اعتبرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أن الخطوات لإلغاء القوانين المقيدة للحريات في مصر أشبه بحركة السير بالقاهرة من حيث كونها "بطيئة بشكل مؤلم"، إذ أن كلمة "تغيير" لا ترتبط غالبًا بمصر، وقالت إنه وللمرة الأولى منذ ثلاثة عقود هناك شكوك حقيقية حول ما إذا كان الرئيس حسني مبارك المريض والبالغ من العمر 81 عامًا سوف يسعى لإعادة انتخابه، وإنه مع اقتراب موعد الانتخابات المقررة في عام 2011 فإنه من المحتمل أن يقوم بإعداد نجله جمال للترشح، لكن الكثيرين يطالبون بصوت عال بوضع حد لاحتكار الحزب "الوطني" للحكم. ورأت في تقريرها الذي نشرته أمس، أن الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن الناشطين الشباب والليبراليين القدامى، والشيوعيين، والناشطين العماليين، وجماعة "الإخوان المسلمين" جميعهم بدأوا الالتفاف حول ما وصفته بأنه "رمز غير عادي" وهو الدكتور محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وذلك في سعيهم للدخول في عصر "مصر ما بعد مبارك". وقال البرادعي للصحيفة: "لا أريد أن أرى الشعب المصري بأكمله يشعر بالأمان بسبب وجودي، يجب عليهم أن يقاتلوا حقًا من أجل حريتهم سواء كنت موجودًا أم لا"، واعترف بأن "هناك مبالغة كبيرة في توقع ما يمكنني أن أفعل"، في إشارة موجهة لأنصاره بتخفيض سقف الآمال التي يعولونها عليه في تحقيقها. ومن غير المحتمل وكما تقول الصحيفة أن يشكل البرادعي تحديًا صريحًا لمبارك أو نجله جمال أو أيًا كان من سيرشحه الحزب "الوطني" خلال الانتخابات الرئاسية، حيث رفض الانضمام لأي من الأحزاب القائمة، وقال إنه سيسعى للترشح فقط في حال الموافقة أولاً على قائمة مفصلة من الإصلاحات. واعتبرت أن ما ستشهده مصر في غضون الأشهر المقبلة يمثل أهمية كبيرة للولايات المتحدة التي تعتمد على مصر كزعيم سياسي و شريك في القضايا الإقليمية مثل النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي، وأضافت أنه بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 قام الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش بالضغط على مصر لتصبح أقل استبدادية، قائلاً أن الاعتدال هو مفتاح القضاء على الإرهاب، لكن في وقت لاحق خفف من لهجته، ولا توجد علامة تذكر على قيام الرئيس باراك أوباما بتجديد المطالب بالإصلاح. ووفق ما نقلت الصحيفة، فإن مستشاري الرئيس مبارك لا يشعرون بضغط قوي من الداخل أو الخارج، إذ يقول الدكتور علي الدين هلال المتحدث باسم الحزب "الوطني": "هناك عملية تغيير وهذا ما يحدث، لكن إذا كنت تتوقع شيئًا دراميًا أو شيئًا غير متوقع تمامًا فهذا من غير المحتمل"، وأضاف: "في مصر التغيير يحدث ببطء، وبغض النظر عما سيحدث في مصر فإنه سيتم حسب القواعد، فهذه الأرض ليس بلدًا للمغامرات". وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن الحزب الحاكم يبرر بطء وتيرة التغيير بالقول إن الديموقراطية هي عملية تعلم، ويستشهد مسئولوه بحدوث تقدم على صعيد الوضع في مصر بالجرائد المعارضة والبرامج التي تناقش الوضع السياسي بشكل أكثر انفتاحًا اليوم مما كانت عليه في السنوات الماضية. مع ذلك، قالت إنه لا يزال هناك القليل من حرية التعبير وبعض الحقوق السياسية الأساسية، فمصر لا تزال تُحكم بقانون الطوارئ المعمول به منذ نحو ثلاثة عقود والذي تقول القيادة السياسية في مصر إنه ضروري للتصدي الإرهاب لكنه يستخدم أيضًا للتصدي لنمو المنافسين السياسيين. وقال الدكتور عصام العريان القيادي بجماعة "الإخوان المسلمين" للصحيفة، إنه "أيًا كانت المعايير التي تنظرون إليها فإنها تظهر أن الحرية قد تدهورت بشكل ملحوظ خلال السنوات الخمس الماضية"، وعن الإعجاب الذي أبدته جماعته بالبرادعي يقول: "نحن قد نختلف في التفاصيل و المرجعيات والإيديولوجيات لكن هذا لا يعني أننا لا يمكن أن نتعاون"، وأضاف: "نحن نوافق على إجراء إصلاح سياسي و دستوري شامل". ورأت الصحيفة أن مكانة البرادعي الدولية وشعبيته المحلية وضعت الحزب "الوطني" في موقف أكثر صعوبة مما كان عليه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة في عام 2005 عندما سعى بنشاط لتشويه صورة المنافس الدكتور أيمن نور والذي سجن بعدها لمدة أربع سنوات بعد مزاعم بقيامه بتزوير حملة توقيعات. وأضافت قائلة، إنه مع ذلك كانت هناك محاولات لتشويه سمعة البرادعي في الصحافة وتم سجن بعض من أنصاره المتشددين من الطلاب، لكن محمد كمال المسئول في الحزب "الوطني" يقول إنه "من حق الشعب أن ينتقده، فبعض أتباعه ينظرون إليه وكأنه قديس، ولكنه ليس قديسًا". وذكرت الصحيفة أن إدارة أوباما قامت بتخصيص 1,3 مليون دولار هذا العام لمنظمات المجتمع المدني المصرية غير المسجلة أي بزيادة طفيفة عن عام 2008 وهي السنة الأخيرة في حكم الرئيس بوش، وقالت تمارا كوفمان ويتس، نائب مساعد وزيرة الخارجية لشئون الشرق الأدنى: "أوباما يريد أن يرى انتخابات حرة يستطيع الشعب المصري فيها أن يمتلك الثقة"، وأكدت أن تعزيز الديموقراطية و حقوق الإنسان هو أولوية. وأضافت الصحيفة أن الشخص الذي عاني من حملة مصر الصارمة على نشطاء المجتمع المدني هو أيمن نور، فمنذ الإفراج عنه قام الأمن بإحباط فرصته لتدريس القانون بجامعة خاصة وإفشال محاولة قيامه بتقديم برنامج تلفزيوني، ويقول نور إن الجديد اليوم عما كان الوضع عليه عندما ترشح للانتخابات الرئاسية عام 2005 هو أن الناس أصحبوا أكثر تركيزًا على "بديل مبارك".