ضمن فعاليات إحياء الذكرى الخامسة والستين للنكبة الفلسطينية، عقدت لجنة العلاقات الخارجية بنقابة الصحفيين واللجنة المصرية الفلسطينية ومؤسسة القدس الدولية و"مصريون ضد الصهيونية" واتحاد المحامين العرب ومركز العلاقات العربية، مؤتمرًا بعنوان "فلسطين توحدنا" بمقر نقابة الصحفيين بالقاهرة، لدعم المقاومة الفلسطينية والمطالبة بحق عودة اللاجئين، وحضر المؤتمر لفيف من رموز القوى الوطنية في مصر والعالم العربي. وانطلق المؤتمر بعد وقفة نظمها عشرات الفلسطينيين أمام مقر النقابة للاحتجاج على الاعتداءات الصهيونية ضد القدس والمسجد الأقصى، وللتأكيد على الدعم الكامل للمقاومة الفلسطينية. نكبة فلسطين أم النكبات استهل المشاركون في المؤتمر فعالياتهم بدعوة مقرر لجنة العلاقات الخارجية بنقابة الصحفيين هشام يونس إلى الوقوف دقيقة حداد في ذكرى النكبة التي وصفها بأنها "أم النكبات" بعدما تفرعت عنها نكبات كثيرة أصابت العالم العربي، ومنها القهر والفساد اللذان مارسهما الحكام باسم الخوف من ضياع أراض أخرى، فكانت النتيجة هي افتقاد الأرض والحرية والرخاء. وشدد عضو المكتب السياسي لحماس موسى أبو مرزوق على أن نكبة فلسطين هي أكبر النكبات في تاريخ الإنسانية، وأشار إلى أنها تسببت في طرد ثلاثة أرباع مليون فلسطيني إلى خارج ديارهم حيث حولتهم إلى لاجئين، كما تسببت في هدم أكثر من 500 قرية فلسطينية فضلًا عن تدمير المدن الرئيسية وتحويلها إلى مدن يهودية. وأضاف أبو مرزوق، أن ذكرى النكبة تعيد إلى الأذهان عشرات المجازر والفظائع التي ارتكبها الاحتلال، وتأتي في وقت يسعى فيه الكيان الغاصب إلى استكمال تهويد فلسطين، وفي القلب منها القدس والمسجد الأقصى الذي بات عرضة للاقتحام والتدنيس بشكل دائم، وبدعم من الولاياتالمتحدة، وفي ظل غياب للضمير الإنساني العالمي. ولهذه الأسباب -كما يرى أبو مرزوق- فإن الصراع مع الكيان الصهيوني هو صراع وجود يستهدف الهوية العربية والأرض المقدسة، ولذلك لا بد من التمسك بأنه لا صلح ولا تفاوض ولا اعتراف بهذا العدو. وبدوره، اعتبر الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطيني رمضان شلح، أن الفلسطينيين ما زالوا يعيشون النكبة كل يوم، بعد أن اقتلعوا من وطنهم، مؤكدًا أن "ما أخذ بالقوة لا بد أن يسترد بالقوة"، وأن فلسطين من رفح إلى رأس النافورة هي أرض عربية إسلامية. إحياء القضية عربيًّا ودوليًّا الأمين العام المساعد لقطاع فلسطين بجامعة الدول العربية السفير محمد صبيح، طالب المجتمع الدولي بضرورة أن يقوم بدوره لوقف الاستيطان واغتصاب الأراضي الفلسطينية، وإجبار الكيان الصهيوني على وقف جميع الجرائم التي يرتكبها بحق الأسرى والمدنيين المرابطين، القابضين على الجمر في الأراضي المحتلة. وأكد صبيح على ضرورة اتخاذ الإجراءات القانونية الدولية لوقف الاعتداءات المتكررة على الشعب الفلسطيني، من جانب، وعلى المقدسات الإسلامية وعلى رأسها الأقصى من جانب آخر. وأشار صبيح إلى أن السجون الإسرائيلية بها من البطولات الفلسطينية ما يبشرنا أن الجيل القادم لهذا الشعب سيقضي تمامًا على الكيان الإسرائيلي ويحرر الأراضي الفلسطينية من اغتصاب الصهاينة، مستشهدًا بما فعله البطل المناضل ثامر العيساوي الذي أضرب عن الطعام لمدة 257 يومًا متواصلًا. لا تحرير بلا مقاومة وفيما يتعلق بالمفاوضات مع الجانب الإسرائيلي، أكد رضا فهمي رئيس لجنة الأمن القومي بمجلس الشورى المصري، أن أمريكا ترعى المشروع الصهيوني من الألف إلى الياء، وأن اللجوء لواشنطن باعتبارها شريكًا في عملية السلام لا يخدم القضية الفلسطينية مطلقًا، لذا فإنه لا سبيل للتحرير إلا بالمقاومة المسلحة التي ستجبر العدو الصهيوني على التراجع والانسحاب. وفي سياق متصل، وجّه جمال عبد السلام رئيس اللجنة المصرية الفلسطينية عدة رسائل للشعب العربي، أولها: إلى مصر حيث أكد أن الأمن القومي المصري لا ينتهي