مرحباً بك مستشاراً علمياً لرئيس الولاياتالمتحدةالامريكية ، ومرحباً بك عالماً جليلاً ، وإبناً من أبناء مصر . نحن واثقون أنك تريد الخير لبلدك مصر ، وترى أن لهذا الخير طريقاً واحدة وهى العلم . لقد تعلمت أيها العالم الجليل فى مصر على أيدى أساتذة نذكرهم بالخير ونترحم على أيامهم ، ثم سافرت إلى أمريكا ، وبهرك ما رأيته هناك ، بهرك الصدق الذى يتحلى به الناس وبهرك التشجيع و الرعاية الذين يحظى بهما كل مجتهد دون النظر إلى أية إعتبارات أخرى ، بهرك الإنضباط الذى الذى يحرص عليه الجميع ، وبهرك الإخلاص والأمانة ، بهرك جدهم حين يعملون ، بهرك جدهم حين يهزلون ، بهرتك الحرية المسئولة التى يتمتع بها ويحرص عليها الجميع ، بهرك الإلتزام بالقانون بلا فرق بين أبيض وأسود . وإجمالاً بهرك كل أنماط النظم السائدة من سياسية واجتماعية واقتصادية ، ولا يفوتنا انبهارك بالتغيير المستمر لوجه الحياة . لقد عملت واجتهدت فى ظل تلك الظروف فجأتك (نوبل) طوعاً وربما تأتيك مرة اخرى ثم جئت إلى مصر كالفاتح العظيم ، جئت فخورا بالنوبل ولك أن تفخر ، جئت لتقول لمصر ها أنذا يا أمى غبت عنك طويلاً ، ولكن لم يكن غيابى لهواً ولعباً ، جئتك وفى يمينى جائزة الدنيا ، جئت لأبنى لك صرحا علميا يُقيلك من كبوتك وتخلفك . ولكنك أيها العالم وأنت فى غمرة فرحك غاب عنك شيئ هام ، وهو أن العالم الذى رأيته هناك وأخذت بأسبابه كان لدى قوم يؤمنون به أيماناً راسخاً ، وسخّروا له حراسا يسهرون عليه ويوفرون له كل أسباب الرعاية ... حارس سياسى وحارس اقتصادى وحارس اجتماعى . الأول يهديه إلى الطريق والثانى والثالث يمدانه بالزاد المادى والمعنوى . وأنك لتعلم أن فى مصر أهل علم نهلوا المعارف من كل الجهات الأصلية والفرعية ، وفوق هذا يحكمها منذ الخمسينيات كوكبة من حملة الدرجات العلمية ذات القيمة ، ورغم ذلك لا تتقدم البلاد خطوة إلى الأمام إلا لتتقهقر خطوات إلى الوراء . ليس لذلك من تفسير إلا عدم إيمان الدولة بالعلم وكرهها للعلماء وحقدها والتقتير عليهم . ولا يغرنك إقامة عيد للعلم كل عام ، فهو أقرب إلى التأبين منه إلى الإحتفال . ولا يغرنك جوائز الدولة التى يعلن عنها سنوياً فهى دائما من نصيب من هجروا العلم . ثم هل قرأت أيها العالم أن الدولة اهتزت للوفيات المشبوهة لبعض علمائها ابتداء من سميرة موسى مرورا بمشرفة و المشد وبدير وبجمال حمدان وغيرهم . ولعلك لمست إعراضاً رسميا عن مشروعك حين حضرت أول مرة ، إذ اكتفت الدولة بمنحك قلادة النيل الذهبية ( الثقيلة جداً على حد تعبيرك) ظنا منها أنك إنما جئت لتأخذ العيدية ثم لتغرب عن وجهها ولا تحدثها عن العلم . ولعلك توافقنى على أن أكبر دليل على حتمية الإيمان بالعلم أن الدول ذات الحكم الشمولى مثل الاتحاد السوفيتى السابق والصين وغيرهما تطورت تطوراً أذهل أنقى الديمقراطيات فى العالم وذلك لإيمانهم بأن العلم ورعاية أربابه هما السبيل إلى الرقى . ولعلك تتابع أن حكوماتنا ووزراءنا تعليمنا لم يهتدوا بعد إلى نظام تعليمى سديد ، لقد عجزوا حتى عن الإقتباس من أمم رائدة أو محاكاتهم . نحن نقدر اصرارك على إقامة قاعدة علمية ونحييه ولكن يسبق الحديث عن القاعدة الحديث عن ضرورة توفير مناخ شبيه لذلك الذى نعمت به فى المهجر . ندعوك للمطالبة بالإصلاح الذى يضمن الإتيان بإناس مخلصين يحبون البلد ويؤمنون بالعلم ، ولا تنس التأكيد على أنك لا تنوى ترشيح نفسك للرئاسة حتى تكون دعوتك منزهة عن الهوى . [email protected]