ها هي بركات الدكتور هنري كيسنجر وزير خارجية أميركا الأسبق تحل على العرب والمسلمين ، فقد صرح عقب اجتماع للرئيس بوش بوزراء الخارجية الأمير كان السابقين مؤخرا ، بأن حل مشكلة العراق يكمن في تشكيل هيئة اتصال ، تضع الحل الملائم للشعب الشقيق. ومعلوم أن هذه الهيئة تقترح الحل الذي تراه ويكفل وقف الاقتتال الداخلي ، والتنازع الطائفي والعرقي ، ويرجح أن يكون الحل وفقا لبعض التصريحات الذي صدرت هنا وهناك : تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات مستقلة استقلالا صريحا أو غير صريح تحت لافتة الفيدرالية أو الكونفدرالية . كان هنري كيسنجر عقب اتفاقيات فصل القوات التي وقعتها مصر وسورية مع الكيان اليهودي الغاصب في فلسطينالمحتلة عام 1974م ، قد وضع مخططا لما سمته " عبرنة المنطقة " على وزن بلقنة اليونان وما حولها ، أي تفتيتها وتمزيقها على أساس طائفي وعرقي ومذهبي ولغوي، كي لا يكرر العرب حرب رمضان مرة أخرى ، ونشر هذا المخطط في الصحف الأميركية في حينه ، ونقلته في كتابي الحرب الصليبية العاشرة ، الذي نشر عام 1979م، وظن بعض الناس أن الأمر فيه مبالغة ، وأنه يدخل تحت بند نظرية " المؤامرة " ! ولكن الواقع كان أغرب من الخيال ، فقد أشعلت أميركا النار في لبنان ، وظلت الحرب الطائفية قرابة خمسة عشر عاما، أكلت الأخضر واليابس ، ولم يتوقف المحاربون إلا بعد أن تعبوا وأنهكوا ، وانتقلت المعارك إلى السودان ولم تتوقف حتى الآن مع أن الحكومة وقعت اتفاقيات تؤسس للتقسيم وتكوين دويلات جديدة ، وتعارك اليمنيون الجنوبيون مع اليمنيين الشماليين ، وإن كان الحسم قد تم لصالح الوحدة ، وقام النظام الطائفي النصيرى في دمشق بشن حرب ضد الأخوان المسلمين وأزهق أرواح أربعين ألفا من أهل السنة ، وحرضت أميركا عساكر الجزائر ليقتلوا قرابة ربع مليون جزائري بعد انتخابات نجحت فيها جبهة الإنقاذ ، وما زالت ذيولها قائمة بالإضافة إلى صراع لغوى بين البربر والعرب تحول إلى مطالب سياسية ، ثم كانت حرب البوليساريو ضد المغرب من أجل الساقية الحمراء ، وفي تونس وليبيا كان الصراع البوليسي ضد المعارضة وخاصة الإسلامية ، وفي الخليج بدأ تحريك جماعات العنف.. ثم جاءت عملية " إعادة الأمل " في الصومال وتفتيته بعد هلاك الطاغية " سياد بري " ، وصارت " الصوملة " مصطلحا شائعا تردده وكالات الأنباء ، ولما بدا أن المحاكم الشرعية يمكن أن توحد الصومال من جديد ، وتحقق أمن الشعب الصومالي حركت عملاءها من أمراء الحرب الصومالية ليشعلوا النار من جديد ، مثلما حركت مؤخرا أمراء الطوائف في لبنان لفصمه عن محيطه العربي والإسلامي. قبل احتلال العراق دفعت أميركا "صدام" دفعا ، بمعرفة رامسفيلد ليقاتل في إيران لمدة ثماني سنوات أهلكت الحرث والنسل ، وكانت النتيجة صفرا كبيرا ، ثم حرضته بمعرفة جلاسبي ليحتل الكويت وكانت النتيجة صفرين كبيرين ! أما المحروسة أم