محمد خميس أحمد الشهير ب "موكا" ذلكم الشاب الذي اغتالته الأيادي الآثمة في عزبة سعد بالإسكندرية، شاب في الرابعة عشر من عمره، طيب القلب، حَسَن العشرة، دمس الخلق، يهوى حفظ القرآن ورياضة التايكوندو؛ خرج من مركز شباب سموحة برفقة اثنان من أصحابه، بعد انتهاء التمرين، فشاهدوا شاب وفتاة في وضعٍ مُخل، فقرر "موكا" على الفور أن يقدم لهما النصيحة وينهاهما عن الشر الذي وقعا فيه، وقد حاول أحد أصحابه إثناءه عن ذلك، إلا أنه صمم أن يقوم بواجبه، فذهب إليهما وقدم لهما النصيحة بأسلوب لطيف وأدب جمّ، إلا أن ذلك لم يرق للشاب والفتاة الذين تعرو من الحياء، وتجردوا من الأخلاق، فتعرضا ل"موكا" بالسب والشتم، وليت الأمر انتهى عند ذلك، بل أسرع ذلك الشقي إلى "عزبة سعد" وأحضر أكثر من 15 بلطجي، فقدِموا بحدهم وحديدهم معظمهم يحمل السلاح ما بين سنجة، ومطواه وأقلهم يحمل كتر، وشنوا على "موكا" وصاحبيه هجوماً أسوداً، فأصيب صاحباه بإصابات بليغة في أنحاء الجسد، وبقرت يد البلطجة بطن "موكا" وصالت فيه بأسلحتها الحادة وجالت، ولم تخرج يدها من بطنه إلا ومعها حياته، فلقي ربه شهيداً للأخلاق، وارتقت روحه إلى الواحد الخلّاق، دفاعاً عن الأخلاق في زمن ساءت فيه الأخلاق، وعزّ فيه المدافعين عن الأخلاق، ليفوز بصحبة رسول الأخلاق، صلى الله عليه وسلم. رحل الشهيد "موكا" في صمت، بعيداً عن حرب تدور رحاها على أرض مصر، في شوارع مصر وفضائيات مصر، وصحف وجرائد مصر، إنها "حرب الشهداء"، فأسم الشهيد هو العنوان، ودم الشهيد هو العدوان، والقصاص للشهيد هو الضرب بالنار والحديد، وحقوق الشهداء هي إلقاء المولوتوف وقتل الأبرياء، إنها حرب ضروس قذرة يُزج فيها بالشهداء، والشهداء منها براء. يقود هذه الحرب أقطاب من المعارضة السياسية المصرية ولا سيما "جبهة إنقاذ قلب الأسد"، ومعهم فلول مبارك، فيفتعلون الأزمات، ويصطنعون الأحداث الساخنة، ويزجون فيها بالشباب البريء، يُضرمون النار ويُقحمون الشباب فيها، وهم جالسون على الآرائك يتابعون، وعلى الشاشات يشاهدون، وفي التكييفات يخططون، وكلما هدأت الأحداث يؤججون، وكلما خبت نار الفتنة يشعلون، خيبهم الله آنّى يؤفكون. فارتفعت اللافتات بالتدريج فبدأت ب "حقوق الشهداء" ثم "القصاص للشهداء" إلى أن وصلت إلى "إما القصاص أو الفوضى" وانتهت بشعار أسود "الدم بالدم"، واحتدمت الأحداث وحمي الوطيس، وانتشرت الفوضى، وأُحرقت المؤسسات، ودُمرت الهيئات، وخُرب الاقتصاد، وسقط الجرحى والقتلى، وكل ذلك باسم الشهداء، والشهداء منهم ومن أفعالهم براء. إن استغلال دماء الشهداء لتحقيق مكاسب سياسية هو بمثابة أكل لحم الميتة، فتغذية الصراع بدماء الشهداء، والسعي إلى عدم استقرار الأوضاع، ورفض الحوار، يخفي وراءه أغراض وأهواء وأحقاد وأطماع، بعيدة كل البعد عن تحقيق أي مصلحة للشهداء أو أهالي الشهداء، فهل يُريح الشهداء إحراق الوطن؟!! وهل يُسعد أهالي الشهداء خراب البلد؟!! كلا والذي أقسم بالبلد ووالد وما ولد، فلا راحة للشهداء في الإحراق، ولا سعادة لأهالي الشهداء في الخراب. فكما ارتقى شهيد الأخلاق "موكا" في صمت، لنعمل جميعاً في صمت، ونبني بلدنا ونعلوا بشأنها، ولندع الشهداء وشأنهم، فهؤلاء ما ينفعهم وما يسعدهم هو دعوة مخلصة، أو عمل صالح يهدى ثوابه إلى أرواحهم. [email protected] أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]