شنت النائبة القبطية جورجيت قليني، هجوما لاذعا على اللواء مجدي أيوب محافظ قنا، مطالبة بإقالته على خلفية حادث الهجوم على كنيسة نجع حمادي الأربعاء الماضي الذي أسفر عن سقوط 7 قتلى بينهم شرطي مسلم و9 مصابين بينهم 15 مسيحيا، مؤكدة أن جميع الأقباط في قنا يكرهونه ولن يعودوا إلى منازلهم إلا بعد إقالته. وخلال اجتماع لجنة الدفاع والأمن القومي ومكتبي لجنتي حقوق الإنسان والشئون الدينية، وصفت قليني المحافظ بالكذاب، وقالت: "يؤسفني أن أقول أن تلك الأحداث يحملها محافظ قنا جميعها للأخوة الأقباط وقوله لي بالحرف الواحد وأمام رئيس اللجنة المشكلة من المجلس القومي لحقوق الإنسان إن كل المشاكل التي تحدث في قنا تأتي من خلال المسيحيين فقط"، وقالت إنه من الواضح أن المحافظ يحظى بشعبية المسلمين فقط في قنا. بدوره، أرجع اللواء مجدي أيوب هجوم نجع حمادي إلى العديد من الحوادث التي مثلت استفزازا للمسلمين، ومن بينها واقعة اغتصاب طفلة مسلمة في فرشوط، وقال: أنا مسيحي ومحافظ قبطي، ولقد شرحت للنائبة وقائع الحادث والتي بدأت بواقعة الاغتصاب للطفلة المسلمة وتبعها نزع أحد الأقباط وهو صاحب محل للموبايلات لنقاب إحدى المسلمات أمام محطة الأتوبيس لشكه في قيامها بسرقة أحد أجهزة الموبايل من محله، فضلا عن تداول صور شابات مسلمات بطريقة فاضحة على تليفونات محمولة لمسيحيين. وكانت قليني زعمت أن الأنبا كيرلس أسقف نجع حمادي غير أقواله بشأن الهجوم بعد أن تم اعتقال 24 مسيحيا، وتوجهت إلى المحافظ مطالبة إياه بالكشف عن الحقائق في مسألة قيام مطران الكنيسة بتغيير أقواله. ودخلت النائبة في جدل مع نواب الأغلبية الذين رفضوا هجومها العنيف على محافظ قنا، حيث اعتبر النائب علي عطوة أن كلامها يشعل نار الفتنة، وتابع قائلا: "ده كلام يعمل فتنة لوحده.. إحنا جايين عشان مصر"، وردت قليني باتهام النواب بأنهم يساندون المحافظ "باعتبارهم زملاء سابقين له في الأمن". ومع استمرار المشاحنات، انسحبت النائبة من الاجتماع قائلة بسخرية: "ابقوا قابلوني"، وعادت لتصف المحافظ مجددا بالكذاب، فيما اضطر الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس المجلس لتهدئة النائبة، وقام عدد من النواب وبينهم علاء عبد المنعم ورجب هلال حميدة وأحمد شوبير ومحمد عبد العليم داود بإحضارها مرة أخرى لمواصلة الاجتماع. ووصف سرور الحادث بالحريق الذي ينهش جسد الأمة، محذرا من أن تجاهله يبدد الوحدة الوطنية وينشر عدم الثقة في البلاد، وأضاف: إننا جميعا نتحمل مسئولية عن مواجهة هذه الجريمة سواء الإعلام أو التعليم أو الثقافة، ودعا إلى ضرورة نزع بذور الإجرام، والقضاء على التعصب الأعمى الذي يملأ قلوب الجهة والمجرمين. وأكد أن هذه الجريمة لن تكون الأخيرة إن لم نتكاتف لمواجهة المتربصين لمصر من الخارج الذين يهمهم هز الوحدة الوطنية التي ينجم عنها ثورة طائفية تقضي على الأخضر واليابس. من جهته، أعلن محافظ قنا أن أجهزة الأمن فرضت سيطرتها على مدينة نجع حمادي وقراها في أعقاب الهجوم حيث تم تكثيف الخدمات الأمنية، بينما استنكر جميع أئمة المساجد في خطب الجمعة الجريمة ودعوا إلى نبذ العنف، وأشار إلى ضبط جميع مثيري الشغب من الطرفين الذين حاولوا تصعيد الأحداث وأحيلوا للنيابة. وردا على سؤال لسرور حول أسباب هجوم نجع حمادي وعما إذا كانت سياسية أم إيديولوجية أم جنائية، أكد أيوب أن المتهم الأول محمد أحمد حسن الكمونى كان يمر بأسباب نفسية أو خلافات أسرية، وكان متأثرا بأحداث اغتصاب طفلة فرشوط على يد شاب مسيحي وبتداول صور شابات مسلمات على تليفونات محمولة لمسيحيين، وأضاف أن تحريات الأمن وتحقيقات النيابة ستكشف الخبايا. ورفض المحافظ الجزم بأن هناك أحدا وراء المتهم إلا بعد انتهاء التحريات والتحقيقات الجارية مع المتهمين، وقال: لو ظهر أحد وراء المتهمين حتى الآن سيتم كشفهم، ونفى أن يكون للمتهم "الكموني" اتجاهات دينية، وذلك في إجابته على سؤال لسرور عن السجل الإجرامي للمتهم وعما إذا كانت هناك عناصر أخرى استخدمته للاستفادة من قدراته الإجرامية، وعما إذا كان معروف عنه التعصب؟ من ناحيته، أكد الدكتور مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية أن هذا الحادث يجسد غدر وخسة أفراد تجردوا من المشاعر الإنسانية تحركهم نفوس شريرة، وأشار إلى اعتراف المتهمين الثلاثة بارتكاب الجريمة في تحقيقات الشرطة واعتراف أحدهم بالجريمة في تحقيقات النيابة. وقال إن هذا الموضوع يحتاج إلى تحليل أعمق لأجواء الاحتقان التي تسود بعض المناطق وكيفية مواجهتها، مشيرا إلى أن الاحتقان يسهل أهداف مروجي الشائعات، وتساءل عن أسباب الوصول إلى الجو المشحون بالقلق؟. وألمح الوزير إلى وجود علاقة بين حادث نجع حمادي وقافلة "شريان الحياة 3" التي ترأسها النائب البريطاني جورج جالاوي، فضلا عن اغتيال الجندي المصري على الحدود، وقال: بغض النظر عن الشق الجنائي الذي سيأخذ مجراه، فإن موضوعات كثيرة تحتاج إلى بحث، وعلى رأسها "الصدفة" بين وصول بعثة جالاوي، واغتيال الجندي المصري على الحدود وجريمة نجع حمادي. في حين دعا النائب الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس لجنة الشئون الدينية بالمجلس إلى ضرورة تحرك المؤسسات الدينية والدعاة والمفكرين من المسيحيين والمسلمين لتأمين الوطن وتضامن كل القوى المصرية الوطنية لتصفية جيوب التطرف والإرهاب والدعوة إلى الوحدة الوطنية وترسيخها حتى لا تقع في مهب الأعاصير التي يستغلها الكارهون لمصر. واقترح عودة البرنامج التلفزيوني "ندوة الرأي" لتصحيح المفاهيم وتقديم الحقائق التي نادى بها القرآن، ودعا إلى تكاتف كل شرائح المجتمع ومضاعفة دور الإعلام والمؤسسات الدينية. من ناحيتها، أكدت الدكتور زينب رضوان وكيل المجلس أن القانون الجنائي كفيل بالتصدي لهذه الجريمة أما إذا كانت جريمة عقائدية فلابد من مواجهتها بصحيح الدين الذي لا يكتمل إلا باحترام العقائد، والإيمان بأن عقيدة الشخص خاصة بينه وبين ربه، وطالبت بتوقيع عقوبة رادعة على كل من يسعى لإزكاء الفرقة. وقال الدكتور إدوارد غالي رئيس لجنة حقوق الإنسان إن مرتكبي جريمة نجع حمادي أساؤوا إلى المسلمين أكثر مما أساءوا إلى أنفسهم، لأن الدين الإسلامي يدعو إلى المحبة، وأكد ثقته في القانون والعدالة. فيما وصف النائب محمود أباظة رئيس حزب "الوفد" الجريمة بأنها تبلغ جريمة الخيانة العظمى للوطن، وقال إن لها طابعا خاصا وليست نتيجة تجمهر ويقتضي الأمر أن تأخذ العدالة مجراها بسرعة وإنزال العقاب على مرتكبيها بعد سقوط 7 قتلى و9 مصابين بينهم 15 مسيحيا، وطالب بأن يكون القانون سيفا على من يزدري الأديان أو يحض على الكراهية. كما طالب بتشكيل لجنة تقصي حقائق برلمانية لتقصي حقيقية الأوضاع في نجع حمادي وفرشوط، وقد وافق سرور على مقترحه وقرر تكليف لجنة حقوق الإنسان بالسفر إلى نجع حمادي لتقصي الحقائق هناك. وطالب أباظة بعودة المسيحيين الذين أخرجوا من بيوتهم بعد أحداث فرشوط في حماية الدولة وأن يتم تعويضهم وتفعيل الحق الدستوري في إقامة الكنائس، وعقاب محافظ قنا قائلا: إن جميع الأسر المسيحية عادت إلى بيوتها في فرشوط وصرفت التعويضات ما عدا أسرة واحدة هي أسرة الشاب المتهم باغتصاب الطفلة المسلمة التي أصرت على عدم العودة برغبتها.