الإخوان: الوثيقة خطوة فى الغزو الفكرى والثقافى للبلدان الإسلامية القومى للمرأة: الوثيقة ستؤدى إلى اندماج المرأة داخل المجتمع د.أحمد عارف: الوثيقة تعبير عن قيم غربية لا تتماشى إطلاقًا مع مجتمعنا الإسلامى د. إيمان بيبرس: نطالب بالتوقف عن استخدام الدين لتبرير العنف ضد المرأة لعبت المرأة دورًا مهمًا فى المجتمع المصرى وكان لها مكانة خاصة ودور فعال حيث تساوت مع الرجل وتقلدت أمور السياسة والحكم فقد حكمت حتشبسوت مصر فى الفترة من 1479 قبل الميلاد حتى 1457 قبل الميلاد، وكان لها دور تاريخى فى تعضيد أركان الدولة فى ميادين الدين والتجارة والسياسة الداخلية والخارجية وعلى هذا النهج سارت نفرتيتى وكليوباترا. ومع دخول الدين الإسلامى لمصر مع الفتح العربى عام 20ه أى قبل 1410 عام ونظم بشريعته الغرّاء مكانة المرأة المسلمة عمومًا، حيث رد الله للمرأة مكانتها من خلال الدين الجديد وحقق لها ذاتيتها وشخصيتها المستقلة وأعطاها من الحقوق ما لم تحظ بها المرأة فى العالم المعاصر إلا فى القرن العشرين . ومع قيام الدولة الحديثة فى عهد محمد على برز دور المرأة واضحًا، حيث أنشئت مدرسة الممرضات عام 1832 حيث كانت النواة الأولى التى مهدت لخروج المرأة المصرية إلى العمل غير أن هذا الأمر لم يحدث فجأة بل ساعد عليه وأسهم فيه تبنى عدد من العلماء والمفكرين المصريين من دعاة التنوير مثل رفاعة الطهطاوى وقاسم أمين قضية المرأة المصرية ومطالبتهم بتعليم المرأة وبحقها فى العمل . وفى أوائل القرن العشرين أسست مجموعة من النساء المصريات أول تنظيم غير حكومى للخدمات (مسيرة محمد على – الرابطة الفكرية للنساء المصريات) ليكون إيذانًا بمشاركة أوسع للمرأة المصرية فى العمل العام، حيث أنشأت واشتركت فى العديد من الجمعيات الخيرية والتطوعية وكذا فى الجمعيات الأدبية وقد برز دور المرأة المصرية فى القضايا الوطنية، حيث كان خروج النساء المصريات فى طليعة الجماهير المشاركة فى ثورة 1919 واستشهاد إحداهن دلالة واضحة على انخراطها فى الحركة الوطنية المصرية، وبالرغم من ذلك فقد صدر دستور 1923 دون أن يعطيها حقوقها السياسية مما أدى إلى تصاعد الدعوة للمطالبة بحصول المرأة على هذه الحقوق. تم تأسيس أول حزب سياسى للمرأة تحت اسم "الحزب النسائى المصرى" عام 1942 وطالب الاتحاد النسائى المصرى فى عام 1947 بضرورة تعديل قانون الانتخاب بإشراك النساء مع الرجال فى حق التصويت وضرورة أن يكون للمرأة جميع الحقوق السياسية وعضوية المجالس المحلية والنيابية كما خرجت مظاهرات نسائية خلال المؤتمر النسائى الذى عقد فى 19 فبراير عام 1951 تهتف بأن البرلمان للنساء والرجال. وبعد قيام ثورة يوليو 1952 نص دستور 1956 على منح المرأة حقوقها السياسية الكاملة حيث سادت قناعة بأن حرمان المرأة من هذه الحقوق يتنافى مع قواعد الديمقراطية التى تجعل الحكم للشعب كله وليس لجزء منه فقط وبناء على ذلك دخلت المرأة لأول مرة البرلمان إثر انتخابات عام 1957. واليوم وللأسف الشديد مع انهيار منظومة الأخلاق وغياب الوازع الدينى فى المجتمع أصبحت المرأة المصرية عرضة لمضايقات مستمرة وأصبحت تشعر بأن الشارع ليس آمنًا على الإطلاق, فقد غاب مفهوم "ابن البلد" الرجل المصرى الشهم وأصبح عملة نادرة الذى كان يحترم المرأة فى الطريق كما يحترم أهل بيته, حتى قامت ثورة 25 يناير فجاءت بأمل جديد ورأينا روح جديدة فى الميدان فلم تحدث أى حالات تحرش أو مضايقات و إن حدثت كان هناك الآلاف الذين يتصدون لها, عندها أحست المرأة بزهو وفخر فالكل يحميها والكل يعرف قدرها فملايين الأمهات كن يحثثن أبناءهم على الخروج والتعبير عن رفض الحكم القمعي، وأخريات كن يخرجن مع أزواجهم وأبنائهم