حراك الشباب الذى يجمع التوقيعات يمثل تطورًا محمودًا، أقصد تحولاً عكسيًا من العنف واستثمار البلطجية إلى حراك سلمى، بل وعلمى أيضاً، قيم ومشروع، فقط نتمنى أن يكون صادقاً وشفافاً، وذلك لن يتحقق إلا بنشر التوقيعات إلكترونياً، وإتاحة اختبار صدقها. جمع التوقيعات لإسقاط الرئيس، أبداً لن يحقق غرضه بإذن الله، ذلك لأسباب عديدة يكفى منها ذكراً، أن الآلية الوحيدة المقبولة فضلاً عن شرعيتها هى الانتخابات، عند المؤمنين بالديمقراطية، ليس قولاً فقط ومزايدة، بل تطبيقاً واحتكاماً. الفائدة القيمة من جمع التوقيعات التى سيجنيها هؤلاء الشباب، هو احتكاكهم وتفاعلهم مع الناس على الأرض والتدريب كذلك، وهو عمل استثنائى لهم منذ 11 فبراير 2011 حتى الآن، بينما نجد الإسلاميين فى الشارع ليس طوال العام ولكن طوال عمرهم. وحراك الشباب هذا والذى فاجأ شيوخهم العجزة لم يدهشنى، لأنه جاء من الشباب، كما مثل درساً لشيوخهم، أقصد لشيوخ المعارضة، الجالسين تحت الشماسى على الپلاچ. حراك هذا الشباب لم يأتِ إلا بعد تحررهم من فلس الشيوخ وعجزهم، وتحررهم من الانغماس فى تغريدات الأصنام والانصياع للعجزة، وانتقالهم إلى تغريدات التحريض على الحركة، وهو يماثل تماماً كفرهم قبل شهرين من الثورة بعواجيز الصالونات وتشخيصاتهم الخالية من الحلول، متجاوزين لهم إلى استنهاض قدراتهم الذاتية فقدموا القدوة ظهر وعصر وليل 25 يناير 2011، فهل يستطيع هذا الشباب أن يبرز قدرة تنظيمية الآن، تمنع العنف عن المظاهرات التى تنظمها المعارضة؟ إن تحقق ذلك على أرض الواقع، فسيتأكد حق هذا الشباب فى ذلك الثناء المتقدم، بل وربما تحدث إزاحة آلية للعجزة المفلسين، من صدارة المشهد المعارض، ليتصدره الشباب، إلى هنا فإلى موضوعى اليوم. فضلاً عن تواصلى الإلكترونى مع الآلاف من العناوين البريدية، فلدىَّ أيضاً مجموعة بريدية ضيقة، تواصلها يومى، أسستها منذ سنوات متعمداً أن تكون أغلبيتها العظمى من مخالفىَّ فى التوجه الأيديولوچى ومن ثم السياسى، وقد كان من اختياراتى للستين عضواً تقريباً التى تضمهم هذه المجموعة البريدية المغلقة، خمسة أعضاء فيها من الإسلاميين. طوال حياتى أبحث دائماً عمن يناكفنى فيستفزنى فكرياً وعلمياً، وكذلك يستفزنى أيديولوچياً، لذلك أصدقائى كُثُُر من غير الإسلاميين، ولذلك كانت أغلبية اختياراتى لأعضائها، من غير الإسلاميين، ومن مميزاتها أيضاً، أنها تجمع بين مصريىِّ الداخل مع المغتربين كذلك، وهذا التنوع وبهذه التركيبة، يفيدنى بامتياز عموماً كما يزيد من تراكماتى المعرفية، وصلت المجموعة مؤخراً رسالة من أحد أعضائها، وهو لواء متقاعد مهندس من شركائنا فى الوطن، أعتز بصداقته الإلكترونية والتى بدأت فى 2007، حين أرسل لى تعليقاً على مقالى بالمصرى اليوم، واستمر السجال بيننا لأكثر من أسبوعين، إلى