مصر بلدنا وخيراتها طعامنا ونيلها شرابنا، أمّنها في كتابه ربنا وأوصى بأهلها خيرا نبينا، فهل تستحق منا كل هذا التشاجر والتناحر والتآمر؟! هل تستحق منا أن يتوعد أمنها وأهلها بيوم الثلاثين من يونيه؟! وهل يليق بأبنائها الطيبين أن يهدد بعضهم بعضا بالويل والثبور وعظائم الأمور كل من يخرج في هذا اليوم المشئوم؟ بل ويعلن جماعة من أبنائها للأسف: أن الأمر إن وصل للقتل فلا مانع من القتل؟! وهل يقتل المصري الأخ المصري والمسلم الأخ المسلم؟! أليس قتل النفس الآمنة أعظم عند الله من هدم الكعبة، كما قال بذلك النبي -صلى الله عليه وسلم - الذي أوصى بمصر خيرًا؟! أليس من قتل نفسًا بغير نفس أو حق فكأنما قتل الناس جميعا في كتاب رب العالمين؟! بل علمنا سيد المرسلين عليه الصلاة والسلام أن من دعا أو شارك بكلمة واحدة - في إعلام أو غيره _ في قتل مسلم _ أو التحريض على ذلك كما نرى الآن: (من شارك بذلك ولو بشطر كلمة - يفهم منها التحريض بأي أسلوب - كتب بين عينيه آيس من رحمة الله يوم القيامة) - ثم هل تستحق مصرنا المهددة الآن بهذا اليوم من بعض أبناء الوطن أن يصمت العلماء ويسكت الحكماء، ويغيب العقلاء من ساحة المواجهة، ليقيموا الأمور ويبعدوا عن مصرنا الشرور، ويواجهوا أهل المعارضة والسياسة بالحقائق، ويحكموا بالعدل ولو على أنفسهم، ويوقفوا مد القلق لأبناء هذا البلد الكريم، ويقولوا للمخطئ أخطأت ولو كان رئيس بلدهم، وللمصيب أصبت ولو كان من عامة شعبهم؟ ألا يليق بأبناء مصر بعد ثورتهم المباركة أن يتركوا المعاندة ويرجعوا للمعارضة البناءة لا الهدامة، وأن يتركوا الاختلاف ويتعلموا أدب الخلاف الهادئ واللا متشنج؟ إن أزمتنا الراهنة يا سادة بكل صراحة سببها عدم الصدق مع أنفسنا وربنا، وإلى تغليب المصالح الشخصية على المصالح العليا وإلى استخفاف أهل الحل والعقد بما يدور في البلد، ويوم تقع الكارثة يقول كل منا لقد أكلت يوم أن أكل الثور الأبيض، فلنتق الله في مصر ولنجعل هذا شعارًا لنا جميعًا نكتبه في كل المنتديات والمواقع، وعلى كل الساحات لعل الله تعالى يحفظ مصر وأهلها، اللهم آمين.