"المصري الديمقراطي الاجتماعي" يبدأ برنامجه التدريبي استعدادا للانتخابات البرلمانية المقبلة    وزارة العمل تجري اختبارات للمرشحين لوظائف الإمارات    وزير التعليم العالي يشارك في توقيع اتفاقيات تعاون بين 12 جامعة مصرية وجامعة لويفيل الأمريكية لإنشاء مسار مشترك لبرامج ماجستير العلوم الهندسية في كافة التخصصات الهندسية بجامعة لويفيل    أسعار الذهب اليوم السبت 19 يوليو في بداية التعاملات    أسعار الفراخ البيضاء في الأسواق المحلية    أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم السبت 19-7-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    كلمة الرئيس السوري حول أحداث «محافظة السويداء»    أكثر من 170 قتيلا جراء الفيضانات في باكستان    أستراليا تعلن تسليم دبابات أبرامز إلى أوكرانيا    شهداء وجرحى إثر استهداف إسرائيلي جديد لمنتظري المساعدات    برلماني: مصر والسعودية ستظلان حجر الزاوية للأمن والاستقرار في المنطقة    الزمالك يعلن تغريم فتوح وإيقاف مستحقاته وتحويله للتحقيق    النصر يضع شروطه للتخلي عن نجم الفريق    هل يُفسد معسكر إسبانيا مفاوضات بيراميدز مع حمدي فتحي؟    ضبط 3 سائقين بتهمة السير عكس الاتجاه بالقليوبية    تحرير 734 مخالفة مرورية لعدم تركيب الملصق الإلكتروني    تفاصيل حفل افتتاح مهرجان العلمين.. أنغام تطرب الجمهور وتامر عاشور يفجر مفاجأة    انطلاق صيف الأوبرا.. فتحي سلامة ومحمود التهامي البوابة السحرية لعالم الروحانيات الصوفية    معارض فنية عن التراث الدمياطي وحكاية تل البراشية بثقافة دمياط    محمد رمضان ينتهي من تصوير إعلان جديد بالساحل الشمالي.. (تفاصيل)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 19-7-2025 في محافظة قنا    «100 يوم صحة» قدمت أكثر من 5 ملايين خدمة طبية مجانية خلال ثلاثة أيام    متخصصة فى الذكاء الاصطناعى.. شروط التقدم لمدرسة أبدا الوطنية للتكنولوجيا    أسعار البيض اليوم السبت 19 يوليو 2025    رئيس هيئة البترول يتفقد منطقة أسيوط لمتابعة جاهزية المشروعات    غيط: الإسماعيلي مهدد بخصم 9 نقاط من رصيده ثم الهبوط.. ويحتاج ل 1.8 مليون دولار    «الأرصاد» تحذر: طقس اليوم شديد الحرارة على معظم الأنحاء    مين عملها أحسن؟ حديث طريف بين حسين فهمي وياسر جلال عن شخصية "شهريار" (فيديو)    بالفيديو.. موعد نتيجة الثانوية العامة 2025 وبشرى سارة للطلاب    الطقس اليوم السبت 19-7-2025.. انخفاض طفيف بدرجات الحرارة وارتفاع بالرطوبة    رئيس هيئة الرعاية الصحية يلتقي الرئيس الإقليمي لشركة جانسن بمصر والأردن والسودان وليبيا وأثيوبيا    نائب وزير المالية للبوابة نيوز: دمج المراجعتين الخامسة والسادسة من البرنامج المصرى مع "النقد الدولي"غير مقلق    بعد التوقف الدولي.. حسام حسن ينتظر استئناف تصفيات أفريقيا المؤهلة لكأس العالم    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 19 يوليو 2025    زينة.. عام سينمائي غير مسبوق    «مرض عمه يشعل معسكر الزمالك».. أحمد فتوح يظهر «متخفيًا» في حفل راغب علامة رفقة إمام عاشور (فيديو)    أول ظهور ل رزان مغربي بعد حادث سقوط