الدنيا ؛ فقد ظن بعض المتفائلين أنها بمنجاة من هذا المخطط، ولكن التنفيذ كان يمضي على قدم وساق ، ففي الوقت الذي كان فيه النظام البوليسي يحارب المسلمين ،ويحرم عليهم الوظائف المؤثرة ، بل يمنع أن تظهر مذيعة محجبة على شاشة التلفزيوني المصري ، كان التطرف النصراني يستعر ، ويتشجع ، ، ويستقوى علنا بأميركا الصليبية والغرب الصليبي ،ويفرض شروطه لإلغاء كل المظاهر الإسلامية في مصر ، ويسعى لزرع البلاد بالكنائس والجمعيات النصرانية ، ويرغم السلطة البوليسية الفاشية على تسليمه من يعلن إسلامه ليحبسه ويعتقله في وادي النطرون بعد أن يحلق شعره على الزيرو ؛ خاصة النساء .. فضلا عن مطالب أخرى لا تتمتع بها الأغلبية المضطهدة ، ينفذها النظام صاغرا ذليلا! في الوقت ذاته يستعين المتطرفون النصارى بكتائب المارينز الذين يحملون أسماء إسلامية ، ولكنهم يكرهون الإسلام وكل ما يمت إليه بصلة . هذه الكتائب تضم أشتاتا من الماركسيين المتأمركين ، وكتاب العادة السرية وغشاء البكارة ، وطالبي الشهرة والأرزقية ، ورجال كل العصور .. ممن لديهم القابلية للخيانة . وفي غرف الدردشة عبر الإنترنت يقوم خونة المهجر بسب الإسلام ونبيه صلى الله عليه ويسلم بأبشع ما عرفته القواميس من ألفاظ البذاءة والفحش ، ومن المفارقات أنهم يستشهدون بما يكتبه المارينز ، وخاصة كتاب العادة السرية وغشاء البكارة ، ويرددون أقوالهم التي تعادي الإسلام وتحقره وتصمه بالتخلف والرجعية ، ويلحون على ما يسمى الفتاوى الفضائية ومشايخ البيزنس والثقافة الجنسية والجزية ، وماذا سيفعل المسلمون بالنصارى لو قام حكم إسلامي في مصر .. الخ. بالطبع فإن هؤلاء ؛ لا يقبلون بالمناقشات المنطقية ، ولا الحوارات العلمية ، ولا يقرون بالحقائق الواضحة وضوح الشمس ، ولكن غايتهم في نهاية المطاف هي إثبات أن المسلمين مستعمرون ، ويجب أن يخرجوا من مصر ، وسيساعدهم على ذلك " نبي الله بوش" الذي سيطرد المسلمين إلى الصحراء التي جاءوا منها ! وقد جر هؤلاء المتطرفون النصارى إلى مؤتمراتهم وأنشطتهم الظاهرة والخفية من يسمون بأبناء النوبة ، والبهائيين ، والمرتدين ، وانصهر الجميع في البحث عن الاستقلال عن المسلمين الغزاة الذين يستعمرونهم ويحرمونهم من الحرية والكرامة ! " إعادة الأمل " لدى أميركا ، تعنى عبرنة المنطقة ، أي تفتيت الأمة العربية الإسلامية بعد تحريم الإسلام على أبنائها في الإعلام والتعليم والثقافة والعبادة والعمل .. مع إطلاق المجال أمام البطاركة في مصر ولبنان كي يتحدثوا في كل شيء ابتداء من السياسة حتى الثقافة ، مع أن دينهم يعلمهم " دع ما لقيصر لقيصر ، وما لله لله " .. ولكن إعادة الأمل فشلت مرة في الصومال ولبنان ، ويحلم أصحابها أن ينجحوا في العالم العربي كله ، ويتربع الغزاة النازيون اليهود في فلسطين على رءوس العرب جميعا .. ويا ويلنا من الأمل الأميركي إذا عاد !! [email protected]