لدىَّ موقفٌ صارمٌ من الأقلية المتمثلة فى جبهة الخراب، ولكنى أيضاً لا أضل نفسى ولا أغيبها عن الحقيقة، لذلك فإن اجتهادى فائقٌ بقدر ما يوفقنى إليه ربى، فى الرصد المحايد للحالة المصرية دومًا أو هكذا أظن، وإلا فسأكون الخاسر الأول من وجهة نظرى إن لم أفعل، فما يعنينى دومًا أن أتحاشاه هو تضليل النفس، فضلاً عما يعكسه ذلك من احترام للذات بالتأكيد وعدم تغييبها عن الحقيقة، ومن هنا فلا يمكن إغفال المطلب الوحيد العادل للمعارضة بل ولأغلب الفصائل السياسية عموماً، وهو مطلب صادف هذه الأقلية تحديدًا فى مشوارها «التلكيكى» كله، أقصد قانونًا عادلًا وشفافًا للانتخابات الپرلمانية القادمة، ورغم يقين المعارضة بل وكل المصريين أن بعد ثورة يناير لا يمكن لكائن مَن كان أن يُزور إرادة الناس، ومع ذلك فلو كنت من الرئيس لطالبت فوراً الاطلاع على ما أسمته هذه الأقلية بمشروع القانون الموازى الذى صاغته فى مقابل ما شرعه مجلس الشورى، ولوافقت على كل ما ورد به من موضوعية ولأخذته وأغفلت ما دون ذلك. حكم القضاء الإدارى المتعلق بهذا القانون أصابنى بحيرة، ولكنه أسعدنى باعتباره منحة إلاهية للخروج من إدارتنا العشوائية لهذا الشأن، ومعالجته بما يليق، ومن ثم فأتمنى أن يتعاطى معه الرئيس على نحوٍ مغاير ومنطلق كذلك، ويقينى أن إلغاء القانون القائم وسن آخر جديد، هو عمل يحقق غايات عدة، إن أشرف عليه «مديرٌ»، والمديرُ عندى سياسىٌ أيضًا ومسؤولٌ كذلك وأفقه رحبٌ بالتأكيد ورشيدٌ وبصيرٌ بالضرورة، وكفانا.. . الاقتصاد والإبداع فيه، هو كلمة السر، وهو المفتاح الذى أغفلته الأقلية، واختارت أن تظهر على الناس فى الشارع المصرى عبر التخريب، وهو ما عكس غباءها المستحكم، أما الأعجب حقًا فكان استدراجها الإسلاميين إلى مستنقعها الخائب طوال عامين كاملين أو يزيد!.. ترميم ما فعلته هذه الأقلية بالإسلاميين وبالإخوان على وجه الخصوص، يحتاج إلى «شغل»، مقوماته للأسف لا تتوافر لدى الإخوان المسلمين، والتجربة والعامين المنصرمين خير شاهد ودليل. الإخوان لديهم أفراد «استثنائيون» من هذا العوار الإدارى، ولكنهم غير مؤثرين فى المجموع، فهل يمكن التعويل عليهم وعلى أقران لهم فى بقية الفصائل الإسلامية، لكى ندرك «المشروع»؟ هذا ما حاولت العمل عليه طوال العامين وفشلت، فهل أدركه فى الأمتار الأخيرة، التى تسبق نقطة سياسية فاصلة؟ أتمنى على الله ذلك. كل شئون حياتك، العامة منها والخاصة، تحتاج إلى جهدك الفائق، ولكن مخرجاتك فى تعاطيك مع شئونك تتألق بعد مشيئة الله عبر إبداعك، فإن لم يتوفر لك الإبداع، فابحث عنه واستأجره أو اشتره، ولكن الأفضل على الإطلاق أن تسعى إلى تعلمه، صحيح أن الإبداع ملكة واستعداد، ولكن يمكنك أن تتعلم شيئًا صحيح أنه لا يساويه ولكنه يشبهه إلى حدٍ ما، ولكن عليك أولاً أن تتعلم إدارة وأن تجعلها نهج حياة. فشلك وارد باعتبارك بنى آدم، ولكنه تجربة أيضاً، تُستثمر