حين تصبح الحرية التى نادت بها ثورة 25 يناير، والتى أصبحت حقيقة ماثلة فى متناول أيدينا، نمارسها فى بعض صورها عبر الانتخابات والاستفتاءات، ثم يأتى من يقول: إن المشاركة فى انتخابات البرلمانية 2013 خيانة للثورة، نعلم أن المناداة بالحرية وقتها كانت تعنى دكتاتورية من نوع آخر ولكن من منظور إبداعى يؤسس لاختراع جديد من الديمقراطية يسمى ديمقراطية العنف. وحين تهدد نساء بخلع ملابسهن فى ميادين عامة وإحضار بنات الآداب معهن إن لم يرحل مرسى توقن فعلا أن الثورة مستمرة، ولكنها تطور من أساليبها وآلياتها بما يناسب الظرف والمرحلة. حين يتم وضع شروط تعجيزية للحوار الوطنى من قبل البعض فى صورة إملاءات لا تقبل المناقشة، وفق الاتكاء إلى منطق الرضوخ أو الفوضى، يظهر لنا جليًا لماذا نحن نتقدم للخلف. وحين تستبدل دلالة كلمة الإنقاذ فى قواميس اللغة لتدل على الإفساد والإحراق والإغراق بدل النجدة والإغاثة تعلم أن اللفظة خرجت من رحم قواميس غربية وإقليمية لا تمت لمعاجمنا اللغوية بصلة. عندما تقرأ تصريحات البعض التى تذهب إلى أن مكتب الإرشاد أمر الإخوان بالتصويت لشفيق فى الجولة الأولى من الانتخابات من أجل سقوط حمدين صباحى، تتبين أن الوعى السياسى بعد الثورة عند البعض قد بلغ مداه، وأن الثورة تصنع الرجال ولكن على طريقة القذافى. حين يشفق عليك المعارضون ويقولون شعبية الرئيس تآكلت، وشعبية الإخوان تراجعت، وفى نفس الوقت لا يغتنمون الفرصة ولا يدفعون فى اتجاه تسريع الانتخابات ليحصدوا أغلبية داخل البرلمان القادم قبل أن تسترد الجماعة شعبيتها والرئاسة عافيتها تقول: ما أحلم هذه المعارضة، تترفع عن إنهاء الجولة مع الخصم بالضربة القاضية بعد إصابته فى حلبة المصارعة، ثم تتملكك الغرابة والدهشة حين ترى البعض لا يألو جهدًا فى إشعال الأجواء وتأييد العنف صمتًا، وشرعنة البلطجة سكوتًا، فتردد المثل المصرى الشائع: "أسمع كلامك أصدقك أشوف عمايلك أتعجب".