بعد أيام من التحقيق أصدرت وزارة التربية والتعليم بيانا تعلن فيه أنه تأكد لها أن مدير مدرسة بدر بالاسكندرية أهان المعلمين عندما أجبرهم على الاعتذار العلني أمام تلاميذهم لطالبتين من إحدى الدول العربية (العراق). خصم الوزير أحمد زكي بدر 7 أيام من راتب المدير، واعتبر استقالة المعلمة التي أجبرها على تقديم اعتذار كتابي للطالبتين، كأن لم تكن، فقد دعاها الوزير لسحب استقالتها والعودة إلى مدرستها. أغرب ما في البيان وصفه لطريقة الاعتذار بالمبالغ فيها، مما يعني أن الوزير لا يعارض الاعتذار نفسه، وإنما الوسيلة، بما يعني أنه كان يمكن مثلا أن يقدم المعلمون اعتذارهم لسلتي المال (الطالبتين) في مكتب المدير مثلا أمام والدهما وليس في فناء المدرسة من خلال طابور ومكبر صوت ينتهي ببكاء جماعي منهم بعد أن أوجعتهم الاهانة!لا أخفي شعوري بخيبة الأمل، فمنذ نشر خبر الاعتذار المعيب والمخجل في إحدى الصحف الحكومية، وأنا أتخيل ما سيفعله الدكتور بدر بالمدير ليكون عبرة لمن يهين مصريا مقابل أوراق البنكنوت التي يدفعها أولياء الأمور الأغنياء للمدارس الخاصة. لعلمي بعنف الوزير توقعت أنه سيخلع حذاءه ويضرب أم رأس المدير، ثم يكمل عليه بشلوتين على وجهه، ولن ينتهي الأمر قبل أن يجعل من ظهره وليمة للمعلمين الذين أهانهم قبل أيام! ولأن "السكر" وصل عندي لأعلى مستوياته منذ قرأت الفضيحة وفشلت في السيطرة عليه، فقد نُصحت بأن أتحرى وقت "الوليمة" لأشارك فيها حتى تبرد أعصابي ويعود الدم الذي تجمد من الخجل للجريان في عروقي! كانت أحلام يقظة.. أو كعادتي لم أتغط جيدا فقد انتصر المدير في النهاية، وخيب الوزير العنيف الحازم أملي. ويبدو – والله أعلم – أن سري باتع، فالذي استحسنت شدته وحربه ضد الفساد، ونقل مدرسة بكاملها من القاهرة لشلاتين لأن المدير تثائب، أو أغلق أخرى لأن معلم الحصة تأخر دقيقتين بسبب الزحام المروري، اكتفى هذه المرة بسبعة أيام لمدير مدرسة "بدر"! ولولا أن "المدرسة إسلامية" كما قرأت توصيفها، لظننت أن بينها وبينه علاقة نسب ومصاهرة.. فالاثنان.. الوزير والمدرسة ينتهيان باسم عائلي واحد! الوزير ذهب قبل يومين إلى مدرسة فوجد موظفة منتقبة، فغطى وجهه منها قائلا لها بسخرية "سأخفي عنك وجهي كما أخفيت عني وجهك"!.. ده كلام يا سيادة الوزير؟!.. طبعا لا يمكن أن ينتمي الوزير والمدرسة "الإسلامية" لشجرة واحدة بعد ذلك الذي قاله!.. الحمد لله أنه لم ينقل المدرسة المنتقبة إلى حلايب. ما الذي جعل الوزير يطبطب على مدير مدرسة بدر فيخصم سبعة أيام فقط من راتبه وعفا الله عما سلف؟.. ما هي قوة الطالبتين العراقيتين؟.. هل صحيح أن رأس المال الذي تهبطان به على المدرسة هو سر قوتهما وقوة والدهما الذي صور الاعتذار المذل على هاتفه المحمول؟! لست نادما على استحساني لشجاعة الوزير قبل أيام بعد حواره مع الاعلامية منى الشاذلي، فمن يحسن عمله يستحق أن نقول له أحسنت، لكنه هذه المرة لم يفعل أكثر من غسل ماء الوجه حتى لا يسأل أحد أين ذهب الوزير الذي يستيقظ كالفلاحة التي تعجن في البدرية ليفاجئ المدارس قبل جرس الطابور! هل وصلت الأوضاع إلى شراء البعض لكرامتنا بالمال واستصغار شأننا؟! سيادة الوزير.. ما زلت أمني نفسي بوليمة تقيمها على شرف المعلمين الذين أهانهم مديرهم، وأن تبدأ أنت به.. ثم ترسله إلى بيته مفصولا بالثلاثة فهذا لا يستحق أن يكون بين رجال التربية والتعليم! أما الطالبتان ووالدهما فلو حدث ذلك منهم في أي دولة عربية أخرى لتم ترحيلهم بتأشيرة خروج نهائي وحرمان من العودة إلى الأبد! يا سيادة الوزير.. عيب!