اعتدت مؤخرًا أن أستخدم برامج الملاحة عبر الأقمار الصناعية المتوفرة على الهواتف الحديثة في زيارة الأماكن الجديدة التي لم أزرها من قبل بالسيارة، أو في حالات البحث عن طرق بديلة، بدل أن أسأل أحدًا من المارة. حيث تتمتع مثل هذه البرامج بمميزات فريدة لا تجدها عادة عندما تسأل أحدًا من حولك عن الطريق في شوارع بلادنا. فبمجرد أن تحدد هدفك ووجهتك ، ويحدد هو مكانك، يتم تنفيذ طلبك على الفور بتحديد الطريق المناسب، دون أن يستفزك بالسؤال المعتاد الذي تسمعه في مثل هذه الحالات : "هو قال لك فين"؟ كذلك فإن هذه البرامج على الرغم من محتوياتها التي تعد بالملايين من البيانات والمعلومات لملايين المواقع، فإنها لا تدعي العلم بما تجهله كما نفعل نحن، وتكتب لك ساعتها إنه لا تتوفر بيانات متاحة عن هذه المنطقة. وفي مقابل ذلك فإنك لا تكاد تجد أحدًا تسأله عن طريق أو مكان ويقول لك لا أعلم، فلابد أن يجيبك بأي وصفة حتى لو ضللك وأتاهك في الطريق، المهم ألا يظهر هو بمظهر الجاهل، ولا يهم ما يحدث لك بعد ذلك! والطامة الكبرى في وصفات الطرق في المحروسة هي الحرص الشديد على مخالفة قواعد المرور بالمشي عكس الطريق، حيث لا تكاد تسمع وصفة طريق في مصر إلا وتجد الشخص الواصف بتلقائية وبحسن نية يضع لك فيها "حتة عكس" أي السير عكس الاتجاه الصحيح للطريق، و"اخطفها" أي خدها بسرعة، ظناً منه أنه بهذا يساعدك ويختصر عليك المسافة! كذلك من مميزات هذا نظام الملاحة عبر الأقمار الصناعية أنه يظل معك طوال الطريق يرشدك إلى المنحيات ومداخل الطرق التي ينبغي عليك دخولها لتصل إلى هدفك. والحسنة الوحيدة هنا أن هذه الميزة تذكرنا بشهامة سائقي التاكسي في شوارع القاهرة الذين ما أن تسأل أحدهم عن طريق يبادرك بالقول "تعال ورايا"، حيث لا مانع لديه من أن يغير خط سيره خصيصًا لك ويعطل زبونه لأجل أن يوصلك شهامةً ولوجه الله! وإلى أن نتخلى بأخلاق ثورة يناير في شوارعنا ونحترم قواعد المرور، ونحترم حدود علمنا بالأشياء، سأظل استخدم الملاحة عبر الأقمار الصناعية في حلي وترحالي!