ترددت كثيرا فى كتابة هذه السطور . حيث أن الصف الإسلامى ينبغى أن يكون موحدا فى مواجهة العلمانية البغيضة , بيد أن جرعة التناقض والإضطراب فى مواقف حزب النور السياسية قد زادت عن حدها إلى الدرجة التى تدفعنى دفعا الى الكتابة , وإلى رصد وتحليل هذا التناقض العجيب . وكما هو معلوم ,, أن حزب النور هو الذراع السياسي للدعوة السلفية بالأسكندرية . تلك الدعوة السلفية التى لم تعمل أبدا بالسياسة قبل الثورة بدعوى عدم ملاءمة المناخ الإستبدادى العام وقتها للعمل السياسي الجاد !! ,فى حين أن حقيقة رفض العمل السياسي هى أن رموز الدعوة كانوا ينظرون إلى الديموقراطية كفلسفة حكم تتعارض تماما مع حاكمية الشريعة ,,,,,,,,, فما الذى تغير ؟! ولما كانت ثورة يناير المجيدة طفق شيوخ الدعوة إلى دعوة الشباب إلى طاعة ولى الإمر وعدم الخروج عليه لأنه قد يؤدى إلى منكر أكبر !! ولم تتغير هذه الدعوة إلى النقيض تماما إلا بعد أن اطمأنوا إلى حتمية زوال مبارك ّ!!!! وسبحان الله وبسرعة البرق تعلن الدعوة السلفية عن خوض العمل السياسي وتأسيس حزب النور !!! ليبدأ الحزب الوليد اولى اضطراباته وبدائيته السياسية عبر اختيارات عشوائية غير مدروسة لمرشحيه فى انتخابات مجلس الشعب 2012 وليبدأ أول مشاكساته السياسية لحزب الحرية والعدالة عبر دعمه فى بعض الدوائر لمرشحى الفلول ضد مرشحى الحرية والعدالة مثل دعمهم لطارق مصطفى ضد المستشار الخضيرى فى الأسكندرية ,, وفى كفر الزيات دعمهم لصلاح الحصاوى على حساب علم الدين السخاوى مرشح الحرية والعدالة ,,, وإلخ... ثم تأتى أكبر المفاجآت بتأييد حزب النور للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح فى انتخابات الرئاسة رغم تصريحاته ( مثل إمكانية تدريس *أولاد حارتنا* وعدم قتل من بدل دينه و ضرورة حل الكيانات الإسلامية ,, إلخ ) المتناقضة تماما مع مرتكزات حزب النور وتصوراته وكونه أبعد أيدولوجيا من حزب النور وأكثر انفتاحا عن الدكتور مرسي ( المحافظ ) مرشح الإخوان المسلمين !!!!!!!!! وفى خلسة الظلام يخرج رموز الحزب والدعوة السلفية متخفين ينظرون يمنة ويسرة ,, يحركهم الخوف على مصير الدعوة السلفية بعد أن نما إلى علمهم رغبة المجلس العسكرى فى تزوير نتيجة الإنتخابات الرئاسية وإعلان شفيق رئيسا للبلاد,, تسوقهم رغبة ترتيب الأوضاع وضمان جزء من الكعكة معه,, بعد أن يزج بالأخوان المسلمين (الوحشين!! ) الى السجون !! بل والأعجب أن ينكر هؤلاء تلك الزيارة بعد أن أعلن عنها شفيق نفسه ثم يتراجعون ويعترفون بها ,, مع إن الكدب حرام !!!!! وفى مشهد باراجماتى ,, يعقدون هدنة مع الإخوان أثناء كتابة الدستور لرغبتهم فى تمرير دستور إسلامى يحقق لهم وعودهم الإنتخابية ,, ويصطفون معهم أيضا تأييدا للإعلان الدستورى لنفس الغرض ,, الدستور . ثم يتابعون تناقضهم بوتيرة أعلى ,, بعد انشقاق مجموعة كبيرة منهم على رأسهم د-عماد عبد الغفور ويسرى حماد مكونين حزبا جديدا أكثر انضباطا وأعمق فكرا هو حزب الوطن ,, ليصل هذا التناقض مداه بجلوسهم مع جبهة الإنقاذ (التى تعمل إلى إفشال تجربة مرسي وإنهاء حكمه عبر أعمال إجرامية تخريبة فوضوية فى اتساق مع أركان النظام البائد والقوى الخارجية) وتبني حزب النور لكافة طلباتهم عبر مبادرته المشبوهة ,,والشهيرة ,, والتى مللت من كثرة سماعى لها فى كل الأحداث ,, ففى أى حادث يخرج علينا نادر بكار مذكرا وعاتبا على الجميع عدم الأخذ بمبادرتهم ,, مش كانت مبادرة حزب النور هى الحل؟؟ وكأنهم لا يملكون إلاها,, رغم ما قيل عنها من أنها إملاء *شفيق* وكتابة وإعلان *النور* !!!!!!!!!!!! والغريب فى هذه المبادرة هو رغبتهم فى تقديم النائب العام لاستقالته!! النائب العام الذى قالوا فيه شعرا قبل ذلك !! والأغرب هو كلامهم عن تعديل المواد الخلافية فى الدستور ,, علما بأن أكثر المواد خلافا مع العلمانيين هى المادة المفسرة للشريعة !! نفس المادة التى قاتلوا هم عليها أثناء وضع الدستور !!!!!!!!!! ويأتى ملف *الأخونة * على قمة إتهامات حزب النور للسيد الرئيس ولحزب الحرية والعدالة فى مشهد اسطورى بإمتياز ,, فاق حتى القوى العلمانية !!! ثم يأتى هتافهم بالروح والدم نفديك ياشيخ الأزهر !!! شيخ الأزهر!! شيخ الأزهر الذى كان فى أمسهم صوفى المنهج , دخن العقيدة !!! ويمثلون هم خوارج العصر فى نظره !!! ويأتى قول أحد رموزهم بنزع صفة السلفية عن الشيخ حازم أبو اسماعيل صادما ,, وكأن الطريقة السلفية صك بأيديهم !! حتى أتى موقفهم الأشد غرابة ,, فى دعمهم للقضاة بما يمثلون (فى بعضهم ) من أمل للثورة المضادة من عودة الأمور لنقطة الصفر وربما لما قبل الصفر بعودة مبارك وأركان حكمه ,, وإنهاء لحكم مرسي ,, ضد مقترح حزب الوسط لتعديل قانون السلطة القضائية !!,,بل ورافضين حتى للنزول فى مليونية تطهير القضاء !!. آخذين موقفا مغايرا لكل القوى الإسلامية والنزيهة كما هو الحال فى كل ما تقدم من مواقف . وأخيرا (حتى حينه!!) يأتى ندم الشيخ أحمد فريد على انتخاب الدكتور مرسي فى المرحلة الثانية من الإنتخابات الرئاسية وعدم انتخابهم للفريق شفيق ,, صادما أكثر وأكثر ,, فى إطار مسلسل تهويل التقارب الإيرانى المصرى بدعوى نشر المذهب الشيعى فى مصر!!! ولعل تلك الممارسات المتناقضة , المتكررة تضعنا أمام حالة من الباراجماتية الغير واعية لماهية العمل السياسي الشرعى بما يحقق الفائدة للحزب والبلد دون إخلال بضوابط الشرع وآدابه ,, أمام حالة من التيه فى صحراء السياسة الوعرة بعد فقدان ذاكرة الخلفية والمنطلق الإسلامى , مستنكفين عن الإعتراف بالحداثة السياسية . ولعل تلك الحالة من التناقضات والإضطراب التى عليها حزب النور ترجع إلى أسباب ,, أهمها............ 1- تباين الخطاب السلفى عموما مع خطاب الإخوان المسلمين ,, حيث يرى عموم السلفيين أن الإخوان أقل صلابة فى عقيدتهم ,, وأسهل تفريطا , من أجل التقارب مع العلمانيين . مما يعطيهم إحساسا بالأفضلية وأنهم حراس العقيدة والسنة . هذ الإحساس بالفوقية والأفضلية على الإخوان , يوقف تماما تأنيب الضمير المصاحب لمواقفهم المغايرة ( وربما شاذة ) ولو عمدا لمواقف الإخوان المسلمين . 2- * فوبيا * الخوف على الدعوة السلفية والمنهج السلفى من نجاح تجربة الإخوان المسلمين , وبالتالى نشر فكر الإخوان المتحلل !! (والمبتدع فى نظر متشدديهم ) بما يمثل خطرا على السنة !!!!! 