أثارت موافقة مجلس الشورى مؤخرًا على السماح للأحزاب السياسية باستخدام الشعارات الدينية في الانتخابات البرلمانية القادمة جدلًا واسعًا في الشارع المصري بين مؤيد ومعارض للقرار الذي اتخذه الشورى تعديل فقرة فى المادة 61 من القانون بحذف العبارة التى تحظر اسنخدام الشعارات الدينية فى الدعاية الانتخابية فمن أيد القرار أكد أن المحكمة الدستورية العليا هي صاحبة الكلمة النهائية في الموافقة على القرار من عدمه، ومن رفض قرار الشورى بالسماح للأحزاب السياسية باستخدام الشعارات الدينية أكد أن ذلك يؤدي إلى الانقسام في المجتمع، وهي محاولة يائسة من بعض القوي السياسية لاستعادة شعبيتها في الشارع المصري بعد الأخطاء السياسية التي ارتكبتها في السلطة. وفي إطار ذلك رصدت "المصريون" آراء القوى السياسية في قرار مجلس الشورى بالسماح للقوى السياسية باستخدام الشعارات الدينية في الانتخابات القادمة، وتأثير ذلك على الوضع السياسي في مصر. وفي هذا الصدد يقول "مختار غباشي"، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسي والاستراتيجية، إن استخدام الشعارات الدينية في الانتخابات هو أمر مرفوض ويؤدي إلى عواقب وخيمة منها أن تشهد الانتخابات المصرية القادمة شعارات تنافسية من النوع التالي: "الإسلام هو الحل" "مصر أهل البيت تنادي: يا حسين"، "المسيحية هي الحل"،"السلفية هي الحل"،"التشيّع لأهل البيت هو الحل"، "الجهاد هو الحل"، بالإضافة إلى أن استخدام الشعارات الدينية في الانتخابات هو نوع من الزج بالدين في السياسة ومناوراتها وألعابيها والتنافس على المناصب والمصالح واستخدام الشعارات يزيد من التوتر وتعبر عن كلها معارك تفتعلها الإخوان لتشغل المواطنين عن ما يحدث في حياتها من فقر وبطالة واقتصاد منهار. وأشار غباشي إلى أن توظيف الدين والشعارات الدينية مسألة كان قانون الانتخابات البرلمانية الحالي قد حظرها (في المادة 60) كما تفعل كل قوانين وتشريعات العالم، ووجود مثل هذا القانون يعتبر من أبجديات العملية السياسية وأوليات الانتقال الديمقراطي، وفي حال السماح باستخدام الشعارات الدينية وإلغاء الحظر الذي فرضته المادة 60 من قانون الانتخابات الحالي فإنه يسمح بذلك للتعصب الديني أن يطلق من دون رقيب ولا حسيب في أي مجتمع. وفي نفس السياق يقول الدكتور جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، إن القوانين التي تصدر عن مجلس الشورى لا تعتبر قوانين حاكمة لمستقبل البلاد فكيف ينفرد طرف واحد بحكم البلاد فمعظم مجلس الشورى من جماعة الإخوان المسلمين فهم يناقشون القوانين مع أنفسهم دون مشاركة المجتمع وطرح المشروع على الرأي العام ومشاركة الفصائل السياسية المختلفة فهناك قضايا تطعن في شرعية المجلس وبالتالي كل القوانين التي تصدر عن هذا المجلس سيتم الطعن عليها بالبطلان. وأوضح زهران أن إقرار قانون يبيح استخدام الشعارات الدينية في الانتخابات يعتبر تكريسًا لانقسام وتفكك المجتمع فإنه عندما يكون هناك شعار الإسلام هو الحل سيكون هناك في المقابل شعار الإنجيل هو الحل فما ما علاقة الانتخابات بالدين وهل الانتخابات وفوز المرشحين تأتي بالشعارات سواء كانت الدينية أو المدنية. فنجاح أي مرشح يأتي بقوة البرنامج الذي يتقدم به وقدرته على تنفيذ هذا البرنامج سواء في مجال الاقتصاد أو السياسة وأعتقد أن الناخبين أصبحوا يميزون جيدًا بين الحقيقة والشعارات التي لا تحل أي أزمات سواء كانت دينية أو مدنية فمثلا البرنامج الاقتصادي يكون محدد بأرقام وليس خطب أو كلام إنشاء. ومن المعروف أن الاقتصاد ليس له هوية ولا دين ولا وطن فدائمًا الشعب البسيط وخاصة الطبقات الفقيرة هي التي تتحمل عواقب توظيف الدين في السياسة فكثيرًا من الحالات تم استخدم الشعارات الدينية للتأثير على