وهذه شهادة أخرى عن بعض ما حدث في يوم 6 أبريل ، صحيح أنها شهادة لها خصوصية لأنها وقعت خارج نطاق المواجهة والتظاهرة ، وصحيح أنها خاصة بانتهاك من نوع آخر تعرضت له نقابة الصحفيين ، ولكني أتصور أنها لا تقل خطورة عن ما سردته رسالة أول أمس ، الرسالة الجديدة هي للزميل يحيى قلاش ، عضو مجلس نقابة الصحفيين المصريين ، وهو يسرد فيها بغضب شديد وقائع ما حدث له في ذلك اليوم عندما توجه إلى نقابة الصحفيين لقضاء بعض أعماله ، فوجد في انتظاره على أبواب النقابة ضباط من جهاز مباحث أمن الدولة وضباط آخرين يطلبون منه إبراز بطاقة عضوية النقابة للسماح له بالدخول ، وهو إجراء غير مسبوق ، ويمثل تطورا مقلق للغاية لكل حريص على نقابة الرأي والحرية وإحدى معالم تحدي الهيمنة الأمنية على الشارع المصري خلال السنوات الأخيرة ، تقول رسالة الزميل يحيى القلاش : إليكم شهادتي على ما حدث يوم 6 أبريل الجاري.. ففي ظهر هذا اليوم حضرت إلى النقابة لمقابلة الزميل البرنس حسين فوجدت سلالم النقابة محاصرة برجال الأمن المركزي ولا يوجد إلا الزميل محمد عبدالقدوس وعدد من الزملاء لا يزيد عددهم على أصابع اليد الواحدة، ولم أكن أعرف حتى هذه اللحظة ما المناسبة لهذا الحشد الأمني ولا سبب تظاهر الزميل محمد عبدالقدوس الذي اعتدنا عليه. وعندما حاولت الصعود على سلالم النقابة لدخول المبنى عارضني عدد من رجال الشرطة بأزياء رسمية ومدنية طالبين إبراز كارنيه النقابة قبل السماح لي بالدخول، أبديت دهشتي ثم رفضي ثم غضبي، وعندما رأيت إصرارهم، ارتفع صوتي وكنت على استعداد في هذه اللحظة لأن أدفع أي ثمن حتى لو كان حريتي أو حياتي ولا أمتثل لمثل هذه التعليمات التي دفعوا في وجهي أنها تتم بتنسيق مع النقابة وبطلب منها وتحديدا من السيد النقيب، وتصاعد الأمر ومعه الانفعال إلى ذروته وقلت ما قلت احتراما لنفسي واحتراما لنقابتي.. وانتهى الأمر بفرض إرادتي ودخلت إلى المبنى بالطريقة التي رأيتها تتفق مع كرامتي ومع كرامة النقابة. القلاش في ختام رسالته وجه استفهاما إلى الزملاء أعضاء مجلس النقابة ، قال فيه : * هل اغتصبت الداخلية هذا الأمر الذي هو بالتأكيد ليس حقها مما يعد عدوانا على النقابة يستحق من المجلس أن يتخذ كافة الإجراءات القانونية والنقابية المشروعة والمناسبة في مواجهته وللنقابة سوابق عديدة في هذا الصدد؟!. * هل فوّض مجلس النقابة وزارة الداخلية بإدارة أمر من شئون الصحفيين وبالأخص عملية تنظيم الدخول إلى نقابتهم؟ وهل فوّض المجلس النقيب أو غيره بتكليف الداخلية بهذه المهمة؟ . وأتصور أن الزميل العزيز محق تماما في أسئلته ، كما كان محقا في غضبته ، وأضم صوتي إلى صوته من أجل مطالبة النقيب الأستاذ مكرم محمد أحمد ، بتوضيح حقيقة ما حدث ، وما إذا كان شخص أو جهة ما داخل النقابة أجرت مثل هذا الاتفاق مع وزارة الداخلية ، ولا بد من محاسبة نقابية لمن أجرى مثل هذا الاتفاق مع الجهات الأمنية ، لأن هذا يكون تنازلا من النقابة عن صميم مسؤوليتها الإدارية في مبناها وتعين موظفي أمن مختصين بالتحقق من الداخلين للنقابة ، والحقيقة أنه ليس من صالح أحد ولا حتى السلطة ، أن يصل استفزاز الصحفيين إلى هذا المستوى ، هذا مشهد مهين ومسيء لمصر وصحفييها بقدر ما هو مسيء أيضا لحكومتها ، إن كان يعنيها الخجل من توالي رؤية العالم للإساءات التي ترتكبها في حق الشعب وفعالياته المختلفة ، وأرجو أن يراجع السيد اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية تلك الواقعة ، لأن تكرارها من الممكن أن يولد كوارث أمنية وسياسية مستقبلا إذا ما اصطدم الصحفيون الغاضبون أمام نقابتهم مع رجال الأمن على خلفية منعهم من الدخول وفرض وصاية أمنية على النقابة ، ليس من صالح أحد أبدا هذا التصرف الأمني المتشنج . [email protected]