السقف عليها.. ورسالة مؤثرة من مدير أعمالها    وسام أبو علي| من هاتريك المجد إلى بوابة الخروج من الأهلي.. أبرز محطات النجم الفلسطيني    ترامب يتوقع إنهاء حرب غزة ويعلن تدمير القدرات النووية الإيرانية    عيار 21 يترقب مفاجآت.. أسعار الذهب والسبائك اليوم في الصاغة وتوقعات بارتفاعات كبيرة    كل ما تريد معرفته عن مهرجان «كلاسيك أوبن إير» ببرلين    مصدر أمني يكشف حقيقة سرقة الأسوار الحديدية من أعلى «الدائري» بالجيزة    رئيس حكومة لبنان: نعمل على حماية بلدنا من الانجرار لأي مغامرة جديدة    عميد طب جامعة أسيوط: لم نتوصل لتشخيص الحالة المرضية لوالد «أطفال دلجا»    إصابة 8 أشخاص في تصادم ميكروباص على طريق المحمودية بالإسكندرية    بشكل مفاجئ، الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم يحذف البيان الخاص بوسام أبو علي    تطورات جديدة في واقعة "بائع العسلية" بالمحلة، حجز والد الطفل لهذا السبب    داعية إسلامي يهاجم أحمد كريمة بسبب «الرقية الشرعية» (فيديو)    مصرع طفلة غرقًا في مصرف زراعي بقرية بني صالح في الفيوم    «زي النهارده».. وفاة اللواء عمر سليمان 19 يوليو 2012    5 أبراج على موعد مع فرص مهنية مميزة: مجتهدون يجذبون اهتمام مدرائهم وأفكارهم غير تقليدية    أحمد كريمة عن العلاج ب الحجامة: «كذب ودجل» (فيديو)    تعاني من الأرق؟ هذه التمارين قد تكون مفتاح نومك الهادئ    وزير الخارجية اللبنانى لنظيره الأيرلندي: نطلب دعم بلدكم لتجديد "اليونيفيل"    "القومي للمرأة" يستقبل وفدًا من اتحاد "بشبابها" التابع لوزارة الشباب والرياضة    5 طرق فعالة للتغلب على الكسل واستعادة نشاطك اليومي    عبد السند يمامة عن استشهاده بآية قرآنية: قصدت من «وفدا» الدعاء.. وهذا سبب هجوم الإخوان ضدي    هل مساعدة الزوجة لزوجها ماليا تعتبر صدقة؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المترفون هم المفسدون فى الأرض
نشر في المصريون يوم 21 - 12 - 2009

على سبيل الترويح عن النفس يلجأ الإنسان أحيانا إلى قراءة قصص الصالحين فى كتب التراث القديم، وفى هذه المرة كنت أقرأ كتاب رياض الرياحين فى حكايات الصالحين لأبى السعادات عبد الله بن أسعد اليافعي اليمني ، وهو كتاب حافل بقصص الكثير من الناس الذين أُترفوا فى هذه الحياة الدنيا فطغوا وبغوا وأفسدوا ثم أفاقوا من غيّهم وتابوا وأنابوا ، وزهدوا فى متاع الدنيا فانطلقوا إلى الصحارى والكهوف ، وانقطعوا عن دنيا الناس مستغرقين فى العبادة والتبتّل والبكاء حتى وافتهم المنية ، وتكاد نهاية قصص حياتهم جميعا أن تكون واحدة أو متشابهة ، يبكى الواحد منهم بحُرقة شديدة ثم يشهق شهقة واحدة ويسقط ميّتًا على الأرض ، وقد ينكر القارئ من هؤلاء الناس هذا السلوك المتطرف بين حالتين على طرفي نقيض ، تتمزق بينهما النفس الإنسانية بين أقصى الإفراط وأقصى التفريط ، ولكن لا يملك القارئ المدرك لأبعاد النفس الإنسانية وتقلّباتها إلا أن يشعر بالإعجاب الشديد لقوة الإرادة التى جعلت هؤلاء الناس ينتقلون من حالة الترف المطلق إلى حالة الزهد المطلق ، ويستمرون على هذه الحال الأخيرة حتى ينتهى أجلهم على النحو الذى ذكرناه ..
