كان من أسباب قيام الثورة الرومانية هو ذلك النظام الديكتاتورى الظالم الذى اتبعه " تشاوتشيسكو" الذى قهر به البلاد والعباد مسيطراً على كل موارد الدولة وتسخيرها لخدمته وأسرته ونظامه وبطانته فى الوقت الذى فرض على الناس حالة من التقشف أثقلت كاهل الناس بدعوى سداد ديون رومانيا. أعتمد فى حكمه لتوطيد أركان عرشه على الدولة البوليصية التى أتبعت نهج القمع والقهر وكبت الحريات والتعذيب والتنكيل بكل معارضيه بل أمتد الأمر ليصبح طريقة ممنهجة لإذلال الشعب وتحقيره. أستثمر المخلوع كل وسائل الإعلام والأحداث حتى الرياضية منها فى الدعاية له ولزوجته ولحزبه وقام بمشاريع عكست جنون العظمة بإنشاء قصور وإستراحات فاقت حدود الخيال فى فخامتها وهو ما تناقض مع أحوال البلاد الإقتصادية ودعوات التقشف الدورية للمواطنين. إندلعت ثورة من الشباب الرومانى فى ديسمبر 1989 ضد هذا النظام الديكتاتورى وتعاطف معها الناس فساندوها وألتفوا حولها، بينما ظل الجيش على الحياد دون تدخل فأبتهج الناس وألتقطوا صوراً تذكارية بجوار الدبابات وعليها وبين الجنود ومعهم وأستمرت الثورة لعدة أيام تمكنت بعدها من الإطاحة بذلك الديكتاتور. أحتفل الناس بنجاح ثورتهم وإسقاطهم للديكتاتور الذى أفسد عليهم حياتهم وعادوا الى منازلهم متوهمين أن الأمر سيسير على ما أرادوا بعد زوال الظلم. بعد وقت ليس بكثير نشطت الثورة المضادة التى تزعمها أجهزة الدولة "العميقة" والتى حاولت بشراسة حماية مصالحها التى لا تنمو ولا تزهو إلاً فى البيئة الفاسدة التى أسسها النظام البائد وعلى هذا فلابد من عودة ذلك النظام، فبدأ العمل الدأوب لعودة الحياة اليه. بدأ مسلسل الفوضى والإنفلات الأمنى بعدما سُخرت كل وسائل الإعلام لتفزيع الناس فى بيوتهم بأخبار عن مهاجمة للأماكن الحيوية والحساسة فى الدولة والجامعات والبيوت والمنازل وقطع الطريق على الناس والتضييق عليهم فى أرزاقهم، مما أدى الى ارتفاع فى الأسعار تسبب فى خلق حالة إختناق ضاق بها الناس زرعاً. وإمعاناً فى ضرب الثورة قامت الثورة المضادة بإنشاء جبهة الخلاص الوطنى التى أدعوا أنها جبهة وطنية تريد حماية البلاد وتضمن تحقيق أهداف الثورة التى لم تتحقق وحماية الثورة من السرقة. قامت تلك الجبهة على أنقاض الصف الثانى من أعوان المخلوع والتى قامت بدورها بالسيطرة على كل وسائل الإعلام وتسخيرها فى تشويه الثورة والثوار وضرب خصومها فى مقتل بإتهامهم بالعمالة والتمويل الخارجى والقفز على الثورة والسعى وراء أهداف من شأنها لا تخدم الوطن بل تخدم أهداف خاصة. عمدت تلك الجبهة من خلال وسائل الإعلام التى وقعت تحت سيطرتها الى إستدعاء أعضاء النظام القديم ومن كان يدور فى فلكهم على الساحة السياسية بعد عقد عدة صفقات، فدأبوا على إطلاق كمً من التهم الجزاف وسيل من الاشعات طالت كل كبير وصغير فى البلاد حتى نجحوا فى تصوير الأمر على أنه لا حياة دون القضاء على هؤلاء الأشرار الذين تسببوا فى تحويل حياتهم الى عناء وشقاء بعد حياة كانت أفضل فى أيام المخلوع. تم الترويج لذلك الأمر وبشدة مما أثر تأثيراً حقيقياً على المواطن البسيط الذى يأس من الأوضاع الحالية فتمنى بعضهم عودة النظام القديم الذى كان فى ظله يأكل ويشرب وينام. إنتبه الشباب الى ذلك المخطط الذى حيك بمهارة الشياطين فعادوا الى المظاهرات والإعتصامات على أمل إنقاذ الثورة من الضياع إلاً أن مخطط الثورة المضادة سبقهم فى النجاح بالوصول بالناس الى حالة اليأس، ثم شكك فى وطنية الشباب بتلقيهم أموال وأوامر خارجية حتى لصق بهم تهمة العمالة وضرب استقرار البلاد والإخلال بأمن المواطن ورغبة فى الإستحواذ والسيطرة مستدعين الى الذاكرة النظام البائد على أنه عودة جديدة فى ثوب جديد. أستعانت الجبهة وزعمائها بجيش من عمال المناجم الذين تم تسليحهم ثم تحفيزهم على الثوار بعدما أوهم المواطن العادى أنه قادم لأمنه وأمانه ونجح فى التاثير عليهم، أستمر الصدام بين المسلحين والشباب مما أسفر عن وقوع قتلى وجرحى. نجحت جبهة الخلاص الوطنى فى فقد الثورة للتعاطف الدولى الذى كانت قد أكتسبته فى بدايتها، ثم تقدم أحد قادتها لإنتخابات الرئاسة التى فاز بها بعد تزوير فجً، وعادت أيام المخلوع. توتة توتة .. خلصت الحدودتة .. فاهمين ؟! لمزيداً من الفهم ... أستبدل ما بين القوسين وأعد القراءة: ( الرومانية ¬ المصرية، تشاوتشيسكو ¬ مبارك، رومانيا ¬ مصر، ديسمبر 1989 ¬ 25 يناير 2011، الشباب الرومانى ¬ الشباب المصرى، جبهة الخلاص ¬ جبهة الإنقاذ، ايون ايليسكو ¬ عمر سليمان ثم شفيق، عمال المناجم ¬ البلطجية). أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]