ما حدث في نجع حمادي ليلة احتفال أقباط مصر بأعياد الميلاد لا يقبله شرع ولا يقره عقل ولا يوافق عليه مسلم يعرف حدود شرعه ودينه . فسياسة القتل الجماعي مرفوضة شرعا ً وخلقا ً.. والاعتداء على دور العبادة خط أحمر لا يجوز تجاوزه حتى في حالات الحروب.. والتي حفظ الإسلام فيها لدور العبادة مكانتها وقدسيتها فمنع الاقتراب منها أو مهاجمة رجال الدين المتعبدين بها . لذا جاء خبر الاعتداء على الأقباط في نجع حمادي لحظة خروجهم من الكنيسة بعد الانتهاء من قداس عيد الميلاد.. صادما للشعور العام المسلم قبل القبطي.. مهما حاول البعض تبريره بما حدث في فرشوط من حادثة الاعتداء على طفلة من قبل شاب مسيحي.. فكلاهما مدان.. ولا يعنى إدانة الاعتداء على الأرواح الرضا بحادث الاغتصاب كما قد يفهم البعض . فالإسلام علمنا العدل وأن نزن بالقسطاس المستقيم وهو الميزان الذي قامت عليه السموات والأرض . ولكننا ابتلينا في مصر بتحالف المال والضمائر المباعة من بعض الأقباط.. مع كثير من العلمانيين والذين انتهزوا الفرصة ليسكبوا مزيدا ً من الوقود فوق النار المشتعلة.. بدلا ً من تهدئة النفوس وترك السلطات المعنية بالضبط والتحقيق تمارس عملها.. ولكن الجوقة المغردة خارج سرب الثوابت الوطنية أبت إلا أن تتاجر بدماء الضحايا ومصابهم.. وتنفذ ما لديها من أجندة طائفية خارجية حتى تحلل الأموال التي تتدفق إلى جيوبها .. وإلا من يفسر لي هذه الوقائع ؟!! ما علاقة المادة الثانية من الدستور بما حدث في نجع حمادي.. حتى يجتمع التحالف المذكور أمام مكتب النائب العام منددا ً بالحادث ومطالبا ً بإلغاء المادة المذكورة. وكأن إلغاء المادة الثانية من الدستور سيحول دون مثل هذه الحوادث. وهل كانت هذه المادة موجودة يوم أن وقعت أحداث الخانكة عام 1972م؟!!! وهل كان الصراع في صعيد مصر بسبب المادة الثانية من الدستور ؟!!! بل أكاد أجزم أن عامة الشعب المصري التي تقوم بمثل هذه التصرفات لا تعرف المادة الثانية ولا غيرها ! وهنا أثبت ما قاله الفقيه الكبير د/ طارق البشرى: " والنص موجود من 1923م بإجماع واضعيه.. وباق أيضا ً باستقراء تاريخي كامل.. وهو أثبت من غيره إطلاقا. وهو ليس نصا ً يقوم به حزب أو جماعة سياسية من أجل الانتشار ودغدغة العواطف.. ودين الدولة الإسلام يقتضي بذاته الجزم بمصدرية الشريعة الإسلامية للتشريع.. وإلا كان النص لغوا. وليس يصح في الأذهان أن يكون أثبت نص في الدستور هو ما يوصف بكونه لغوا.. ولا يصح في الأذهان قط أن يقال: إن المجتمع المصري عرف الشريعة الإسلامية مصدرا ً للتشريع منذ اعتلاء السادات أريكة حكم مصر في 1971.. وإنه عرف الشريعة بوصفها المصدر الرئيسي للتشريع منذ شهر مايو سنة 1981 بالتعديل الدستوري الذي أدخله السادات. " ما علاقة الحركة الإسلامية بالحادث حتى تسارع الجوقة المذكورة بتحميلها المسئولية ؟! فلم يثبت أن شارك أحد المنتمين إليها في تلك الحوادث لا تحريضاً ولا مشاركة.. ومحاولة الربط بين عودة نشاطها في السبعينات وبين التوترات الطائفية المتعاقبة محاولة فاشلة.. فأحداث الخانكة الطائفية التي اندلعت عام 72 .. ووقتها لم تكن هناك حركة إسلامية حينها.. بل كانت رهن الحبس والسجن منذ عام 54.. وكانت مصر آنذاك مسرحاً مفتوحاً للماركسيين والملحدين. وكان الأولى بهم أن يرجعوه إلى التيار المتشدد الذي بدأ في التنامي داخل الكنيسة القبطية من عام 1971م.. والذي اتخذ خط التحرش بالمسلمين وافتعال الأزمات معهم وتهييج الأوضاع بين الحين والآخر.. مما دفع بالرئيس الراحل / السادات إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد رأس الكنيسة حينها لما توافر لديه من معلومات تؤكد الدور الذي لعبه في تأجيج نار الفتنة الطائفية !! والحركة الإسلامية التي يحاولون الزج بها في ثنايا الحادث.. هي التي سارعت إلى استنكار الحادث وإدانته.. انطلاقاً من رؤية شرعية ثابتة.. وليس مجرد كلام لتطييب الخواطر وفقط كما طنطنت الجوقة بذلك . بالرغم من كوننا أمام أزمة حقيقة تستوجب الصراحة ووضع اليد على الجروح الحقيقية.. راح البعض يتلمس تحقيق مصالحه المتنوعة وسط برك الدماء وعلى جثث الضحايا. فما علاقة إصدار قانون بناء دور العبادة الموحد بحادث نجع حمادي حتى يكون في مقدمة المطالب التي نادي بها أعضاء الجوقة ؟ وأعود فأكرر.. هل سيوقف القانون المشار إليه حال صدوره كل المشاكل التي تندلع بين المسلمين والأقباط ؟ !! وحتى تتضح الصورة أكثر فأكثر فإن ذات الوجوه التي انتهزت فرصة أحداث التسعينات لتجفيف منابع الإسلام بحجة محاربة الإرهاب والتطرف ها هي تعود من جديد لتنشب أظافرها في الإسلام من جديد.. محاولة تجفيف منابعه وإخفات صوته.. مدفوعة هذه المرة بإرث فكرى كاره للإسلام ورغبه محمومة في الحصول على أكبر نصيب من المال المرصود لتلك المهمة . أما الحل فيكمن في ترسيخ مفهوم الدولة في نفوس الناس.. تلك الدولة القادرة على استيفاء الحقوق ومعاقبة المخطئ أيا كانت ديانته .. وحفظ قواعد الأمن الاجتماعي وتطبيق نصوص القانون دون تفريق بين هذا أو ذاك. الحل يكمن في ضرورة عودة الأغلبية الصامتة من أقباط من عزلتها وراء أسوار الكنائس العالية .. وأن يعلموا أنهم شركاء فاعلون في الوطن.. وألا يسمحوا لأحد من أصحاب المصالح بأن يختطف مطالبهم ويتاجر بها.. وأن يوقنوا بأن الدولة الواحدة القوية خير لهم من وطن متمزق تتصارع فيه الأهواء والرغبات ..... الحل لن يكون إلا بإبراز عظمة الإسلام في عدله وسماحته تجاه المخالفين له.. وكيف أنه استطاع احتواء الجميع في منظومة عظيمة من الحب والود والصفاء. هذه المنظومة يعجز الكثيرون عن فهمها جهلاً منهم بعظمة هذا الدين العظيم. فهل وعى دعاة الفتنة ما قلت ؟!!!