أعترف أن قصصا معينة فى هذا الكتاب أسرتنى فترة من الزمن كنت أعانى فيها من محنة شديدة الوطأة ، فقدْتُ فيها بالموت بعض من أحببتهم أشد الحب ، بكيتهم أحر البكاء وأنا أردد لنفسى بعض أبيات من الشعر وردت فى هذه القصص وكأنها تصف حالهم وحالى معهم .. ووجدت فى ذلك بعض السلوى . إلا أن هناك بعض قصص أخرى قليلة فى الكتاب لا تجرى على نفس المنوال ولا تنتهى نفس النهايات الفاجعة ، بل لا تخلو من روح المتعة والفكاهة ، منها (الحكاية الخامسة والعشرون) التى وردت على لسان أبى القصّاب الصوفيّ .. قال:
"دخلنا جماعةًًً إلى المارستان [مستشفى الأمراض العقلية] فرأينا فيه فتًى مصابا شديد الهوَسْ .. فوَلعْنا به .. وزدْنا فى الوَلَعِ فاتّبعْناه .. فصاح وقال [ساخرا وهو يشير إلينا]: "أنظروا إلى ثياب مطرّزة وأجساد معطّرة .. قد جعلوا الولَع بضاعة .. والسّخف صناعة .. وجانبوا العلم رأسا .. ليسوا من الناس ناسًا ..!" .. فقلنا له: أفتحْسن العلم فنسألك ..؟ فقال إى والله إنى لأُحسن علما جمّا فاسألونى .. فقلنا: من السّخيّ فى الحقيقة ..؟ فقال: الذّى رزق أمثالكم وأنتم لا تساوون قوت يوم .. ! فضحكنا وقلنا: من أقل الناس شكرًا..؟ فقال: من عُوفيَ من بلية ثم رآها فى غيره فترك العبرة والشكر واشتغل بالبطالة واللهو..! قال: فكسر قلوبنا .. وسألناه عن بعض الخصال المحمودة .. فقال: هى خلاف ما أنتم عليه.. ثم بكى وقال: يارب إن لم تردّ عليّ عقلى فرُدّ عليّ يدى لعلّى أصفع كل واحد من هِؤلاء صفعة .. فتركناه وانصرفنا ...!"
تُرَى ما الذى رآه هذا الفتى المجنون فى هؤلاء الناس لكي يستحقوا منه هذه الإهانات..؟ أم أنه لم يكن ينظر إليهم كأفراد ، وإنما رأى فيهم المجتمع الذى قسَا عليه ولم يحتمله ، فانتزعه من أحضان أسرته وعزله فى المارستان بعيدا عن تيار حياته وبيئته الطبيعية ..؟! ومن ناحية أخرى ما الذى لفت نظر هؤلاء الزوار فى شخصية هذا الفتى غريب الأطوار .. الذى تكشّف عن حكمة نادرة مع جرْأة لا تخلو من روح فكهة ..؟ وهل يمكن أن تكون قصة هذا الغلام هى التى أوحت بفكرة المثل الشائع الذى يقول: خذوا الحكمة من أفواه المجانين ..؟!
