من عجائب السياسة المصرية حاليًا أننا نرى أعضاء مجلس الشورى الباطل دستوريًا يطالبون القضاة باحترام الشرعية الممثلة - من وجهة نظرهم- في مجلس الشورى صاحب السلطة التشريعية والانصياع لرغبة المجلس في مناقشة قانون السلطة القضائية الجديد الذي أعده مكتب إرشاد جماعة الإخوان ومرره إلى المجلس في خطوة مكشوفة للجميع عن طريق أحد الأحزاب الموالية للجماعة لتحقيق حلم الإخوان في السيطرة على القضاء للاستمرار في تنفيذ خطة التمكين والسيطرة على كل مفاصل الدولة. في هذا السياق قرأت بإعجاب شديد مقال الكاتب الكبير والصديق المحترم جمال سلطان، والذي نشر يوم الجمعة الماضية بعنوان (ثغرة تبطل مجلس الشورى الحالي).. والذي أشار فيه إلى نص المادة 230 من الدستور الجديد لمصر، والتي تنص على أن ((يتولى مجلس الشورى القائم بتشكيله الحالي سلطة التشريع كاملة من تاريخ العمل بالدستور حتى انعقاد مجلس النواب الجديد، وتنتقل إلى مجلس النواب فور انتخابه السلطة التشريعية كاملة لحين انتخاب مجلس الشورى الجديد، على أن يتم ذلك خلال سنة من تاريخ انعقاد مجلس النواب). وكما قال الأستاذ جمال: والشاهد من هذا النص الخطير هو عبارة "القائم بتشكيله الحالي"، وهذا ما يشمل الأعضاء واللجان، لأن اللجان جزء من "التشكيل الحالي" لحظة الاستفتاء على الدستور، وبالتالي فجميع مكونات مجلس الشورى الحالي باطلة، لأنها لم تكن موجودة قبل الاستفتاء، وبالتالي فهي مناقضة لمقتضى النص الدستوري، فكل ما جرى من تغييرات للجان ورؤسائها ووكلائها وأعضائها بعد الاستفتاء هو باطل ويطعن في دستورية مجلس الشورى نفسه وجميع أعماله. وقد أكد خبراء القانون أن هذا النص والذي جاء لتحصين مجلس الشورى والجمعية التأسيسية من الحل مخالف للقانون، لأنه يعد استباقًا لحكم المحكمة الدستورية العليا (والذي سيصدر في جلسة 2 يونيو القادم) في شأن عدم دستورية القانون الذي تم على أساسه انتخاب مجلس الشورى، لأن في ذلك اعتداءً على سيادة القانون، ولذلك يكون التشكيل باطلًا لمخالفة القانون لقاعدة تكافؤ الفرص والمساواة أمام القانون يهدر شرعية مجلس الشورى، في جميع الأحوال. في هذا السياق نشير إلى أن هناك دعوى قضائية ما تزال منظورة أمام القضاء الإداري بمجلس الدولة، طالب مقيمها ببطلان المادة 230 من الدستور ومنع مجلس الشورى من إصدار التشريع الخاص بمجلس الشعب، وأكدت الدعوى التي تحمل رقم 43181 لسنة 67 قضائية، انعدام التشريعات التي تصدر من مجلس الشورى باعتباره جهة غير شرعية. بالله عليكم يا من تدعون أن مجلس الشورى الحالي شرعي: كيف يحكم ببطلان مجلس الشعب المنحل بسبب العوار الذي شاب قانون الانتخابات وهو نفس القانون الذي أجريت انتخابات مجلس الشورى على أساسه ولا يتم حل مجلس الشورى حتى الآن؟ وإذا كنتم تزعمون أنكم تهدفون للقضاء على الفساد فلماذا منحتم مجلسكم حق التشريع لإصدار تشريعات مطعون في شرعيتها وفي نفس الوقت حرمتم النواب من ممارسة دورهم الرقابي على أعمال الحكومة الحالية والتي يعرف الجميع أن عهدها مليء بشتى صور الفساد وبدرجة لا تقل عن عهد المخلوع مبارك؟. وإذا كنتم واثقين من شرعية مجلسكم فلماذا سارعتم بتعيين المستشار حاتم بجاتو رئيس هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية وزيرًا للشئون القانونية عقب إصدار الهيئة توصية برفض حل مجلس الشورى، لأنه أصبح محصنًا وفقًا لدستوركم الجديد؟!.