وصلتني رسالة من شخصية لم أكن أتوقع مطلقاَ أن يكون بيني وبينها أي اتصال ولو بالخطابات. إنها قرينة الرئيس...... تقول السيدة الأولى في خطابها إنها تريد أن تأتمنني على سر خطير لا ينبغي أن يطلع عليه آخرون كما أنها تطلب مساعدتي! ذلك السر الخطير هو أن الرئيس أعطاها كميات كبيرة من الألماس وأبلغها أنه إذا ما حدث له مكروه يمكنها التصرف في هذه المجوهرات لتدبير أمورها هي وابنيها. ومن أجل تأمين المسألة فقد سافر إبنها الأكبر إلى بلجيكا وباع الألماس بمبلغ يزيد على 18 مليون دولار وقد تم تحويل المبلغ عبر القنوات الدبلوماسية إلى مكان آمن في أوربا تحت اسم آخر. وهي تريد مساعدتي في التصرف في سحب هذه الأموال .. وأكيد ستكون لي عمولة مجزية.. بالملايين بالتأكيد .. يعني سأصبح مليونيراً أو (ملتي مليونير)أي عندي العديد من ملايين الدولارات! الرسالة التي وصلتني بالبريد الإلكتروني تحمل توقيع آنا تايلور قرينة الرئيس الليبيري الأسبق تشارلز تايلور(الذي ينتظر المحاكمة بتهمة ارتكاب جرائم حرب في سيراليون) وربما لا تعلم هي شيئاً عن الرسالة وربما يكون هناك من يحاول أن ينصب على خلق الله باسمها. وهي (أو هو) لم تنس أن تقول إن الرسالة شخصية وسرية حتى لا يطلع عليها آخرون، فربما كان منهم من يحذرك من الوقوع في أيدي النصايين. و في الغالب إن الرسالة قد أرسلت إلى العديد من أصحاب البريد الإلكتروني طمعاً في أن يقع أحدهم في المصيدة ويسيل لعابه للملايين الموعودة. وستكون الخطوة التالية أن يرد على الرسالة الإلكترونية وهذا معناه أن لديه اهتماماً بالموضوع وعندها سيتلقى رسالة جديدة أو اتصالاً هاتفياً دولياً - دليلاً على جدية الأمر - يبشره بالثروة الكبيرة التي تنتظره، وسيقال له إن الملايين على وشك أن تطرق بابه، فقط مطلوب منه تحويل مبلغ من المال إلي حساب معين بالخارج وهي لا تعدو أن تكون مصاريف التحويل، وطبعاً يهون أي مبلغ بمئات أو حتى ألوف الدولارات إذا كان سيحصل على الملايين. وسيرسل المبلغ وينتظر.. وينتظر دون جواب. نموذج آخر من عمليات النصب يكون على شكل خطاب من "البرامج الدولية لليانصيب البريطاني The British Lottery International programs يبشرك بأنه أثناء عملية السحب العشوائي على اليانصيب البريطاني فقد فاز بريدك الإلكتروني بجائزة من فئة كذا والجائزة المستحقة لك هي كذا ويستطرد اليانصيب - أو النصاب بمعنى أصح - في سرد إجراءات السحب المعقدة التي تمت بطريقة عشوائية بين مئات الألوف من المواقع ويذكر رقم التذكرة المكون من 14 رقم، والرقم المسلسل ورقم الملف وتاريخ المسابقة والمبالغ المرصودة لها بعشرات الملايين من الجنيهات الاسترلينية .. إلخ وكأن الأمر حقيقة لا تقبل الجدل. وقد كان نصيبي جائزة متواضعة من الفئة الثانية قدرها 400 ألف جنيه استرليني أي حوالي 4 ملايين من الجنيهات المصرية. دولارات واسترليني في يوم واحد.. أحمدك يارب. وكالمعتاد يطلب منك عدم إفشاء تلك المعلومة لأن الجهة المانحة غير مسئولة لو تقدم طرف آخر للمطالبة بالجائزة. وقد بحثت عن هذا اليانصيب المزعوم على شبكة الانترنت ووجدت تحذيرا من التعامل معه ومن عشرات من مثل هذا النوع من النصب الدولي. مثال ثالث للنصب: خطاب من برونو لامبرت الذي يزعم أنه يعمل في قسم العملاء المتميزين في بنك مشهور في إسبانيا، يقول لي إن شخصاً أجنبياً يدعى جون شوميجدا مات في حادثة تحطم طائرة في الرابع من يناير 2002 ويمكنك الإطلاع على الحادث في محطة سي ان ان ( لا بأس أن تكون الحادثة صحيحة) وترك حساباً في البنك بمبلغ 15 مليون دولار ولم يتقدم أحد من عائلته لاستلام المبلغ لعدم علمهم بوجوده، وقد توصل صاحب الرسالة مع مسئولي البنك إلى طريقة لاستخراج الأموال بأن يتقدم شخص أجنبي موثوق ( لا أدري لماذا اختارني أنا دون سابق معرفة؟) بعد عمل بعض الإجراءات الضرورية .. والبقية معروفة. أما أكثر عمليات النصب تبجحاً فهي التي تأتي من أفريقيا ويقول مرسلها صراحة إن لديهم أموالاً ضخمة تقدر بالملايين وهي عبارة عن عمولات غير مشروعة أعطيت لموظفين حكوميين وهم يريدون إخراجها من البنوك باسماء آخرين.. وقد يستغرب البعض أن يقع أناس عقلاء مثقفون يستخدمون الانترنت ويقرأون الرسائل الواردة باللغة الإنجليزية في مثل هذه الأحابيل والمصائد، ولكن لا عجب فحب اقتناء المال، والجهل بأساليب الخداع والحبكة التي تدار بها عملية النصب يمكن أن تغري البعض، وقد وصلتني رسالة من أشخاص متعلمين ومثقفين يطلبون مني تجربة شئ من هذا القبيل مع أمثلة عن فلان وفلان الذين كسبوا ألوف الدولارات. وقد سمعنا عمن قدموا أموالهم للنصابين الذين أوهموهم بأنهم سيستخرجون كنوز الفراعنة التي تكثر عنها الروايات في الصعيد، وقد فقد هؤلاء ثرواتهم ولم يظهر لهم "الديك" ولا الكنز المفقود، وهناك من ينتظر تحول التراب إلى ذهب أو دولارات، وليس هؤلاء جميعا من المغفلين ولكن" الطمع يقل ما جمع" كما يقول المثل. [email protected]