زحام الحياة ، وزحام النفس بالمشاكل والهموم والمسئوليات منعنا كثيراً من الجلوس إلي أقرب شخص إلينا في الوجود " النفس " فمن منا حظي بمقابلة هذا الشخص العزيز علي كل واحد فينا، إننا نقابل في يومنا منذ استيقاظنا و حتي عودتنا إلي النوم، في اليوم الواحد آلاف الأشخاص ليس فيهم نفسك ، فقد حرمنا الزمن الحديث بكل معطياته من تكنولوجيا وإنترنت وكمبيوتر وفضائيات بالهبل ، من نعمة الخلود إلي النفس والتواصل مع الذات قبل التواصل مع الآخرين ، والتصالح معها فأصبحنا أغراب حتي عن أنفسنا لا نعرفها ولا تعرفنا ، ما أحوجنا إلي هذا الشخص ، وإلي التواصل مع روحنا والجلوس مع النفس ذالك المخلوق العزيز علينا ، فكلنا في رحلة حياتنا نبحث عن الشهرة عن المال و الأولاد و الجاه والسلطان ، عن الحب نبحث عن أي شئ من زينة الحياة الدنيا ، وننسي في رحلة البحث الطويلة اللاهثة أننا يجب أن نرضي عن أنفسنا في زمن عز فيه الرضا وندرت فيه القناعة ، والرضا لا يكون إلا بالتواصل مع النفس والتصالح معها ومحاسبتها أولاً بأول علي مواطن التقصير ومواضع الزلل ، ثم الترفيه عنها بأي شئ بسيط حتي لو كان كتاباً جميلاً نقراه ونتدبر أفكاره ومعانيه ، حتي لا نتركها نهباً للهواجس وأفكار السوء ، فكل منا يحتاج إلي وقفة حق مع النفس للمحاسبة وتجديد النشاط وإعادة ترتيب الأوراق والتقاط الأنفاس ، التي منها نستمد الزاد والزواد لرحلة الحياة الشاقة ، ولتعنينا الوقفات مع النفس علي تحمل صخب الحياة وجلبتها ، فأصعب ما يصيبنا هو ان نشعر بالعجز عن التواصل مع النفس ، الذي ينعكس في علاقتنا بالآخرين فنجد أننا رغماً عنا أضعنا العمر في سباق مع الزمن ، لم نتوقف فيه لحظة نتلفت ورائنا لنري هل سرنا في الاتجاه الصحيح أم انحرفنا نحو الطريق الخطأ ، صحيح ان كل مخلوق ميسر لما خلق له ، لكننا لا يجب أن نترك أنفسنا نهباً لجري الوحوش في البراري ، فالتواصل مع النفس هو أول مراتب الإنسانية الحقة ، وما أجمل أن يكون المرء إنساناً حقاً كما أراد له الله ينشر الخير ويحارب الشر ، ويسعد بالحياة والجمال ، ويحارب القبح ، فتشوا عن مواطن الجمال حولكم وداخلكم ستجدونها رغم القبح المنتشر والشر المتفشي، لكن للخير والجمال وجوها لا تخطئها العين تتمثل في ابتسامة طفل ودعوة أم لأولادها بالنجاح ، وهرولة رجل نحو المسجد ، ستجدونها في صوت الأطفال يحيون العلم في المدارس ، في صوت الآذان، فتشوا عن مواطن الجمال في أنفسكم وفي ما حولكم لتخلو حياتكم من المنغصات ، ولتؤمنوا أن الدنيا بخير ، هي دعوة لتجديد النشاط وعمل "رفرش" علي حياتنا ، فأجهزة الكمبيوتر تلك الآلات الصماء تحتاج باستمرار إلي عمل رفرش أو الضغط علي زر إف 5 لتجديد الصفحات ، ونحن أيضاً نحتاج إلي إف 5 لإعادة تدوير ماكينات الحياة وكمبيوتر الدماغ ، قبل أن نعيد الدوران في الساقية ، واسمعوا لصلاح جاهين حين قال : إقلع غماك يا تور وارفض تلف إكسر تروس الساقية و اشتم وتف قال : بس خطوة كمان .. وخطوة كمان يا اوصل نهاية السكة يا البير تجف عجبي !!!