عند مدينة رفح فحسب، بل هو ممتد إلى فلسطين بالكامل وسوريا حتى الحدود مع تركيا. الرسالة الثانية: تطالب الشعوب العربية والإسلامية بالتوحد والوقوف جنبًا إلى جنب من أجل إزالة الكيان الصهيوني من على وجه الأرض، حسب قوله. وأما الرسالة الأخيرة فهي لدعاة التنازلات المجانية والتطبيع مع الكيان الصهيوني، مؤكدًا على عروبة فلسطين وإسلامية القدس وأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال التنازل ولو عن شبر واحد من أرض فلسطين. من جانبه، قال الدكتور باسم نعيم وزير الصحة الفلسطيني السابق: إنه لن يتم التفريط في أي شبر من الأرض العربية، التي ارتوت بدماء الشهداء طوال سنوات النكبة، حتى تحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني. وأضاف: "اليوم نكرر رفضنا لكل المحاولات التي تقوم بها أطراف عربية أو دولية تستهدف إقرار حل الدولتين على أرضنا العربية، وننبه أنه لا يحق لأي شخص أو دولة أن تتنازل عن الحق الثابت في أرض فلسطين التاريخية البالغة مساحتها 27027 كيلومترًا مربعًا، كما نعلن رفضنا لجميع الممارسات التي يرتكبها العدو الصهيوني بحق شعبنا العربي في فلسطين والتي تعد جرائم حرب". وفي المقابل، أكد عماد المهدي القيادي بحزب النور ووكيل لجنة الثقافة والإعلام بمجلس الشورى، أن الصراع مع إسرائيل صراع وجود، لا حدود، وأن المفاوضات مع تل أبيب ليست أكثر من استهلاك إعلامي، مشيرًا إلى أن الاعتداءات الإسرائيلية ليست على المباني فحسب، بل هي حملة إبادة للبشر والحضر والأرض في آن واحد. وقد حمّل المهدي الحكومات العربية المسئولية الكاملة عما تتعرض له فلسطين، مؤكدًا أن التخاذل العربي والدولي حيال ما يعانيه الشعب الفلسطيني لا يعالج إلا بالمقاومة المسلحة. وقد وضع وكيل لجنة الثقافة بالشورى عددًا من النقاط الهامة لدعم القضية الفلسطينية، أولًا: ضرورة التأكيد على كيان مصر من خلال بعض القرارات المناصرة للقضية الفلسطينية واتخاذ موقف حاسم تجاه تلك الانتهاكات، ثانيا: مطالبة الأممالمتحدة بعقد مؤتمر واجتماع طارئ لوقف تلك الاعتداءات، وأيضا ضرورة إعادة النظر في الإعلام الإسلامي والعربي بحيث تكون لغته مفهومة لدى الرأي العام العالمي لكشف مخططات الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني، وأخيرًا مخاطبة اليونسكو لتقديم مساعداتها للكشف عن مخططات الصهيونية. واختتم المهدي حديثه بتحديد شرطي النصر: أولهما الاستعداد والأخذ بالأسباب، وثانيهما: نصرة الله عز وجل من خلال نصرة شرعه وسنة نبيه. فلسطين.. قضية وطنية مصرية ودعمًا لعمق العلاقات بين مصر وفلسطين، أكد الكاتب الصحفي عبد الحليم قنديل رئيس تحرير جريدة "صوت الأمة" أن قضية فلسطين هي قضية فلسطين والعالم العربي والإسلامي، لكنها في الأساس قضية وطنية مصرية، ويجب أن تتحمل مصر مسئوليتها تجاه القضية الفلسطينية، مشيرًا إلى أن كل معارك مصر على مر التاريخ كانت من أجل الشرق العربي. وقد حذّر قنديل من انحسار مصر داخل حدودها، واصفًا ذلك بفقدان مصر لوجودها بالكامل، مؤكدًا أنه لا يمكن الحديث عن دور مصري كواسطة بين فلسطين وإسرائيل، وقال: "حين تعود لمصر كرامتها ستعود مصر لفلسطين". واستنكر قنديل تمسك البعض بالمعونة الأمريكية، معتبرًا إياه قمة الذل والتبعية، مشيرًا إلى أن المعونة الأمريكية أهانت مصر وعرقلت دورها وأخرجتها عن مكانها الطبيعي، كما وضعت مصر تحت وصاية أمريكية، مؤكدًا أنه ليس وطنيًّا من يعترض على الاستغناء عن المعونة الأمريكية، كذلك ليس وطنيًّا من يرفض طرد السفير الإسرائيلي بالقاهرة. كذلك أشار الشاعر عبد الرحمن يوسف عبر قصيدته "من شرفتي بالقاهرة" إلى عمق العلاقات المصرية الفلسطينية، مؤكدًا عبر أبيات قصيدته أن الروح العربية تسري في الجسد المصري والفلسطيني على حد سواء، مطالبًا بضرورة توحيد الكلمة بين الجانبين حتى تزول هذه الغمة ويعود الحق إلى أهله.