من القديم الذى يصف حالنا الأسود: تعود بى ذاكرتى للوراء، لأستعيد مشاهد من حياة (الواد سيد أبو شفة) البلطجي، وقد نشأ يتيمًا، فتولت أمه الخالة صابرة تربيته، وتربية إخوته، ورهنت صحتها وشبابها من أجلهم، ووصلت نهارها بليلها للإنفاق عليهم، وتغطية الضرورى من حاجاتهم. وعلى غير المأمول نشأ أبو شفة شقيًّا، عنيفًا، عدوانى الطباع، قليل الوفاء لأمه التى ربته، وأنفقت عليه، فكان فى كثير من الأحيان يشرشحها، ويسب عرضها، فى الشارع العام، دون حياء يمنعه، ولا وازع يردعه! ثم تمادى به الأمر حتى إنه كان (يرنّها علقة) أمام الجيران، دون أن يجرؤ أحد أن يمنعه، أو يقول له: عيب، خصوصًا أن زوج أمه كان (دلدول، لا بيهش ولا بينش)، بل كان – كما يقول العامة – ضل راجل، وأحسن من قلته.. وتمادى الغبى سيد أبو شفة بوجهه القبيح، وثيابه الكالحة، حتى جاء بأمه ذات يوم و(دلق) عليها صفيحة جاز، ليحرقها أمام الملأ، وحوله شلة الهجامين من جلسائه فى مجالس التحشيش، وصبيانه فى قطع الطريق على خلق الله، يصفرون له ويصفقون، هاتفين: ولعها/ احرقها/ شعللها! لم تجرؤ الشرطة (المآتة) أن تقترب منه؛ لأنها كانت أضعف من أن تواجه عصابته؛ رغم أن أفرادها ما شاء الله معلوفون مثل البغال، كما أنه كان يرشو الكثير منهم بالصنف؛ ليعدلوا المزاج، ويزيدوا الدخل! وكانوا إذا تحدثوا عنه تحدثوا بكثير من الاحترام والارتجاف: المعلم سيد أبو شفة؟ دا راجل نضييييييف.. آه.. دا سيد الرجال! وإذا قابلوه ضربوا له التحية زاعقين طامعين: ربنا يخليك يا معلم.. يطول عمرك ربنا! وذلك لأن هذا الغبى قد حصن نفسه بمجموعات من البلطجية الذين يمكن أن (يولعوا الدنيا) بإشارة منه، وربى مجموعة من الهتيفة الذين يحسنون الصراخ، والخوار، و(الحبْسَكة) وترويع من أماهم بالكلام والتشويح، والزعيق فى الميكروفونات، فى الشارع، والشوارع المجاورة، وشوارع المنطقة كلها! خالتى صابرين أم الشقى سيد أبو شفة تعانى منه من ألف اتجاه: من جحوده وكنوده/ من عنفه وسخفه/ من الصيع الذين يلتفون به/ من ارتباطه بأشقياء على شاكلته من بره/ من (تجعيره) وزعيقه، وردحه، وضربه إياها، وفتحه المطوة عالفاضية وعالمليانة! ومن طعن نفسه بالمطواة و(تلقيح جتته) على الآخرين واتهامهم؟! وهى تكاد تجن منه، وتتمنى لو هداه الله أو أراحها منه، لكنه فى النهاية ابنها وضناها! فما ترى الحل لهذه المعضلة يا قارئى الكريم؟ نخلص خالتى أم سيد من ابنها؟ أم نردعه ونؤدبه؟ نجهز عليه بفرقة قناصة زى بتوع الداخلية؟ أم نتخلص منها.. هى ونكتفي.. ونريح ونستريح؟! أم نشعل حريقًا يأكلها وابنها وأصحابه والجيران والناس المسالمين، والدنيا كلها، وعلى وعلى أعدائى يا بوشفة؟! هذا السيناريو بحذافيره نعيشه فى مصرنا الصابرة الغالية: إن هناك لغتين تشيعان الآن بلسان الحال أو بلسان المقال: لغة سيد أبو شفة البلطجى المجرم الذى يقول بصراحة: مصر إيه اللى عايزينّا نهتم بيها؟ وعلشان إيه؟ وهل تستحق منا دمعة؟ المهم اللى فى دماغي، مزاجي، ومصلحتي، وشلتي، واللى يولع يولع، واللى يموت يموت! بلا مصر بلا زفت.. هى بتاعتنا؟ تلزمنا؟ المهم مصلحتنا يا باشا! المهم أجنداتنا وارتباطاتنا وأسيادنا البعدا اللى يستاهلوا صحيح.. مش تقول لى مصر! ولغة العقلاء الذين يقولون إن مصر فوق الجميع، وإنها أبقى وأخلد من طائفة، أو مجموعة، أو من معتقد، فلا يوجد مكان واحد، فى الكون كله، فيه معتقد واحد، ولم يتفق الناس على دين أبدًا يومًا من الأيام، ولا على خلق، ولا على قيمة (ولا يزالون مختلفين؛ إلا من رحم ربك، ولذلك خلقهم)، (ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سُقُفًا من فضة، ومعارج عليها يظهرون. ولبيوتهم أبوابًا وسررًا عليها يتكئون، وزخرفًا...). لم يتفقوا على دين زمن محمد صلى الله عليه وسلم النبى الكريم، ولا عيسى العظيم، ولا موسى