على الرئيس محمد مرسي مآخذ عدة، وخطايا النظام الجديد في مصر تكتب في مراجع، ولا تتخير عنه المعارضة في شيء، فهي تطرح نفسها كبديل يمثل كل أبجديات البؤس والإفلاس، ولا هم لهم سوى الكراسي، وإذا كان الشعب المصري قد هب لإقتلاع نظام فاسد كان يسرطن جسد الوطن بالجملة والقطاعي، فقد حصدنا نظامًا عشوائيًا ومعارضة لم تمنح الوطن سوى كثير من الضجيج ولم نر منها أي طحن. صرنا في مهب الريح والعراء أكثر، فالفقراء يزدادون فقرًا، والبؤساء يزدادون بؤسًا، وعشرات الملايين من الشعب لا يجدون ما ينقفون، والذين ينفقون أموالهم ليحملوا الشعب على الكفر بالثورة، أضعاف أضعاف الذين يضمدون جراحه ويحاولون تخفيف العبء عنه، والسياسيون يزدادون عنادًا وغنًا، ولا يضرهم أن تسقط مصر جثة هامدة، طالما أن أقل سياسي فيهم يمتلك عشرات الملايين. ازداد النزيف من شرايين الاقتصاد كل يوم، فقد أضرب العمال عن العمل، وصارت المطالب أكبر من قدرة أي دولة على التعاطي معها، وفتح رجال الأعمال نار جهنم على الشعب عبر قنواتهم الإعلامية، لأنهم يدركون أن ساعة حسابهم وفتح ملفات فسادهم صارت قريبة، فأخذوا يفيرسون جسد الوطن، ويضعون العصا في العجلة كلما حاولت التحرك، فصرنا نتراجع يومًا بعد يوم ويتآكل اقتصادنا كل ساعة. لو لم تسارع قطر ومصر في غرفة العناية المركزة بضخ مليارات الدولارات في شرايين الاقتصاد المصري، لأكل المصريون بعضهم بعضًا من الغلاء، والسياسيون في بروجهم العاجية لن يضرهم شيء. سارعت قطر بدفع مليارات الدولارات وهي تدرك أن لا ناقة لها في مصر ولا جمل, وأعلنت عن إلغاء نظام الكفيل للشركات المصرية العاملة في قطر(لعل الرافضون يتصايحون أن قطر تريد الحصول على علمائنا بالمجان!!) سارعت قطر بدفع مليارات الدولارات، وأعلنت عن تزويد مصر بالغاز الطبيعي، وهذا الغاز سيذهب للمواطنين المسحوقين في بيوتهم ولن يذهب لجيوب الإخوان!! فعلت ذلك ونحن نلقي عليها قذائف من البذاءات والشائعات في معظم وسائل الإعلام. ولو اختارت الوقوف على الحياد لكان أسلم لها ولأفرحت رجال المعارضة الذين يأتون بأفعال أقرب للدعارة السياسية منها للعمل الوطني، ولو فعلت قطر ما يتمناه رجال المعارضة بالامتناع عن إعطاء مصر أي دولار لتقاتل المصريون جراء ارتفاع الأسعار. سيقول السفاء من السياسيين، أن الدوحة تفعل ذلك لأهداف سياسية تريدها، والجواب أهلًا بكل من هم عرب يضخون في شرايين اقتصادنا ما يحتاج إليه بسطاء الوطن ويخففون عن الفقراء نار الأسعار، ويأخذون عمالة من شعبنا بلا كفيل. إنه يمكن الجزم أن كل الدول العربية بلا استثناء، وبلا منَّ أو أذى، كلها مدينة للشعب المصري، وله عليها فضل، ففي الحقب الزمنية الماضية، لم يرسل الرؤساء المصريون أبناءهم لتعليم تلك الشعوب، لكنهم أرسلوا أبناء الشعب المصري ليعلموهم العلم، وليداووا مرضاهم، وليشاركوا في بناء نهضتهم، بل إن القبلة التي إليها يحج ملايين البشر سنويًا، كانت تصنع كسوتها على أيدي الشعب المصري. والذين يكنزون ملياراتهم في بنوك أوروبا، ويرون شعبًا شقيقًا يعاني، شعبًا أبيًا كان وما زال وسيظل يقود قاطرة الأمة، هؤلاء ما رف لهم جفن، وإن كان المصري يتعرض في بعض دول الخليج "العربي!" للإهانة لا لذنب جناه سوى أن ثورة قامت على أرضه فإن تلك الصورة لن تدوم طويلًا. وإذا كان بعض الذين على رأسهم بطحة، يخافون من أن يدركهم ما أدرك النظام السابق من اقتلاع، فتلك مشكلتهم مع شعوبهم، وليست معنا نحن، وإن كانوا يفتقدون الثقة في شعوبهم، فتلك أزمتهم، وهذا لا يبرر لهم أن يكيدوا للشعب المصري، ويحتضنوا الخلايا السرطانية التي اقتلعتها الثورة، ولا يبرر لهم أن يزكوا حالة الانفلات، والفوضى التي كلما هدأت في شوارع مصر، وجدت من ينفخ في نارها مرة أخرى. إن مصر ستنهض من كبوتها، وهذا الشعب الذي أبهر الدنيا بثورته، وأربك الجميع بحالة التوهان التي يدخلها أحيانًا، وكذلك الخروج الآمن من كل كبوة تنزل به.. هذا الشعب سيقف على قدميه.. سيمضي للأمام.. سيرمي في سلة مهملات التاريخ كل سياسي فاشل وكل معارض نهاز لا يقل فشلًا عمن ينتقدهم. إعلامى مصرى