فى مشوار النجاح إن كنت مديرًا، لكن استمرار فشلك، مرض يحتاج إلى علاج، إن كان يُرجى منك. الأمانى الزائفة، والهواجس المرضية، والأسر فى المشكلة والاستغراق فيها، أمور ثلاثة يخاصمها المدير، كما أن الاختيارات الجزئية التى تفتقر للرؤى الكلية، ضيق أفق لا يتصف به المدير أبدًا. والمدير لا يرتبك، كما يستطيع دائماً أن يعمل فى ظل الضغوط، ومن سمته كذلك العمل على التوازى، والقدرة على توظيف الغير وضبط معاونيه على رؤيته، والمدير الحق معاونوه كلهم مدراء، مهما تدنت وظائفهم، وكلهم مستشاروه، وكلهم بدون استثناء، لهم دورٌ بدرجة أو أخرى فى بلورة رؤاه. لنضع أمامنا كل ما سبق، ونقيم أنفسنا، ونقومها إن استطعنا، وإلا فلا نتحمل مسؤولية غيرنا، ومن ثم نجنبهم شرورنا، هكذا الأمانة. * فى ظل الحالة السياسية البغيضة والتى خلفت فترة انتقالية بالغة السوء ومازالت ممتدة إلى الآن، هل كان بالإمكان أن تقدم الحكومات المتعاقبة وحتى اليوم، جهدًا اقتصاديًا فى نطاقات معينة؟ نعم كان فى الإمكان، ولا عذر مقبول تحت عنوان «الأقلية المعوقة» وهى بالمناسبة مخربة كذلك وسيسجل تاريخ مصر كل جرائمها وعجزها عن اكتساب شعبية وكفرها بالديمقراطية التى أتت بغيرها، ومع ذلك فلا عذر لتخلفنا. * فى ظل قلة الإمكانات، هل كان من الممكن أن نعمل على تعظيم عوائد قطاعات بعينها فى الدولة؟ نعم كان بالإمكان، ولم تكن قلة الإمكانات عذرًا مقبولًا أبدًا، فى نطاقات بعينها. الخلاصة من وراء هذين السؤالين وإجابتيهما، أننا لم نكن نحتاج من المسؤول كل مسؤول، إلا أن يفكر ويدفع معاونيه إلى التفكر والتدبر مثله، أو أن يختار مَن يصلح لذلك، وأن ينفتح على مجتمعه الأهلى، وكان سيجد من المتطوعين لله ثم للوطن كُثُر، ولم يفعل. * الشرطة مؤسسة شبه عسكرية تحكمها ضوابط خاصة لا يمكن لمنتسبيها الخروج عليها وإلا تعرضوا لمساءلة صارمة، وما يحدث الآن فى جهاز الشرطة من إضراب واحتجاجات حتى لو كانت من قلة قليلة، يستوجب رد فعل حازماً وصارماً «وإن تأجل»، ولكن إلى ذلك الحين لا يمكن تأجيل تأهيل دفعة مؤهلات عليا للعمل الشرطى، وأخرى من المؤهلات المتوسطة للعمل كضباط صف، وفق نسق إدارى صارم يمهد لإعادة الهيكلة، اللهم قد بلغت مرارًا وتكرارًًا اللهم فاشهد. * أبداً لن أحبط بإذن الله، وسأظل أعمل بجهدى المتواضع على ملفين رئيسين، الأول الاقتصادى، والثانى «تأييف» العمل الإسلامى أو الاضطرار إلى تجهيز البديل الإسلامى/الإسلامى. * جبهة الضمير كفكرة، رائعة ومبدعة، أما تفعيلها وتحقيق مصداقيتها، فهو ما يحتاج فى الحقيقة إلى إبداعٍ فائق لتكون جامعة للتنوع السياسى المصرى ولو حتى بأعدادٍ قليلة، ثم لتقدم نموذجًا مجسدًا من العمل المتنوع على الأرض لا يمكن لمترصدٍ أن يؤوله مغرضاً. وبدورى فلن أستطيع أنا أيضًا، أن ألبى دعوتها الكريمة بإذن الله، إلا بعد أن أؤدى عملًا ابتدائيًا، ألزمت نفسى به. [email protected]