3- رغبة فى إثبات وإعلان الوجود سواء من : أ- الناحية الدعوىة : حيث أن الدعوة السلفية حديثة بالمقارنة بدعوة الإخوان المسلمين ,, وغالبا ما يلجأ الأحدث إلى رمى الأقدم بالنقائص وتكبير أخطائه تبريرا لوجوده وإلا فما فائدة خروجه وعدم انضوائه تحت لواء الأقدم ؟ ب- الناحية السياسية : إن لم يقدم حزب النور رؤى وأفكار ومواقف مختلفة عن حزب الحرية والعدالة فلم أنشأ أصلا ؟؟ فلابد من إتخاذ مواقف مختلفة عن الحرية والعدالة من أجل إثبات الوجود حتى ولو كانت مفضولة أوحتى كانت تخدم القوى العلمانية أوقوى الثورة المضادة !!! 4- القفز من مركب الأخوان المسلمين المعرض للغرق ,, تذكر مجالسة شفيق ومجالسة جبهة الإنقاذ بل وتبنى طلباتها !!! 5- الروح السياسية التى تسيطر على رموز الدعوة وقيادة الحزب والتى هى أقل ميلا للمغامرة والإقتحام والصدام , بل يغلب عليها,, الإنتظار والتروى والذهاب للمنتصر المحتمل . 6- الرغبة فى تغيير الصورة النمطية فى ذاكرة الجميع عن السلفيين وتشددهم !! 7- مغازلة الإعلام وجميع القوى العلمانية والليرالية واليسارية والفلولية التى تعادى الإخوان المسلمين ,, استرضاء لتلك القوى ورغبة فى تقديم أنفسهم لهم كبديل معتدل وسطى للإخوان المسلمين. 8- الرغبة فى تقديم أنفسهم للناخب المصرى ذى المزاج الإسلامى كبديل إسلامى وسطى ليس فى عداوة مع القوى العلمانية وجبهة الإنقاذ (مثل الإخوان ) لدرجة أنه وسيط يسعى للصلح بين الفرقاء جميعا ,, فهو نقطة التقاء الجميع . بما يحقق حلمه بالفوز بالأغلبية فى البرلمان القادم ,, (ويفك عقدة أعضاءه الذين ما انفكوا يذكرونا بأنهم ثانى أكبر حزب فى مجلس الشورى !!!!!!!!!!!) 9- ما قيل عن علاقة حزب النور بدولة عربية خليجية شقيقة . وفى الختام أحب أن أذكر أخوانى فى حزب النور ب : 1- إن مرجعيتهم الإسلامية و الشرعية ,, تحثهم على نصرة إخوانهم فى الحرية والعدالة ,, وعلى ضبط إيقاع سياساتهم بتلك المرجعية . 2- _ لا قدر الله _ لو فشلت تجربة الدكتور مرسي فلا مجال لتجربتهم,, لأن أى خصم من رصيد الإخوان هو لا شك خصم من رصيدهم كذلك ,, 3- إن انتصار الثورة المضادة هو سجن واعتقال للجميع وإن اختلف التوقيت *أكلت يوم أكل الثور الأبيض * 4- إن نظرة العلمانيين لهم كمتشددين أبدا لن تتغير ,, وإن فرح العلمانيين بهم الآن وقتى ,, ولا يعدو إلا أن يكون شماتة بالإخوان المسلمين فقط ,, ومن باب *عدو عدوى صديقى* 5- أتمنى علي حزب النور ( الإسلامى ),, الهدوء والتوقف لمراجعة الذات وتنقية الصف والإعداد الجيد والصبر وعدم التعجل وإحسان الظن بالآخرين ومراجعة فقه الإختلاف وفقه الأولويات وتدريب الكوادر بعد تربيتهم تربية شرعية سياسية منضبطة وهيكلة الحركة وضبطها . والنظر تحت الأقدام لمعرفة أين يقفون ؟ ولمصلحة من تصب مواقفهم ومبادراتهم وتصريحاتهم ومعارضتهم ؟ وأحب أن أذكر الجميع بقوله تعالى : ((وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)) .... صدق الله العظيم أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]