البسطاء فالتوظيف الديني الحقيقي يكون في بند الأخلاقيات والمعاملات وهذه مبادئ عامة ينص عليها الدستور فهذه فاستخدام الشعارات الدينية في الانتخابات إقحام غير سليم لن يحقق شيئًا. وتتفق معه في الرأي مارجريت عازر، الأمين العام لحزب الإحرار المصريين، والتي أشارت إلى أن التعديل على قانون الانتخابات للسماح باستخدام الشعارات الدينية يعمل على زيادة الاحتقان والتوتر، وهذا النص مخالف لنص الدستور الجديد الذي يحظر استخدام الشعارات الدينية بالانتخابات البرلمانية ويمنع استخدام المساجد أو الكنائس بالعملية الانتخابية أيضًا، وهذا التعديل لن يكون في مصلحة التيارات الدينية التي ترفع شعارات إسلامية لصعوبة تغيير توجهات الناخبين في الفترة القادمة بعدما لمسوه من سوء إدارة الإخوان للأزمات في مصر. وأشارت عازر إلى أنه مرفوض تمامًا أن تستخدم بعض الأحزاب الشعار الديني لخوض الانتخابات تحت لوائه لأن هذا يعتبر تنافسًا مع الأحزاب المعادية للدين أو التي ترفضه فإن مضامين هذه الشعارات سوف تتجه جميعها إلى اتهام خصومهم أنهم ضد الدين من الطرفين سواء القبطي أو أي ديانة أخرى وتعطي لنفسها سلطة حماية الدين، بالإضافة إلى أنهم سوف يستخدمون المساجد والمنابر وخطب الجمعة التي تكتظ بالجماهير مما يكون محذورًا على بعض الأحزاب الأخرى، وبذلك تفقد الانتخابات مبدأ التكافؤ الذي يكفله قانون الانتخابات. من منطلق آخر يقول أسامة سليمان، الأمين العام لحزب الحرية والعدالة بمحافظة البحيرة، إن مجلس الشورى ناقش بالفعل قانون الانتخابات البرلمانية وما يجب تعديله عليه ولكن يجب على كل الأحزاب الاعتدال في استخدام الشعارات الدينية وعليها التركيز على البرامج الانتخابية التي تخدم المواطن فلا يوجد أي تخوفات من القانون، لأنه ليس كما صوره البعض، ولكنها كالعادة تخرج الإشاعات بدون قراءة ما يحدث جيدًا أو الانتظار للنهاية حتى نرى ما توصلت إليه اللجنة والفيصل النهائي في الموضوع هو المحكمة الدستورية. فلو أقرت المحكمة القانون سنحترمه وإذا لم تقره سنحترم قرار المحكمة أيضًا ولا داعي لانعدام الثقة الموجود على الساحة السياسية فاستخدام الشعارات الدينية في الانتخابات أمر طبيعي من أحزاب قائمة على مرجعية إسلامية، ولكن يجب أن تكون لها ضوابط وأن كل حزب يجب أن يتسم بالمصداقية والأمانة الحقيقية، حتى يستطيع الوصول إلى أكبر قطاع من المواطنين ويكون له شعبية في الشارع. وأكد القيادي بالحرية والعدالة أن الشعارات الدينية لا تخالف النصوص الدستورية التي تقر أن دين الدولة الإسلام ولماذا ينتقد البعض الشعارات الدينية ويوافقون على الشعارات التي تدعو إلى الكفر، فالأحزاب ذات المرجعية الإسلامية من البداية حققت نجاحًا وأغلبية في الانتخابات السابقة وسوف تحققها في الانتخابات القادمة وكانت تنجح هذه الأحزاب. من ناحية أخرى يقول عصام شيحة، سكرتير مساعد حزب الوفد، إلغاء الفقرة الخاصة بحظر استخدام الشعارات الدينية في قانون الانتخابات يدل على سوء نية من التيارات السياسية التي تسن القوانين داخل مجلس الشورى، لأن هذا دليل على أنهم يصدرون القوانين التي تخدم مصالحهم فقط، وأنهم يحاولون استغلال أي ثغرة لاستعادة شعبيتهم التي فقدوها، فبهذه الطريقة يخيل لهم أنهم سوف يستطيعون التأثير على عقول الجماهير من خلال مجرد شعارات قائمة على الدين ولكن لا يدركون أن الأمر اختلف وقد أدرك الناخبون حقيقتهم. وأن قضايا الوطن لا يتم إصلاحها بالشعارات فقط، وأن الغرض من فوضى استخدام الشعارات الدينية مستقبلًا أن يغازل أنصار التيار الديني الشعب المصري المتدين بطبعه مما يمثل عائقًا أمام تطور أي عملية سياسية وديمقراطية داخل مصر فالناخب لابد أن ينتخب مرشحيه وفقًا لبرنامج انتخابي جيد، وليس على أساس شعار ديني فقط.