رفض سياسيون ومحللون، النظر إلى الدكتور محمد البرادعي المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية باعتباره "المهدي المنتظر" القادم لإنقاذ مصر من حالة التردي، رغم ما يحمله من أفكار إصلاحية عبروا عن تقديرهم لها، معتبرين أن أهم ما يميزه المصداقية الكبيرة التي اكتسبها أثناء تواجده على رأس الوكالة الدولية، وأجمعوا على أن عودته إلى مصر ستعطي زخمًا سياسيًا تدفع بمطالب الإصلاح قدمًا إلى الأمام. وقال الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن وجود البرادعي يقلق النظام نظرا لكونه شخصا له قيمة اعتبارية ومصداقية دولية وتأثير علي المجتمع الدولي، مشيرا إلى أن مصر بحاجة إلى شخص توافقي قادر على قيادتها خلال المرحلة الانتقالية ويستطيع جمع القوى المتنافرة. وأكد نافعة الذي كان ضمن مستقبليه بمطار القاهرة، أن البرادعي هو أصلح من يقوم بهذا الدور في الوقت الذي يطالب فيه الشعب المصري بإنهاء كافة أشكال التوريث سواء التوريث بالدم أو بالاختيار أو بالتمثيل، فكل هذه الأشكال لن تغير من حال البلد ولن تصلح شيئا، فالقضية ليست قضية أشخاص، وإنما هي إيجاد الأمل في التغيير. أما المستشار محمود الخضيري نائب رئيس محكمة النقض السابق، ومنسق "تجمع مصريون من أجل انتخابات حرة" فيرى أن البرادعي يمثل عقبة كبيرة ظهرت في الأفق للنظام تثير القلق لديه بشكل كبير، مشيرا إلى أن مصر تحتاج إلى الزعيم الكاريزمي صاحب الرؤية وهذا ما يتحقق في شخص البرادعي، موضحا أنه لا أحد يعلم إلى أي مدى تم دراسة هذه الظاهرة داخل الحزب الحاكم. من جانبه، رأى جمال أسعد الكاتب والمفكر في البرادعي ظاهرة سياسية مفترضة أكدت أن الحياة السياسية في مصر لا علاقة لها بالسياسة من قريب أو من بعيد وكشفت عن حقيقة أن الأحزاب لم تنتج كادرا واحدا يستطيع أن ينافس في انتخابات رئاسة الجمهورية، وأن الحركات الاحتجاجية عبارة عن حركات نقابية لا علاقة لها بموقف سياسي. وأضاف أن البرادعي ليس هو ملاك الرحمة الذي سيجيء بالمعجزات، وأن الأجندة الإصلاحية التي يطرحها ترجع إلى ما قبل ثلاثة عقود، معتبرا أن ذلك ليس هو القضية وإنما في وجود نخبة سياسية تتبناها وتتمتع بمصداقية بالشارع السياسي المصري وتستطيع تحريكه والضغط لتحقيق هذه الأجندة، منتقدا النخبة السياسية التي تتمسك بشخص معين لأنها في تلك الحالة "تستبدل فردا بفرد وهذا يعني أنه لا يوجد تغيير حقيقي في الطرح السياسي في الحياة السياسية المصرية"، على حد قوله. وأعتبر أن قلق النظام من البرادعي ليس بجديد، لأنه "يقلق من أي شخص ولو لم يكن له أي مصداقية محلية وليس دولية"، مرجعا ذلك إلى كونه "هشا ولا يوجد له مصداقية لدي الشارع ويعتمد علي السطوة البوليسية، إلى جانب أن المصداقية الدولية التي يحظى بها البرادعي ليست مبررا كي يكتسب المصداقية محليا". في حين رأى الدكتور حمدي حسن المتحدث الإعلامي الرسمي للكتلة البرلمانية ل "الإخوان المسلمين" أن البرادعي يمثل إضافة للحركة المصرية الساعية للإصلاح ومحاربة فساد النظام ووقف قطار التوريث، وقال إن قلق النظام ليس بمستغرب، لأن "الذي يقلق من بعض الشباب لرسمه منشورات تؤيد البرادعي وتندد به ويقيم لهم كردونا أمنيا كاملا، فمن الطبيعي أن يقلق من شخص بحجم البرادعي، فهذا النظام أي صيحة تفزعه لعدم وجود أي قوة حقيقة له في الشارع سوء القبضة الأمنية التي يسيطر بها عليه". غير أن المحامي مختار نوح لا يؤمن بالإنقاذ الذي يأتي عن طريق شخص حتى ولو كان ذي حصانة دولية مثل البرادعي، لكنه يؤمن بالإنقاذ الذي يأتي من الشعب عن طريق الثورة السلمية والتغير السلمي مع الاستعداد لتقديم فاتورة التضحية، مشيرا إلي أن مصر تحتاج إلى "عوامة والعوامة لن تكون شخص واحد، وإنما كتلة من القوي السياسية والشعبية تعمل معا من أجل تحقيق الإنقاذ". وتابع: من ينتظر المهدي المنتظر كي يخلص مصر مما هي فيه ومن لا يوقن بأن التغيير يجب أن يكون نابعا من الشعب فانه سيجعل من هذا المهدي ديكتاتورا جديدا، ويرى أن هناك حالة من الضبابية لا تزال تخيم على الأوضاع سواء في حضور البرادعي وتوقيت عودته والجدل الدائر حول يمن سيمثل الحزب "الوطني".