رأت صحيفة "ديلى تليجراف" البريطانية أن معطيات المشهد على الساحة العراقية كافية لإلحاق البلاد بركب الربيع العربي . وأشارت الصحيفة - في تعليق أوردته بموقعها الإلكتروني مساء اليوم السبت - إلى بعض هذه المعطيات ؛ من تظاهرات حاشدة ضمت عشرات الألوف من المتظاهرين ، ومخيمات تظاهر دائمة في مدينة الفالوجة "مقبرة الأمريكان" . ولفتت الصحيفة إلى ما يتردد كل جمعة في شوارع العراق من شعارات ، منوهة عن أن المجتمع العراقي ليس معروفا عنه مناصرة الحقوق المدنية ، سواء كانت حقوقه هو أو حقوق غيره من المجتمعات . وذكرت أن هؤلاء المتظاهرين إنما هم أبناء الطائفة السنية التي تعاني الآن حرمانا من حقوقها بعد فترة من التمييز إبان حكم الرئيس الراحل صدام حسين ، قبل سقوط البلاد في قبضة القوات الأنجلوأمريكية . وأوردت "التليجراف" اتهام متظاهري المذهب السني لحكومة نوري المالكي التي تهيمن عليها الشيعة بمعاملتهم كمواطنين من الدرجة الثانية ، مشيرة إلى أن هذا الاتهام كاف لإحياء نار الفتنة الطائفية النائمة بين الشيعة والسنة ، والتي دارت البلاد في حلقتها المفرغة على مدار الأعوام الستة الماضية بما خلف سقوط عشرات الآلاف من العراقيين ، وهو ما يثير قلق المراقبين من الدبلوماسيين الغربيين . وأوردت صحيفة "ديلى تليجراف" البريطانية اتهام المتظاهرين للحكومة العراقية باستخدام قوانين مكافحة الإرهاب القاسية - والتي طرحها الأمريكان للاجهاز نهائيا على مناصري صدام حسين -في اعتقال وحبس الأبرياء من أبناء المذهب السني ، بالإضافة إلى حجب المناصب الحكومية السامية ولا سيما بالقوات الأمنية عن أبناء هذا المذهب . وأشارت الصحيفة البريطانية إلى إنكار ساسة الشيعة لهذه الاتهامات ، قائلين بالحاجة إلى استمرار تطبيق القوانين المناهضة للارهاب ، وان أبناء المذهب السني إنما يتجرعون الآن مرارة الدواء الذي أذاقوه من قبل للشيعة إبان حكم البعثيين برئاسة صدام . وفي سياق متصل ، نقلت الصحيفة قول المالكي " إن المئات من الشيعة المسلحين أيضا يقبعون حاليا في السجون العراقية " . وأوردت الصحيفة إنحاء المراقبين الخارجيين بلائمة الاضطراب السياسي الحالي في العراق على المعارضة حين سمحت للمالكي باستغبائها في البرلمان . وذكرت الصحيفة في ختام تعليقها أن المناخ السياسي في العراق لا يزال مسموما ، واستشهدت بتقرير حديث صدر عن مؤسسة "مجموعة الأزمات الدولية" العالمية جاء فيه أن الأزمة العراقية إنما تأتي من عجز النظام الجديد عن التخلص من ثقافة نظام صدام حسين وممارساته القمعية وهى ثقافة يستولي الفائز فيها على كل شيء ، فيما يفقد الخاسر كل شيء .