التحدي الحقيقي الذي يواجه البرادعي يتمثل في إثبات أن الديمقراطية يمكن أن تؤثر في المصريين العاديين لبرادعي في إحدى جولاته الشعبية أكدت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية أن ما يحدث علي الساحة السياسية في مصر الآن ومنذ ظهور الدكتور محمد البرادعي يعد تغييراً طفيفاً ولكنه ملحوظ، إذ لم يعتد المصريون طوال ثلاثة عقود هي حكم الرئيس مبارك علي مثل هذا التغيير، وهو الأمر الذي انعكس في مدي التفاف وسعي الناشطين الشباب للدخول في مرحلة مصر ما بعد مبارك، وتوحدهم حول رمز غير عادي تمثل في الدكتور البرادعي. ورأت الصحيفة الأمريكية أنه علي الرغم من أن كلمة «التغيير» غالباً لا ترتبط بمصر، فإن الساحة السياسية تشهد الآن تغييراً، وإن كان الناشطون السياسيون القائمون علي هذا التغيير يجدون أن محاولة تعديل القوانين المقيدة للحريات يجري بصورة بطيئة للغاية تشبه حركة المرور في القاهرة، إلا أنها المرة الأولي منذ ثلاثة عقود تقريباً التي تسود فيها شكوك حقيقية حول ما إذا كان الرئيس مبارك سوف يسعي لإعادة انتخابه في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في عام 2011، وإن كان من الممكن أن يؤيد ترشيح ابنه جمال، في الوقت الذي يطالب فيه الكثيرون بوضع حد للحكم الاحتكاري للحزب الوطني. وأوضحت الصحيفة في تقرير لها أمس أن أكثر ما يثير الدهشة الآن علي الساحة السياسية المصرية هو مدي التفاف وتوحد الناشطين الشباب في مجال الديمقراطية والليبراليين والشيوعيين والناشطين من العمال وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين، في سعيهم للدخول في مرحلة مصر ما بعد مبارك، حول رمز غير عادي تمثل في الدكتور محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية. وأبرزت الصحيفة أن مستشاري الرئيس مبارك يقولون إنهم لا يشعرون بضغط قوي من الخارج أو الداخل، ونقلت عن الدكتور علي الدين هلال المتحدث باسم الحزب الوطني الديمقراطي قوله «إذا كنت تتوقع شيئاً مؤثراً، فإن شيئا من ذلك غير متوقع تماما وغير مرجح في مصر، فالتغيير يحدث ببطء، ومهما كان شكل الخلافة التي ستحدث في مصر، فإنها ستحدث بهدوء، فهذا البلد ليس بلد المغامرات». ولفتت الصحيفة الأمريكية إلي أن الحزب الحاكم يبرر بطء وتيرة التغيير بالقول إن الديمقراطية هي عملية التعلم، مشيرة إلي أن الإعلان عن سفر الرئيس لاستئصال المرارة في الخارج الشهر الماضي كان أمراً جديداً، إذ كانت رحلات الرئيس للعلاج من قبل محاطة بالسرية، كما استشهد مسئولو الحزب الوطني علي تقدم الديمقراطية بالإشارة إلي تزايد عدد الصحف المعارضة وإقدامها علي مناقشة الوضع السياسي بشكل أكثر صراحة مما كانت عليه في السنوات الماضية. إلا أن «واشنطن بوست» أشارت إلي تقييد حرية التعبير وعدم السماح سوي ببعض الحقوق السياسية الأساسية في ظل الحكم بقانون الطوارئ منذ عقود والذي تؤكد القيادة السياسية أنها بحاجة إليه لمنع الإرهاب، في الوقت الذي تستخدمه لمنع تقدم المنافسين السياسيين. وتابعت الصحيفة أن وضع البرادعي علي الساحة الدولية وشعبيته علي الساحة المحلية وضعت حزب مبارك في موقف أكثر صعوبة مما كان عليه خلال حملة الانتخابات الرئاسية الأخيرة في عام 2005 عندما سعي بنشاط لتشويه منافسه، أيمن نور، الذي سجن في وقت لاحق لمدة أربع سنوات بعد مزاعم بتزويره حملة توقيعات الحزب، ومع ذلك، كانت هناك محاولات لتشويه سمعة البرادعي في الصحافة القومية، كما قامت السلطات بإلقاء القبض علي بعض مؤيديه. واختتمت الصحيفة الأمريكية تقريرها بالتأكيد أن التحدي الحقيقي الذي يواجه البرادعي يتمثل في إثبات أن الديمقراطية يمكن أن تؤثر في الناس العاديين بدرجة تدفعهم إلي الخروج إلي الشارع سواء في شارع السودان بأرض اللواء أو في أي من أحياء القاهرة الفقيرة.