الكليم، ولا إبراهيم الأواه الحليم، ولا نوح أبى البشر الثاني! لغة العقلاء الحريصين على مصر واستقرارها، والذين تضيع أصواتهم وسط جعير القنوات البغيضة، والكتاب المأجورين، والإعلاميين المستأجرين، والحزبيين المغاوير، والمال الطائفى الغزير.. يأيها المنفعلون الصارخون الضاجون: لم تكن مصر – طوال تاريخها - لدين ولا لجيل ولا لنظام ولا لحزب ولا لشخص، بل هى بوتقة تجمع هذا كله، وإن ظهرت فيها طائفة أو دين، أو مجموعة فى بعض حقبها! يأيها المنفعلون الصارخون الضاجّون: مصر شهدت ما لم يشهده بلد فى العالم كله من البركة – باستثناء مكة أم القرى وحدها – فإليها جاء أبو الأنبياء إبراهيم على السلام وزوجه السيدة الكريمة الطاهرة سارة، باحثين عن الميرة والمؤونة. وفيها شب موسى حتى بلغ أشده واستوى، ونبئ، وبلغ رسالة ربه الواحد تبارك وتعالى! وشاركه فى نبوته - فى مصر – أخوه الأكبر هارون عليهما السلام. ومنها تبوأ يوسف الصديق عليه السلام حيث يشاء، وآوى أباه النبى يعقوب عليه السلام، وإخوته الأسباط الفارين من المجاعة، وعاش ومات فيها عليه السلام! وإليها لجأت البتول الطاهرة مريم الصديقة عليها السلام هربًا بابنها سيدنا عيسى المسيح العظيم الذى تكلم فى المهد، و(قال إنى عبد الله آتانى الكتاب وجعلنى نبيًّا، وجعلنى مباركًا أينما كنت....). ومنها خرجت أم العرب ووعاؤهم الجينى هاجر عليها السلام من الفرما – عند بورسعيد الحالية – لتكون زوجًا أو سرية لإبراهيم عليه السلام، وتنجب له أبا العرب نبى الله إسماعيل عليه السلام، الذين نسل محمدًا سيد الأولين والآخرين، وآل بيته، والصحابة الكرام الميامين. ومنها خرجت السيدة الموحدة أم إبراهيم مارية القبطية التى ولدت للنبى صلى الله عليه وسلم ابنهما إبراهيم عليهم جميعًا السلام، وهى التى أرسلها مقوقس مصر هدية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كان الفتح وكانت أرمانوسة ابنة المقوقس قد سقطت أسيرة فى أيدى المسلمين، أمر سيدنا ابن العاص بإرسالها إلى أبيها فى حصن بابليون مكرمة؛ مع جميع ما معها، ردًّا لجميله. وفيها نشأت نصرانية توحيدية قبل فتح مصر كان راعيها آريوس الرسول، الذى كتب النبى صلى الله عليه وسلم عنه للمقوقس عظيم القبط فى مصر: (أسلم تسلم، يؤتك الله أجرك مرتين، وإلا فإن عليك إثم الأريسيين). مصر التى شهدت ارتفاع النصرانية، وعزة الإسلام، والعطاء الحضارى الباهر، وأنجبت العلماء الذين تفخر بهم الدنيا، والمفكرين النوابغ، والإصلاحيين العظام، والقادة ذوى الهمة.. مصر هذه لا ينبغى أن تكون مرتعًا لسيد أبو شفة، وحودة المفك، و(المجعراتية) الأُجراء، والبلطجية المفسدين فى الأرض.. • يأيها المصريون.. أفيقوا يرحمكم الله واجتمعوا على كلمة سواء.. • أو ابكوا دمًا بعد ذلك، واتركوا أبناءكم وأحفادكم وذراريكم يدفعون ثمن جبنكم، وقعودكم، واستسلامكم لبلطجة أبى شفة، ذى الكلام البذيء، والفهم البطيء، والوجه القبيح، واللحية الثائرة، والثياب الكالحة، والطائفية المقيتة! • خذوا على أيدى البلطجية، والمجعراتية، ونافخى نيران الطائفية، الذين عرتهم الأحداث، وكانوا مكشوفى العورات من قبل لمن يتأمل، لولا سكوت بعضنا، وتواطؤ بعضنا، وانتفاع بعضنا منهم ومن أموالهم وميكروفوناتهم الغبية.. • خذوا على أيدى فلول الضباع والثعابين الذين أصابهم السعار نتيجة انقطاع أرزاقهم الحرام، وفقدانهم سطوتهم التى قامت على السرقة، والنهب، والغش، والبلطجة، والترويع! • ارحمونا نهائيًّا من الفراعين السابقين، الذين يديرون الدنيا من السجن، ويحركون الفلول، ويدفعون الملايين، ويشعلون النار، وهم فى زنازينهم يأكلون الكافيار، ويشربون السيجار! • ارحمونا ممن يريدون أن يأخذوا ما لله، وما لقيصر، وما للناس، وما للأجيال القادمة لمليون سنة قادمة. • أرجوكم ارحموا مصر واحموها.. من أجل دنياكم وآخرتكم.