ليعلمنهم حب الوطن والتضحية, مئات الأمهات ضحين بأغلى ما عندهم ضحوا بأبنائهم وعلى شفتاهم ابتسامة تضيء وسط الدموع فهم لم ولن يبخلن بأبنائهم من أجل رفعة هذا الوطن. وبعد انتهاء فاعليات الثورة لم يعد الحال كما كان فبدأنا نسمع عن مضايقات للسيدات وتحرش جماعى فى مشاهد يندى لها الجبين, إن ظاهرة "التحرش الجنسي" بدأت تتوغل فى المجتمع بشكل يجعل منها آفة خطيرة تهدد أمن وسلامة المجتمع المصرى ككل وليس المرأة فقط، خاصة عقب أحداث التحرش والتعدى الجسدى السافر الذى مارسه مجموعات ضد المتظاهرات فى ميدان التحرير. كما تلاها وقائع كشف العذرية التى جرت على بعض الثائرات وحادثة تعرية فتاة مجلس الوزراء الشهيرة والتى أخرجت المارد من ثباته فخرجت آلاف النساء رافضين ذلك النهج مع بنات وسيدات مصر الذين لم يعهدوا الذل يومًا رافعات رءوسهن, والأمر المحزن أيضًا الاعتداء والتحرش الذى أصبح يحدث نهارًا جهارًا، خاصة فى الأعياد والمحزن أكثر أن المتحرشين أغلبهم أطفال ومراهقون يفعلون فعلتهم بلا خجل أو خوف من عقاب, هذا بخلاف أحداث الاعتداء الجسدى والتحرش الجماعى بمن كن متواجدات فى التحرير فى الفترات الأخيرة, فحتى أبسط حقوق التعبير عن الرأى اتفقنا أو اختلفنا مع ما يدعون إليه ولكن فى النهاية هو حق مشروع. و مع تفاقم الوضع قامت العديد من الجمعيات النسائية والأهلية والحركات الشبابية بتسجيل اعتراضهم التام على تلك الممارسات الإنسانية ونظموا العديد من الجولات للتصدى للمتحرشين فى الشوارع وأطلقت المبادرات لحماية السيدات فى المظاهرات، وغيرها من أشكال التفاعل المجتمعى البناء لفت هذا العديد من المنظمات الدولية, بعد أن أصبحت تحتل المرتبة الثانية فى التحرش بالمرأة عالميًا بعد أفغانستان حيث بلغت حالات التحرش خلال العام الماضى وفقًا لتقارير وزارة الداخلية 9642 حالة، بينهم 132 محضر اغتصاب. وقد أدى هذا لتدخلات خارجية حيث أصدرت الأممالمتحدة "وثيقة الأممالمتحدة لحقوق المرأة" وقد وضع تلك الوثيقة لجنة المرأة للأمم المتحدة (CSW) بنيويورك التى أمضت أسبوعين فى مناقشة صيغة الإعلان الذى من شأنه إدانة العنف ضد المرأة. و قد قرر الأزهر الشريف إحالة وثيقة الأممالمتحدة لوقف العنف ضد المرأة بنسختيها العربية والإنجليزية، إلى هيئة كبار العلماء بالأزهر، لمناقشتها فى اجتماعها، ولكن الموقف المعلن هو أن الأزهر الشريف لن يقبل بأى موقف يخالف الشريعة الإسلامية فى إطار دوره الوطنى والديني. وقد أدانت لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى الوثيقة الصادرة عن مركز المرأة للأمم المتحدة الخاصة بمناهضة العنف ضد النساء والفتيات. واعتبروا هذه الوثيقة انتهاكًا صراخًا لحقوق الإنسان خاصة فى البلاد الإسلامية لأنها أجازت الإجهاض والزواج المثلى والارتباط بأى جنس وغيرها من الأمور التى تتنافى مع الأخلاق فى مجتمعاتنا الشرقية المحافظة .وأن ذلك يعد هدمًا لكيان الأسرة المسلمة التى هى اللبنة الأولى للمجتمع، وطالبوا الأزهر الشريف والكنيسة وغيرها من المؤسسات الدينية بالتصدى لهذه الوثيقة والتحذير من عواقبها الوخيمة مضيفًا أننا نحترم حقوق الإنسان والمواثيق الدولية بما لا يتعارض مع القيم والأخلاق. وقد كان لجماعة الإخوان المسلمين موقف معارض من وثيقة المرأة وما جاء بها، حيث قال الدكتور أحمد عارف – المتحدث باسم جماعة "الإخوان المسلمين"- إننا دنا تلك الوثيقة فى مذكرة من 10 نقاط وكان أبرز نقاط الاعتراض على الإعلان عن حق المرأة فى الحرية الجنسية السماح للمرأة المسلمة من الزواج من غير المسلم, ضمان حقوق متساوية للمثليين، وحرية المرأة فى اختيار جنسها وحرية اختيار جنس الشريك (أى تختار أن تكون علاقتها