يخطئ من يظن أن معركة إسقاط نظام مبارك قد انتهت بسقوط رأس النظام، أو بتولي الرئيس (محمد مرسي) مهام عمله في إدارة البلاد، يخطئ من يعتقد أن مئات الآلاف من الفاسدين والمستفيدين من عهد مبارك ونظامه قد يتخلون بسهولة عن مواقعهم، وهو ما يعني ببساطة احتمالية دخولهم خلف الأسوار نتيجة محاسبتهم على أفعالهم، المعركة التي تدور رحاها حاليًا هي في حقيقتها معركة بين الثورة وبين قوى الثورة المضادة، حتى وإن كان للمعارضة الكثير من المطالب المشروعة، ولكن المشكلة أن قوى الثورة المضادة لبست نفس الثوب، وأصبحت تنادي بما تنادي به المعارضة، ليس حبًا في الثورة بالطبع؛ ولكن رغبة منها في الحفاظ على شبكة مصالحها الحالية. أقرب التشبيهات لهذه المعركة بمفرداتها وصلتني في رسالة من الصديق العزيز (أيمن محمود) والذي اعتبر أنها أشبه ما تكون بمباراة بين فريقين أحدهما يمثل الثورة، والآخر يمثل الثورة المضادة؛ الفريق الذي يمثل (الثورة) نجح في منتصف الشوط الأول في إحراز الهدف الأول في مرمى فريق (الثورة المضادة) ولكن سرعان ما تم إلغاء هذا الهدف بقرار "مفاجئ" من حكم المباراة، وكان هذا القرار هو حل مجلس الشعب المنتخب!! لم يبال فريق (الثورة) بهذا القرار المتعسف واستطاع إنهاء الشوط الأول في (30 يونيو 2012) بهدف ثمين أحرزه في الدقيقة الأخيرة من الوقت بدل الضائع في مرمى فريق (الثورة المضادة)، وهو انتخاب رئيس جديد للبلاد من معسكر (الثورة)، بدأ الشوط الثاني بنقص عددي في فريق (الثورة المضادة) بعد خروج (سليمان وشفيق)..! وبعد دقائق من بداية الشوط الثاني خرج أيضًا لاعبان مؤثران وهما (طنطاوي وعنان)..! أدى هذا النقص العددي الكبير في صفوف فريق (الثورة المضادة) إلى اعتماده على سياسة إضاعة الوقت والإرباك والاستفزاز، ولكن فريق (الثورة) كان واعيًا لهذه الخطة واستطاع التغلب عليها وإحراز هدف آخر بعد مرور نصف ساعة من عمر الشوط الثاني، وكان هذا الهدف هو وضع دستور جديد للبلاد، النتيجة حتى الآن هدفين مقابل لا شيء! اقتربت نهاية الشوط الثاني واقتربت معها نهاية المباراة.. محاولات مستميتة من فريق (الثورة المضادة) لإحراز أي هدف ولكن جميع المحاولات تبوء بالفشل! العصبية بدت على وجوه فريق (الثورة المضادة) وبدأت محاولات متعمدة لإحداث إصابات في صفوف لاعبي فريق (الثورة) لاستفزازهم حتى تحدث مشاجرة بين الفريقين تؤدي إلى إلغاء المباراة!! في الوقت الذي تقترب فيه المباراة من نهايتها، يستغل أحد اللاعبين ثغرة في فريق الدفاع عن الثورة ويحرز هدفًا مفاجئًا في مرمى فريق الثورة!! حكم محكمة الاستئناف بعودة النائب العام السابق يحدث ارتباكًا في الصفوف بهدف إعادة فريق (الثورة) إلى منطقة الدفاع مرة أخرى لينشغل عن الهجوم بتحصين دفاعاته..!على الرغم من الإعياء والتعب والغضب والألم الذي يبدو على وجوه لاعبي فريق (الثورة)، إلا أنهم يلتزمون أقصى درجات ضبط النفس ويتحملون بروح عالية جميع أشكال الخشونة المتعمدة، وفي عيونهم نظرات إصرار وتحدٍ ورغبة حقيقة في إحراز هدف ثالث يؤكد فوزهم ويقضي تمامًا على أحلام وآمال فريق (الثورة المضادة)! الهدف الآن هو انتخاب مجلس للنواب تكتمل به مؤسسات الدولة ويتحقق به الاستقرار السياسي الذي تسبب غيابه في تردي الوضع الاقتصادي ووصول البلاد إلى حافة الخطر. هل سينجح فريق (الثورة) في الفوز في هذه المباراة الصعبة والقضاء على حالة الفوضى وتحقيق الاستقرار؟ أم سينجح فريق (الثورة المضادة) في تعطيل المباراة وإلغاء النتيجة وبقاء الحال على ما هو عليه أو التردي إلى الأسوأ؟ دقائق حاسمة من عمر المباراة.. ومن عمر هذا البلد، جماهير الشعب كلها تنادي قائد الفريق: لا تعد للوراء.. الهجوم خير وسيلة للدفاع، واصل مشوارك نحو تحقيق النصر، اصنع إنجازًا في الشارع يشعر به المواطن حتى تنضم لك المزيد من الجماهير وتقف بجانب الفريق في المدرجات، احذر من أن تستدرج إلى معارك جانبية فينصرف عنك المشجعون ويغادروا الاستاد، وبالرغم من كل شيء.. حتى وإن شعر البعض أنه لا أمل من تحقيق النصر في المباراة، ولكن علمتنا الأيام أن الفريق صاحب القضية وصاحب الروح العالية الذي تقف معه جماهيره تدعمه وتسانده..هو الذي يحقق النصر دائمًا في النهاية. [email protected]