بعد أيام من احتجازي بمكتب أمن الدولة بني مزار وبعد العشاء عصبوا عيني وكتفوني بفوطة طويلة فلاحي كانت جدتي أحضرتها قبل احتجازي عصبوا عيني بنصف الفوطة وربطوني بنصفها الآخر من الخلف ايه اللي بيحصل ده دي مرسم موت ورائحة غدر ....ركبوني سيارة ميكروباص ومعي أخ اسمه حافظ من العدوة ....جلسنا معصوبين آخر الباص وبدأت الرحلة لا ندري أين سنذهب ,....الخوف لا يدع مجالا للتوقع أو الاستدلال حافظ بجواري انهال عليه مخبر أمن الدولة ضربا بمؤخرة بندقته ....كانت دماء حافظ تغرقني أنا وهو ملتصق بي ...يبدو أن المخبر كان يعرفه شخصيا بصراحة أغرقتني دماء حافظ وصراخه وتوجعاته لا تنتهي ..زبينما كان حظي انا بعض اللكمات الطريق طويل جدااااااااااااا يا ترى هيعملوا فينا ايه في لحظات تذكرت كلمات خالي محمد عندما أخبرني (ان الباشا قال هشام هيطلع قبل العيد ) نعم كانت ليلة السادس والعشرين من رمضان 1995 ههههههههههههه والله انت طيبة يا امي دانا لو حضرتك عيد رمضان بعد عشر سنوات يبقى كويس مخيلتي والطريق طويل لا تهدأ ...هيعملوا ايه ...طيب هيقتلونا فين ......الطلقات الرحيمة أهون من التعذيب في مكتب الباشا بان ان الطريق كان في اتجاه مديرية أمن الدولة بالمحافظة نزلنا أمام المديرية أنا وحافظ وتوقعت من أن حافظ هذا لن يتركوه اللية وهو أولى مني بالتعذيب ...قلت فرصة يتعذب هو في الأول ويرجع أشوف عمل ايه على بوابة مذبحة أمن الدولة فتشوني جيدا كنت احتفظ بميلغ 80 جنيه كانت معي ...أخرج واحد منهم المبلغ ولم يكن يشغلني عن الأهوال المتوقعه ركبوا هم المصعد الكهربائي وطلبوا مننا نصعد السلم معصوبي العين في الدور الرابع أمين شرطة يصرخ بأعلى صوته بينما كنا نصعد السلم (مين فيكم هشاااااااااااااااااااااااااااااااام) انخلع قلبي وتبعثر توقعي من أن حافظ عريس الليلة اقتادني بالصفع واللكمات والشلاليت .....18سنة ونصف يومها والأحلام يسوقها المجرم أمامه ويركلها برجله أطارت أحلام اليقظة وانمحت آمال الدراسة في كلية الدراسات العربية وتبخرت مواعيدي مع اختي الصغيرة عندما أخبرتها بأنني ساشتري لها كل شئ انزاحت عني الحياة بتفاصيلها وحاطني الموت من كل جانب .... كانت مساجد مدينة المنيا قد انتهت للتو من صلاة التراويح في ليلة من ليالي رمضان دخلت المكتب معصوب العين قال الباشا وأنا أسمعه (شوف يا روح امك الكرسي اللي انت قاعد عليه دلوقت قعد عليه صفوت عبد الغني وناجح ابراهيم واسامة حافظ ....هتعترف هيريحك ومش هتعترف هعلقك ...) ماشي ايا باشا هعترف انا كنت بصلي الجمعه والجماعة في المساجد ومش بسمع اغاني وبحب الدين قالي جزاك الله خيرا ففهمت انه عايز اعترافات تانية قلت له انا في جامعة المنيا عرفت تيارات إسلامية منها الجماعة الإسلامية وبصلي في مسجد الرحمن قال جزاك الله خيرا وبعدين قلت له بس صرخ الضابط (انا جايلك مخصوص من لاظوغلي من القاهرة عشان تعترف وحياة أمك هتشوف دلوقت هعمل ايه) صرخ الضابط ودخل المخبرون ....فهموا من إشارته المطلوب الشتاء كان بردا قارصا وكنت ارتدي ملابسي وفوقها جاكيت من شدة البرد المخبر (اخلع ملابسك....) نزعت من ملابسي وأبقيت على فانلة تي شيرت وشورت قالي كمان نزعت الفانلة والخوف والبرد لا يدعان يحبساني بين الرعشة والنفضة والارتعاد نزعتها وسعادة المخبر يقول كمان قلت له يعني إيه ....فنزعت شراب القدم قالي من الاخر يا روح امك زي ما تولدت الأمر صعب على النفس وارتعاشة في يدي تتقدم وتتأخر بينما هو يساعدني في فسخ الملابس تماما يا ولاد الكلب يا أوساخ بهذه الدرجة كانت أخلاقكم أدخلني على الباشا ضابط يصرخ يتوعدني وآخر نفس الصرخات من وعيد آخر بينما ثالث بجوار اذني يقول (سيبوه لي انا وما لكوش دعوة بيه ) ربما الرجاء الكاذب والأمل المرقع جعلني اصدق ان الباشا ده هيجميني من الباشا ده في لحظة أوقفوني على كرسي ثم رفعوني إلى أعلى وعلقوني في حلقة من الخلف نعم من الخلف يعني كانت يدي من خلف ظهري والتعليق بهذه الطريقة الجسم كله معلق على اليدين من خلف الظهر فجأة أبعدوا الكرسي من تحتي ....سقر وما أدراكم ما سقر شعرت بأن ما خلقه الله من الوجع تجمع في كتفي وذراعي ...أصرخ بقوة وكأن أربطة الكتف تتمزق لم يكتفِ المجرمون بهذا بل تقدم مخبر بدين الجسد وأمسك بقدمي وتعلق هو بقدمي فصار حملا على حمل دفعته بقدمي بقوة ثم عاد وتعلق وهكذا استمر الحال ...وليلة القدر أوشكت أن يطلع عليها فجر رمضان أوجاع هي حتى مطلع الفجر يسوقها المجرمون لشاب بين أيديهم أنزلوني طريحا على فراش المكتب ...توقعت بأنهم اكتفوا ولربما يصرفهم تناول السحور عني لكنهم جعلوني على ظهري وجاؤوا بكرسيين فوقي وربطوا قدمي ويدي بأطراف الكراسي وجلس على كل كرسي مخبر أو أمين شرطة في وضع لا استطيع فيه الالتفاتة ولا الحركة مجردا تماما من كل شئ جلس عند رأسي الضابط يتوعدني وبيديه الصاعق الكهربائي ووسط ضحكاتهم يمر الضابط بصاعقه على وجهي وراسي وبطني وكل شئ ثم أدخل سن الصاعق في أذني فإذا بالدماء تخرج من حلقي إلى فمي بغزارة هالهم منظر الدماء وخافوا من وفاتي في الحال وخافوا أن لا يدركوا سحور ليلة القدر وثوابها قبل مطلع الفجر فانصرفوا تاركين بجواري نصف رغيف خبز وتمرات لأتناول السحور (امال حافظ عملوا فيه ايه) المشهد لم ينته الآن في عام 2013 ما زالوا أحياء وما زال عادل قمر الدولة المجرم حيا يرزق من قوت الشعب وما زال مختار عبد الوكيل حيا لا يبالي بما فعله وما زال جمال عبد الحفيظ وعبد الله الصاوي أحياء كل التحية لأختي الصغري (أم عاصم ) التي انتظرتني عشرة أعوام لأعود لها بالحلوى بينما كانت في بيت زوجها