أقول: إذا كان هذا النوع الحكيم من الجنون هو إفراز مجتمع ما ذى خصائص معينة ، فلا بد أنه كان مجتمعا على مستوى رفيع من الفكر والحكمة ، لا بمقياس عصره فحسب بل بمقياس كل العصور.. لأن مجتمعا كالذى نشهده اليوم ، ونعانى من فساده وشروره وإحباطاته يستحيل على العقلاء احتماله ثم يبقون عقلاء أسوياء ، فما بالك بضعاف العقول ..!! تُرى لو كان هذا الغلام يعيش اليوم بين ظهرانينا ورآنا نقيم سورا من الصلب ينزل فى أعماق الأرض من عشرين إلى ثلاثين مترا ويمتدعلى طول حدودنا مع قطاع غزة بحجة منع التهريب .. تُرى ماذا كان سيقول ؟! تُرى لو علم أن الذى قام بتصميم هذا السور أمريكا وأنها هى التى تنفقق عليه ويشرف على إقامته مهندسون من الجيش الأمريكي .. وأن الغرض الحقيقي من إقامته هو إحكام الحصار على إخواننا الفلسطينيين (العرب والمسلمين) من أبناء غزة الصابرة الصامدة ، وأن هذا يتم لتحقيق مصالح إسرائيلية وأمريكية محضة .. تُرى لو قيل له أن رئيس ما يُعرف زورًا باسم السلطة الفلسطينية سعيد بهذا الإنجاز ، لأ نه (فى مخيلته المريضة) يخلّصه من شوكة حماس ، ولا يهمه فى سبيل تحقيق هذه الرغبة الشاذة أن يموت سكان غزة من الجوع والمرض والحصار ، و من السموم التى زرعتها إسرائيل فى أرض غزة خلال حربها على القطاع السنة الماضية ولا تزال آثارها المدمرة تتكشف للعالم حتى اليوم، تُرى لو عرف الغلام المسكين كل هذه الحقائق المزلزلة .. هل يبقى فى جمجمة رأسه ذرّة من عقل..؟!! أم أن رأسه نفسه سينفجر ويسقط هو ميتا من الهلع ...؟!
تقول: ما صلة هذا كله بموضوع المترفين والمفسدين فى الأرض .. وأقول لك لو تأمّلت قليلا لتبين لك أن هذا الكلام وثيق الصلة بالموضوع .. فلولا وجود هؤلاء وتفرّدهم بالسلطة هنا وهناك ما وُجد السور الفولاذيّ ولا الحصار ولا التجويع ولا إسرائيل نفسها أصلا ...! بل ما قامت التكتلات الاحتكارية بين الشركات عابرة القارات ، وكل ما صدّعتُ به رأسك على مدى العام الماضى كله ...! والآن .. تُرى كيف نشأت الفكرة عندى .. وكيف تطورت وتمكنت من تفكيرى ..؟ لا أذكر على وجه التحديد منذ متى بدأت تسترعى انتباهى بعض آيات من القرآن كلما مررت بها استوقفتنى بشدة فمكثت أتأمل فيها مليّا .. وكلما توقفت عندها امتلأت يقينا بأنها تعنى كثيرا لموضوعا ت اهتمامى الفكرى وأنا أكتب عن الاقتصاد السياسي وعن غول الشركات وعن التكتلات الاحتكارية ، وآثار كل هذا على مصير الانسان المعاصر .. أول ما استرعى انتباهى بقوة هذه الآيات من سورة الكهف التى تحكى قصة رجلين أحدهما مؤمن رِزْقُُهُ من المال محدود ، والآخر فائق الثراء ولكنه كافر بأنعم الله .. إقرأ معى وتأمّل: { وَٱضْرِبْ لهُمْ مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً } * { كِلْتَا ٱلْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً } * { وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً } * { وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَٰذِهِ أَبَداً }* { وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنْقَلَباً } * لطالما توقفت طويلا عند هذه الآيات وقد تفجرت الاستفسارات والأسئلة والخواطر فى