استبعدت مصادر عسكرية رفيعة، قيام مصر بعمل عسكري ضد إثيوبيا، ردًا على تحويلها مجرى النيل الأزرق (أحد روافد نهر النيل)، في إطار مشروع بناء سد النهضة، قائلة إن الخيار العسكري "لن يحقق أهداف مصر بإلغاء المشروع، وقد يدفع إثيوبيا للمضي قدمًا في إجراءات قد تضر بأمن مصر المائي، فضلاً عن دخول مصر في مواجهة الدول الداعمة للمشروع: الولاياتالمتحدة والصين وإسرائيل". وأفادت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها أن "المؤسسة العسكرية لا تبدي حماسًا للدخول في مواجهة عسكرية مع إثيوبيا في هذا التوقيت، وترى ضرورة إعطاء الجهود الدبلوماسية فرصة لحل الخلافات بين القاهرةوأديس أبابا"، وأشارت إلى أن الحل العسكري سيكون الورقة الأخيرة لمصر إذا تأثرت حصتها المائية بالسد الإثيوبي. وبحسب المصادر ذاتها، فإن جهات سيادية مصرية تعمل على تجميع عدد من الوثائق الخاصة بضمانات قدمتها إثيوبيا للحفاظ على حصة مصر من مياه نهر النيل، واستخدام في حال اللجوء للتحكيم الدولي، خاصة وأن أديس أبابا تعهدت للقاهرة مرارًا بعدم المساس بحصتها، البالغة 55 مليار متر مكعب، بموجب اتفاقية 1959. وأشارت إلى أن المؤسسة العسكرية طالبت الرئاسة والدبلوماسية المصرية باتخاذ إجراءات تدريجية ضد أديس أبابا لإيصال رسالة مفادها، أن "مصر لن توافق على تغيير مجرى النيل الأزرق بسهولة وأنه يجب وضع مصالحها في الاعتبار". يأتي هذا في الوقت، الذي أكد الدكتور طارق فهمي، الخبير بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، أن "خيار الحرب مع إثيوبيا لا يبدو سهلاً، فإثيوبيا ليست دولة عابرة في المنطقة بل هي بالمقاييس الدولية دولة عظمى إقليميًا وعضو في الأممالمتحدة ومنظمة الوحدة الإفريقية، مما سيعرض القاهرة لعقوبات". ودعا إلى اللجوء لخطوات تصعيد تدريجية مع إثيوبيا، منها إيقاف جميع قنوات الاتصال عن أديس أبابا وتجميد عضوية مصر في اللجنة الثلاثية الخاصة بأضرار سد النهضة ووصولاً لإمكانية سحب السفير المصري من أديس أبابا كرسائل اعتراض مصرية على المنحي الإثيوبي. وأشار إلى أن هناك خطوات قد تلجأ إليها مصر لإزعاج إثيوبيا، ومنها فتح قنوات التعاون في جميع المجالات مع إريتريا العدو اللدود لإثيوبيا، وإعادة تقوية الحكومة القائمة في الصومال وإقناعها بضرورة فتح ملف احتلال إثيوبيا للصومال الغربي "الأوجادين". وأشار إلى أن الانفتاح على قوى المعارضة الإثيوبية من القبائل المختلفة مثل الأورومو والتجراي وغيرهما يعد ورقة تستطيع القاهرة توظيفها لإجبار أديس أبابا على التراجع عن الإضرار بمصر. من جانبه، أكد نائب رئيس الوزراء الإثيوبي دبريتسيون جبرميكائيل، أن الحكومة الإثيوبية ستحاول مراعاة قلق دولتي المصب (السودان ومصر) اللتين تخشيان من أن إقامة سدود على النيل الأزرق ربما يؤثر على تدفق المياه. وأضاف في تصريحات نقلتها وكالة أنباء الشرق الأوسط أمس، أن "إثيوبيا قد تبدأ في ملء خزان سد النهضة بالمياه مع نهاية العام المقبل"، مشيرا إلى أن المشروع ربما يبدأ في توليد 600 ميجاوات من الطاقة الكهربائية في العام المقبل وأن هذا المشروع الذي سيولد 6 آلاف ميجاوات من المقرر أن يكتمل في عام 2017. وقال إنه من المتوقع إلى أن يثير موعد ملء الخزان بنحو 74 مليار متر مكعب قلق مصر والسودان. وتابع "لسنا أنانيين، ولا ننظر إلى مصالحنا الوطنية فقط وأن نهر النيل نهر دولي، وسنحاول عمل كل ما في وسعنا لمراعاة مصالحهم". ومن جانبه قال وزير المياه والطاقة المايهو تيجنو في تصريحات للصحفيين: إن ملء هذا السد سوف يستغرق ما بين 5 إلى 6 سنوات.