أن تحول إلى صداقة إلكترونية ممتدة بعد إقحامى له فى المجموعة الإلكترونية المغلقة، لن أذكر اسمه لأنى لم أستأذنه، والتالى كان ردى على رسالته: الساسة وإعلاميوهم من خارج التيار الإسلامى، يستغربون كيف للمنتمين لتيار الإسلام السياسى، أن يمارسوا النقد الذاتى، بانتقادهم للتيار الذى ينتمون إليه، ولكنى أتعجب كيف لك يا باشمهندس ...... أن تستغرب أنت هذا وقد خبرتنا هنا، أقول خبرتنا بصيغة الجمع، لأن صديقتنا أيضاً الأستاذة الشهيرة بمطيعة طايع، ومعها المهندس محمد عمران ومعهما الدكتور يوسف يوسف، ومع ثلاثتهم الدكتور أحمد داوود، وكذلك الدكتور محمد عبدالغنى حسن حجر، لم يتوانوا يوماً عن إعلان آرائهم السلبية فى التيار الإسلامى الذى ينتمون إليه سياسياً و أيديولوچياً، وننطلق فى ذلك يا باشمهندس، من محددين هامين: الأول عقائدى ومن ثم أخلاقى وسلوكى. الثانى وهو ما سأركز عليه فى رسالتى هذه لك، لأنه لا يتعلق بالسرائر التى لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، وهو ما تضمنه المحدد الأول، الذى يمكن أن يكون محلاً لجدل بينى وبينك، فأقول عن المحدد الثانى الذى سأركز عليه كما أسلفت، أن ذكاء الإنسان يفرض عليه ألا يكذب نهائياً، وهنا أيضاً أقصد «نهائياً» يمكن أن تكون محلاً أيضاً لجدل، لذلك سأكتفى بالقول الآن بألا يكذب فى الأمور العامة، المشهودة للناس، فإن فعل فلن ينطلى كذبه على أحد. أما الغبى فهو الذى يكذب، ولا يعنيه إلا كذبته «الآن أى اللحظية»، التى تدفع عنه «نفسياً بالزيف» عجزه وافتقاره لشجاعة مواجهة نفسه أولاً، ثم مواجهة الآخر بالحقيقة حتى لو مثلت سلباً له، والأغبياء أنواع فى الدرجات، سأذكر لك نوعاً آخر فقط أيضاً، وهو الذى يكذب منطلقاً من ذات دفوع الأول، بينما الآخر الذى يستمع إليه أو يقرأ له، يجد أحياناً حرجاً فى أن يقول له أنت كاذب، فينصرف كلاهما، الأول منهما الكذاب وهو «قرطاس»، لأنه انصرف وقد تولد لديه يقين «زائف» بأن كذبه انطلى على الآخر، بينما الآخر انصرف ولديه يقين راسخ بأن الأول كاذب، بل وغبى أيضاً وقرطاس، لأنه لا يدرى أن المستمع إليه أو القارئ له، يعى أنه كاذب. خلاصة الأمر يا باشمهندس، أنى سعيد برسالتك هذه حقيقة، لأن من الممكن أن يظن بعض القراء بصفة عامة، ثم وبالأخص من ينتمى منهم سياسياً وسلوكياً، للأقلية العاجزة المفلسة الكذابة، أنى انقلبت على قادة التيار الذى أنتمى له، لذلك سأضع يا باشمهندس، فى نهاية مقالى القادم، الجملة التى كررتها من قبل، ونصها: ومع كل هذا المرار الذى نستشعره من الإخوان، ورغم كل نقدى لهم، فسأظل أكرر، أن لن ينفع مصر إلا المخلصون الشرفاء من أبنائها، والإسلاميون ومن ضمنهم الإخوان، فى القلب منهم. محسن صلاح عبدالرحمن عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.