الجنسية طبيعية أو شاذة) مع رفع سن الزواج، ومساواة الزانية بالزوجة، ومساواة أبناء الزنا بالأبناء الشرعيين مساواة كاملة فى كل الحقوق، وإعطاء الزوجات الحقوق القانونية كافة الكاملة لأخذ أزواجهن إلى المحكمة بتهمة الاغتصاب فى إطار الزواج, كما جاء فى المذكرة أنه إذا صدق على هذا الإعلان، وأن إقرار تلك الوثيق سيؤدى إلى تفكك المجتمع بالكامل وسيكون بالتأكيد الخطوة الأخيرة فى الغزو الفكرى والثقافى للبلدان الإسلامية، والقضاء على الخصوصية الأخلاقية التى تساعد على الحفاظ على تماسك المجتمعات الإسلامية. لأنها تعبير عن قيم غربية لا تتماشى إطلاقًا مع مجتمعنا الإسلامى ومع عاداتنا وتقاليدنا. وأيدته فى ذلك الدكتورة آمنة نصير -أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر- قائلة لقد توقع الجميع أن تثمر الثورة عن تقدير أكثر لدور المرأة واكتساب مكاسب جديدة ولكن للأسف حدث العكس فبعد الثورة ساءت أوضاع المرأة رغم أن الإسلام قد وضع المرأة فى مكانة عالية فصانها وحفظها وكرمها فكفل لها استقلالًا ماديًا عن الزوج وضرورة موافقتها على زواجها وحرية العمل طالما كان هذا العمل مستوفى للضوابط الشرعية, كما كان لها دور كبير فى الغزوات وكانت تقف مع الرجل جنبًا بجنب ما يؤكد أهمية دورها وليس تهميشه. وجاء التكريم فى العديد من الآيات القرآنية مثل قول الله تعالى "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فلنحييه حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ"، وقوله تعالى "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِى عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ". وأضافت أستاذة العقيدة بجامعة الأزهر أن وصول جماعات الإسلام السياسى للحكم فى مصر ساعد على انتشار الآراء المعادية للمرأة وهناك من ساعدوا على نشر ثقافة معادية للنساء وبعض تعاليم الدين، قائلة إنهم ''أخرجوها من سياقها الاجتماعى وأضافوا عليها نقاطًا تنتقص من حقوق المرأة". وهذا لا يعنى أن حرية المرأة مطلقة فى كل شيء فهي حرة ما لم تقترب من الفواحش والمنكرات, فالحرية المطلقة التى منحت للمرأة أثرت بشكل فاعل فى المرأة نفسها وفى المجتمع ككل من خلال القضاء على نواته الأولى الممثلة فى "الأسرة" التى ما عاد لها طلب بسبب الحرية التامة المعروضة من خلال جسد المرأة فى الشوارع والطرقات. من المنطلق ذاته، قالت سعاد شلبى -المتحدثة باسم المجلس القومى للمرأة- إن الوثيقة لن تؤدى إلى تفكك المجتمع المصري, على العكس تمامًا فإنها ستؤدى إلى اندماج المرأة داخل المجتمع. وأضافت شلبى: إنه من الخداع استخدام الإسلام كذريعة للانتقاص من حقوق المرأة وأنه ليس سوى سوء فهم للإسلام الذى يخلق هذا النوع من التصريحات. وأضافت القيادية بالقومى للمرأة أن الإسلام لم يشجع على العنف ضد المرأة، على العكس من ذلك فإنه يوفر لهم حقوق، وقالت: "إنها تعتقد فورة الإخوان لم يكن يعكس صورة أدلة لوجهات نظر العديد من الأخوات المسلمات داخل جماعة الإخوان المسلمين". من الزاوية نفسها، قالت الدكتورة إيمان بيبرس -رئيسة مجلس إدارة جمعية "نهوض وتنمية المرأة"- إن الأمر أصبح ينظر إليه دوليًا بشكل منتقد، فمثلًا المفوض السامى لحقوق الإنسان (نافى بيلاى) استنكر هجمات الاعتداء الجنسى فى ميدان التحرير فى مظاهرات الأيام الأخيرة، وأن السلطات فشلت فى منعهم أو تقديم الجناة إلى العدالة. وأضافت بيبرس: نحن نطلب التوقف عن استخدام الدين وثقافة المجتمع لتقويض المفاوضات وتبرير العنف ضد المرأة تعليقًا على رفض جماعة الإخوان المسلمين وجهات أخرى لوثيقة الأممالمتحدة وأن حماية المرأة تبدأ بإعطائها حريتها وحقوقها وتغيير نظرة المجتمع لها.