النقاب في مدوناتنا الفقهية اسم لما تستر به المرأة وجهها عن الرجال الأجانب عنها، وهو أمر قد دلت عليه نصوص الكتاب والسنة، وعملت به النساء المسلمات منذ نزول تشريعه، واستمر فيهم حتى صار عادة تفعله المتفقهات وغير المتفقهات، فهو بذلك عادة وعبادة، عادة لوجود ذلك في دنيا المسلمات، وعبادة لأمر الشارع به، وما يكون من خلاف بين أهل العلم في هذا الموضوع، فهو في تفسير الأمر به، هل هو أمر إيجاب أم أمر استحباب، وما يذكره بعض الناس من أن ستر المرأة وجهها أمام الرجال الأجانب عنها هو عادة وليس عبادة، فذلك من الكذب على الله ورسوله يجدون حسابه عند الله-إن لم يتوبوا-يوم تجزى كل نفس بما كسبت. عندما ينظر المرء إلى الحالة الهستيريا التي تُعامل بها بعض الأنظمة موضوع النقاب من خلال رؤساء الجامعات وعمداء الكليات يخيل إليه أن النقاب آلة خطيرة من آلات الإرهاب المستخدمة في إزهاق الأنفس المعصومة أو قلب أنظمة الحكم الرشيدة، حيث تمنع وتطارد النساء المرتديات له في كل المجالات، ومن غريب الأمور عندما تفتق ذهن بعض الأخوات للخروج من هذا المأزق ولجأن إلى لبس الكمامات الطبية التي ينصح بها الآن على نطاق واسع لتكون وقاية من انفلونزا الخنازير، كان رد الفعل فجا وغير معقول حيث رفضت الإدارات ذلك وأصروا على إزالة الكمامة، ولا شك أن حالة الحقد المصبوبة على أي توجه إسلامي أعمت هؤلاء عن أي سلوك مقبول ولو كان هؤلاء يتمتعون بلياقة عقلية وتصرفات ذكية لقبلوا هذا الحل الذي يحفظ لهم هيبتهم في ظاهر الأمر ويحفظ للطالبات حقوقهن، باعتبار أنها كمامة طبية تدعو إليها الهيئات الصحية، لكن الشيطان أبى لهم إلا أن يفضحوا أنفسهم ويفضحوا الأنظمة التي تستخدمهم وقد كانوا في غنى عن ذلك، ولعل هذه القضية تكشف بجلاء ووضوح لا شك فيه وجود عداوة حقيقية لأي مظهر إسلامي ولو كان لا يحمل أية خطورة ولو كان مجرد قطعة قماش تستر به المرأة وجهها، وهو ما يستدعي أن يكون العلماء الحقيقيون والدعاة إلى الله تعالى على بينة من هؤلاء فلا ينخدعوا أو يخدعوا الناس بهم. لقد كشف هذا الأمر زيف الدعوات التي تُتلى على أسماعنا ليل نهار بضرورة تقبل الآخر وعدم بغضه أو كراهته، وكأن الدعوة فقط لتقبل الكفر والفسوق والعصيان والتأقلم معه، فما بالهم لا يفعلون ذلك مع النقاب حتى لو افترضنا أنه عادة فقط، أليسوا يدعون إلى احترام عادات وثقافات الأمم الكافرة، وعدم هجوها أو التنقص منها؟، كما كشف من جانب آخر أن هناك نساء فضليات كثيرات دينهن أغلى عليهن من كل متع الدنيا وزخرفها الفانية غير الباقية فالآخرة خير وأبقى، وقد قضى الله تعالى أنه لا بد من الاختبار والابتلاء ليتميز الذين صدقوا من الكاذبين، قال الله تعالى: "ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين"، فلا ينتظرن أحد عزة ورفعة بغير ابتلاء، نسأل الله العافية والثبات