عقلى .. وأنا أراها تتفاعل مع كل ما حصّلته فى حياتى من علم ومعرفة .. الآيات فى حد ذاتها بسيطة لا تحتاج فى تفسير معانيها إلى كبير عناء .. ولكن يشدّنى إليها مع بساطتها ووضوح معانيها روعة ما فى أعماقها من دلالات نفسية واجتماعية وكونية .. إنها ليست قصة رجلين فحسب ، وإنما قصة نموذجين من البشر ستجدهما فى كل زمان وفى كل بقعة من بقاع الأرض .. ولو ذهبت تتعمق فى طبيعة هذين النموذجين لاستطعت أن تبنى بقليل من الوعي تاريخ البشرية بأسره من يوم آدم إلى اليوم .. يقول الظالم لنفسه مباهيا المؤمن: (أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا) لا حظ أن المال والولد (أو النفر) عندما يجتمعان فى التعبير القرآنى فليس المقصود بهما فقط المال العادى والولد العادى مما يفاخر به الرجال العاديّون ، فبعض المفسرين يرى أن هذا تعبير أيضا عن الثروة والسلطان مجتمعان . لاحظ أيضا أن الرجل الظالم لنفسه لا يخطر بباله إلا أن جنته الأرضية خالدة لن تبيد أبدا ، وهو لا يؤمن بيوم القيامة ، وتبعا لذلك لا يؤمن بالحساب ولا الجنة ولا النار، ومع ذلك يعتقد أنه حتى لو كان هناك ربّ ورجع إليه فى آخر المطاف فسوف يجد عنده خيرا من جنته الأرضية ...! استوقفتنى هذه الحقيقة بل صدمتنى بشدة وأخذت أسأل نفسى من أين جاء هذا الرجل بكل هذه الثقة..؟! ومن الذى وضع فى رأسه هذه الفكرة الجهنمية ..؟! ، من أين جاءت إليه هذه الفكرة بالتميّز عن سائر البشر الذين يولدون ويموتون ويتوارون فى التراب ..؟! .. لقد تبين لى من قراءاتى وخبرتى الطويلة أن هذا النوع من الناس الذين تميّزوا عن غيرهم بالثروة الطائلة والسلطة الواسعة يظنون أن تميّزهم هذا إنما هو علامة على تميّزهم الخًًًلْقى (بكسرة تحت الخاء مع سكون اللام) ، ويعتقدون أنهم خُلقوا أو جاءوا مؤهّلين بحكم الفطرة للثراء والسلطان من دون بقية البشر، وأنه على الآخرين أن يسلّموا بذلك لهم ولا يفكروا لحظة فى منافستهم أو مشاركتهم فيه .. وباختصار يتوهمون أن فيهم شيئا من طبيعة الألوهية يجعلهم فوق مستوى البشر .. مما يخوّل لهم الاستحواذ والطغيان ، وهذا هو معنى الترف كما ورد فى القرآن ..
لقد بحثت فى القواميس اللغوية عن معنى الترف فوجدت فيها مايشبه الإجماع على أن الترف لا يعنى الثراء إوالرفاهية والتنعّم فحسب ولكنه الثراء المصحوب بالطغيان والجشع والفساد ، والمترفون كانوا دائما فى تاريخ الأنسانية كله مصدر الفساد والكوارث فى الأرض .. ولن تجد فى القرآن آية واحدة يُذكر فيها الترف إلا وهو مصحوب بلعنة الله وغضبه والتحذير منه ، مع تهديد ووعيد بعذاب شديد فى الآخرة .. تذكّر هذه الحقيقة: أن المؤمن يمكن أن يكون ثريا ثراء واسعا مادام قد جمع ثروته من حلال وأنفق منها فى حلال ، ويمكن أن يكون المؤمن مرفّهًا متنعمًا بنعم الله عليه دون سرف أو مخيلة ، [ولكن يستحيل أن يكون المؤمن مترفا أبدا] فلا تقع فى هذا الخطأ (كما يفعل أكثر الناس عندما يخلطون فى كلامهم وأفكارهم بين الغنى والرفاهية والتنعّم من ناحية وبين الترف من ناحية أخرى) ... تذكّر هذا جيدا حتى نلتقى إن شاء الله لنستكمل هذا الحديث ...! [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.