها فى ذلك الوقت ، فما كان من أبناء الدائرة إلا أن اكتتبوا من أجله ، بعضهم ساهم بملاليم والبعض الآخر بقروش ، وتوالت الإكتتابات إلى أن اكتملت قيمة التأمين ، وبعد إجراء الإنتخابات فاز سيد جلال فوزا ساحقا ، وكانت هذه هى المرة الأولى فى تاريخ البرلمانات المصرية التى يقوم فيها الناخبون بمنح أموالهم وأصواتهم معا لنائب يثقون فيه. [email protected]