التمرد اختيار موفق لكلمة تعني عدم الانصياع أو عدم قبول الشيء ومخالفة القواعد بقصد الرفض، دخلت التيارات السياسة قديمها وحديثها إلى حلبة التنافس السياسي بعد ثورة يناير في جميع الاستحقاقات الانتخابية دون استثناء ظنًا منها ودون دارسة حتى استطلاعية لحجمها وإمكانيتها وقدرتها على حشد المؤيدين وحصد الأصوات. وبالتالي لم يكن هناك تقدير صحيح بل كان التفاؤل الزائد الذي وصل إلى حد الغرور والاستعلاء أحيانًا أخرى، فإذا ببعضها يفاجأ بنتيجة هي تعبير حقيقي عن حجمه عند ناخبيه وإزاء تلك النتائج أصبح هؤلاء واحدًا من ثلاثة قابل ورافض ومتمرد، قابل للنتائج وباحث ودارس عن أسباب عدم توفيقه في هذه الجولة ويعد للجولة القادمة من لحظة عدم توفيقه، ورافض للنتائج تحت دعاوى مختلفة "تزوير أحيانًا، عدم شفافية،....."، ومتمرد علي النتائج بدون سبب ديمقراطي فقد نصت دساتير الدول الديمقراطية على آليات محددة لتداول السلطة ليس فقط لتمكين الشعب من حكم نفسه بنفسه وإعمالًا للمبدأ الدستوري القائل "الشعب هو صاحب السلطة ومصدر السيادة"، ولكن لحماية المجتمعات والشعوب من الدخول في دوامة العنف والعنف المضاد ومنع سيادة شريعة الغاب، وإذا كانت الديمقراطية هي الآلية التي ارتضتها البشرية الآن للتعرف وتحديد رأي الشعوب من خلال انتخابات حرة شفافة ونزيهة للوصول للحكم والسلطة إلا إن تنحى الحاكم عن السلطة يمكن أن يتم وفقًا لصور عدة أهمها أن يرتكب الرئيس جريمة الخيانة العظمى وتثبت في حقه قانونًا وقضاءً تحقيقًا وإدانة مثل ما حدث من ريتشارد نيكسون الرئيس الأمريكي الأسبق في فضيحة "ووتر جيت"، وفي الدستور المصري الحالي تنظم المادة 152و 153 و127 طرق خلو منصب الرئيس لأي سبب "جريمة الخيانة العظمى أو وجود مانع يحول دون مباشرته لسلطاته أو رفض الشعب لحل مجلس النواب "، هذه هي نصوص الدستور الذي وافق عليه الشعب المصري، وماعدا ذلك افتئات على الدستور والقانون ومحاولات انقلابية للقفز على السلطة بغير سند من الدستور أو القانون، فضلًا عن احترام إرادة الشعب صاحب السلطات أصلًا، وأصحاب دعوة التمرد هؤلاء هذه هي مشكلتهم ارتباط تمردهم بالدعوة إلى إسقاط النظام تحت دعوة انتخابات رئاسية سبق وحدد الدستور أسباب وطرق ومبررات الدعوة إليها مما يدخلها فورًا في دائرة التغيير المخالف للدستور والقانون وتزداد مشكلتهم تعقيدًا بما يصاحبها من دعوات للعنف وسوابق معروفة في فاعليتهم المتكررة ولا يسوغ دعوتهم أداء السلطة وإنجازاتها حتى لو كانت في أدنى معدلاتها، فلو أن شرعية الإنجاز وحدها هي معيار بقاء أو زوال نظام حكم أو سلطة حاكمة لما استقر نظام حكم في العالم ولتحول العالم بأسره إلى فوضى عارمة لا حدود لنتائجها، لأن أي مقياس لأداء سلطة في العالم حتى لو جاءت في ظل الظروف الطبيعية سوف ينتهي حتمًا إلى عدم رضا أغلبية الجمهور عنها فما بالنا إذا كانت السلطة تحكم في ظل ظروف انتقالية بعد عقود من الاستبداد والتسلط وغياب الحرية.. إن حداثة العهد بالديمقراطية أحال الحرية إلى فوضى وأن سقف المطالبة بالحقوق لم يصاحبه التزام وطني وقانوني ودستوري بما نص عليه العقد الاجتماعي الذي وافق عليه أغلب المصريين وإن حجم التناقضات في المشهد السياسي أكبر من أن يحصى، وإذا كان التمرد هذا قد قاد أصحابه والداعين إليه إلى جمع 7 أو 15 مليون توقيع كما يدعون فليذهبوا بهم إلى صناديق الاقتراع ليسقطوا نظامًا لا يقبلونه وليشكلوا بهم حزبًا سياسيًا ينافس أكبر الأحزاب المصرية، وليشكلوا برلمانًا ويسقطوا الدستور الذي يرفضونه ويشكلوا جمعية تأسيسية من كل الأطياف كما كانوا يطالبون ويضعوا دستورًا جديدًا ويؤلفوا حكومة، وإلا فدعوتهم باطلة قانونًا ودستورًا، وفعلهم مفضوح وسوف لا يصلح الله عمل المفسدين. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.