من المفارقات "المضحكة".. أن الروائية الكويتية ليلى العثمان، و المعروفة بكتاباتها الجنسية الفاضحة، ترجمت جل أعمالها إلى الإنجليزية والروسسية واليوغسلافية والصينية، والصربو كرواتية ونشرت روياتها في مجلات متخصصة في بريطانيا وفي أمريكا، ونشرت لها دار "اورينت للنشر" الألمانية مجموعتها القصصية (الجدران تتمزق) . وقدمت الباحثة البولندية "بابرا ميتالك" رسالة دكتوراة في أدب ليلى العثمان رغم أن الأخيرة تشترك مع المغربي محمد شكري في أنهما ليسا متعلمين، فالأولى لم تستكمل دراستها الثانوية، والثاني ظل لا يجيد القراءة والكتابة حتى بلغ العشرين من عمره ! و من هذه "النقطة"، نعود من جديد إلى ما سلفنا الإشارة إليه، وهو هذا التزاوج بين "الحداثة و الطائفية"، في عالمنا العربي من جهة، و اتساعها لتتقاطع مع أهداف دوائر "طائفية" بعواصم غربية ، تتشح بوشاح "الحداثة" من جهة الأخرى: أليس لافتا للنظر أن تخرج الرموز الحداثية الكبرى في عالمنا العربي، في الشعر والفكر والرواية من تحت عباءة الأقليات العرقية والدينية؟ . نذكر منهم على سبيل المثال: الشاعر السوري "أدونيس" وهو علوي نصيري ،الروائي المصري "رؤوف مسعد" وهو قبطي بروستانتي ، والأكاديمي الجزائري محمد أركون وهو قومي أمازيغي، والروائي السوري حيدر حيدر وهو علوي نصيري ،وغيرهم كثير يضيق المقام لذكرهم. و من جهة أخرى فإن التقاء هذا البعد "الحداثي الطائفي" العربي، مع نظيره "الحداثي الطائفي" الغربي، يتجلى في تواتر المفارقات، التي تفاجئنا بها عاصمة "التنوير" و"الحرية" باريس وغيرها من العواصمالغربية "الحداثية"، التي ترتبط روحيا و فكريا و فلسفيا بالمدرسة الباريسية. إذ إنها تتصيد أي عمل أدبي أو فكري "عربي"، يكون قد تعرض وبإجماع مرجعيات لها ثقلها دينيا و فكريا للإدانة لخروجه على ما هو ثابت في الدين بالضرورة، وتتعهد بكفالته وحضانته والدعاية له و تقديمه على أنه يمثل الإسلام "الثوري" أو "المستنير" أو "العقلاني" و نحو ذلك. و نشير في هذا السياق إلى البنجلاديشية "نسرين تسليمة" و الهندي "سلمان رشدي" و المغربي "محمد شكري" والجزائري محمد أركون و غيرهم. وفي المقابل وهو المنحى الذي نستشعر فيه تجليات "الحداثة" في بعدها "الطائفي" إزاء الإسلام تحديدا قرار السلطات الفرنسية الرسمية، بمصادرة كتاب "الحلال و الحرام" للدكتور يوسف القرضاوي، ومصادرة كتاب "الأساطير المؤسسة للدولة الصهيونية"، للفرنسي المسلم "روجيه جارودي"، أنكر فيه "الهولكوست" ،وحوكم بشأن ذلك عام 1998 ،باعتبارها "جريمة رأي" !، وقضت المحكمة بحبسه، وخفف الحكم إلى الغرامة (20ألف فرنك) بسبب شيخوخته.. فيما قضي نفس القضاء في 21/10/2002، ببراءة الأديب الفرنسي "ميشيل هولبيك"، من تهمة "إهانة الإسلام"، رغم ثبوت وصفه للإسلام بأنه "دين غبي" ، في مقابلة اجرتها معه مجلة "لير" الفرنسية !. وللحديث بقية السبت المقبل بإذن الله تعالى [email protected]